فى يونيو 2012، وفى مقابلة على قناة «أون تى فى» أجريتها مع القيادى الإخوانى كمال الهلباوى بعد إعلانه الانشقاق عن جماعته فى أبريل من ذات العام، سألته عن رأيه فى مقولة الشيخ الشعراوى التى أعلنها عام 1950 عقب انفصاله عن الإخوان بسبب عضويته بحزب الوفد، التى قال فيها: «كنت مسلماً قبل انضمامى لكم وسأظل مسلماً بعد تركى لكم». فأجابنى الهلباوى قائلاً إن الشعراوى شخص لم يتبقَّ منه شىء سوى بعض الأفكار والتفسيرات، أما الإخوان فتنظيم موجود بقوة فى 72 دولة يستطيع فرض رؤيته ونشر رسالته!!
يومها لم أدرك فقط خطأ مقولة وجود منشقين عن الإخوان، لكننى أدركت المعنى الذى أراد الهلباوى توصيله للمشاهد عن قوة الجماعة وتأثيرها ووجودها وهم يستعدون لإعلان مرسى وقتها رئيساً على مصر.
تذكرت تلك الواقعة وأنا أتابع خبر إعلان وزارة الداخلية الكويتية القبض على الخلية الإخوانية فى الكويت يوم الجمعة الماضى، وما لحقها من تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعى داخل الكويت عن كيفية دخول محكوم عليهم بالسجن فى قضايا إرهابية للكويت والحصول على تأشيرتها التى توصف بأنها قد تكون أصعب من تأشيرة أمريكا. أتوقف عند تصريح الكاتب الصحفى الكويتى فؤاد الهاشم لـ«سكاى نيوز عربية» أمس الأول السبت، حين قال إن المعلومات تشير إلى أنه «خلال الـ18 شهراً الماضية هرب إلى الكويت نحو 100 إلى 150 عنصراً إخوانياً مصرياً، ومن بينهم خبراء فى تفخيخ السيارات وإطلاق قذائف آر بى جى وغيرها من الصواريخ! وإن هؤلاء دخلوا تحت كفالة شركات ومؤسسات كويتية تملكها عناصر إخوانية كويتية».
نعم يعلم القاصى والدانى الحضور الإخوانى فى الخليج والمملكة العربية السعودية، حيث كانت ملاذاً فى الخمسينات من القرن الماضى لبعض منهم، بينما كانت أوروبا وأمريكا ملاذاً لبعضهم الآخر. فنشروا أفكار البنا ومن بعده سيد قطب، وعملوا وتزوجوا وأنجبوا وكوّنوا علاقات وتوغلوا فى مؤسسات تلك الدول وكوّنوا بها جمعيات خيرية كانت ستاراً لجمع أموالهم ونقلها وغسلها إن لزم الأمر. وفى الغرب، وعلى رأسه بريطانيا، كانوا حاضرين وبقوة بأمر المخابرات البريطانية وعلمها، وهى التى دعمتهم منذ عشرينات القرن الماضى لتفرّق ولتسد فى مصر. وهكذا انتشر الإخوان فى العالم، أو بتعبير أدق فى 72 دولة على حد تعبير كمال الهلباوى لى فى العام 2012، لا ليبتعدوا فقط عن أعين النظام المصرى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، ولكن ليؤسسوا أركان تنظيمهم انتظاراً للحظة ظنوا أنها حانت حينما طالت مصر مظاهرات يناير 2011 ووصلوا للحكم فى العام 2012. ولكنه كان ظن السوء، عليهم دائرة السوء.
المتابع لبيان الإخوان الصادر أمس الأول السبت حول خبر اعتقال تلك الخلية فى الإخوان ربما يتعجب من تلك اللغة التى أعلنوا بها بيانهم، مشيرين إلى ثقتهم بألا يتم تسليم الموقوفين لمصر! وأن المقبوض عليهم مواطنون مصريون دخلوا الكويت وعملوا بها وفق الإجراءات القانونية المنظمة لإقامة الوافدين بالكويت، ولم يثبت على أى منهم أى مخالفة لقوانين البلاد أو المساس بأمنها واستقرارها! وتناسى البيان كالعادة أن الموقوفين هاربون من أحكام قضائية إرهابية فى مصر وأنهم اعترفوا بجرائمهم عند القبض عليهم وفقاً لبيان الداخلية الكويتية.
بالطبع سيعنى تسليم هؤلاء لمصر الكثير، ليؤكد أنها قادرة على الحصول على حقها حتى لو كان يحيا بدعم التنظيم. كما سيزيد تسليمهم الخوف فى نفوس الكثيرين من الخونة الهاربين فى قطر وتركيا، وإن غداً لناظره لقريب.