لا حول ولا قوة إلا بالله، أصابت بعض إعلاميى بلادى حالة تحول لا إرادى تجاه المهندس إبراهيم محلب بعد إعلان خبر اختياره رئيساً للوزراء، من معجبين بالأداء الخاص به كوزير للإسكان، وكأبرز المنجزين فى حكومة الببلاوى، إن لم يكن الوحيد بينهم، على حد تعبيرهم، أى والله، ثم إذ كده فجأة ويا لطيف اللطف يا رب تحول «محلب» إلى رمز من رموز مبارك وعضو بالحزب الوطنى! وانطلقت أدوات الاستفهام تحلل وتندب وتقعر الكلمات، كيف وماذا وأين ولماذا مع التركيز على هيوااى!! وسبحان مغير الأحوال والقلوب والضمائر أيضاً. حيث لم نسمع كلمة عضو لجنة سياسات، وعضو حزب وطنى على شخص، مثل عصام شرف، أو هشام قنديل، أو حازم الببلاوى أو زياد بهاء الدين عند اختيارهم لمناصبهم!! وبغض النظر عن كل هذا أجدنى راضية -ربما للمرة الأولى منذ سنوات طويلة- لاختيار محلب رئيساً للوزراء، حيث يستقر فى ضميرى وعقلى احتياج بلادى فى هذه اللحظات لمسئولين تسلقوا السلم من أسفله درجة درجة واحتكوا بالشعب وطبقاته البسيطة، وتعاملوا معها فى تنفيذ المهام، والأهم نجاحهم فى أداء ما أوكل لهم من مهام فى السابق، وهو ما ينطبق على «محلب»، الذى وصفته بعفوية عند علمى باختياره رئيساً للوزراء أنه وزير «المونة» و«الأصعة»، أى أنه خبر بيده الشقا وعرف كيف يتعامل مع الفواعلية لإنهاء المشروعات، وربما شاركهم تناول ساندويتشات الفول من على «العربية» وتناول أكواب شاى «الخمسينة»، فلم يكن عمله مرتبطاً بالجلوس فى المكاتب المكيفة والتنظير من وراء الكتب. دون تقليل من شأن من كانت مهامهم تتطلب ذلك على الإطلاق، فرؤيتى المتواضعة تقول إننا بحاجة فى مصر اليوم إلى مسئولين حقيقيين خبروا مشاكل الوطن من قاعه، ومع احترامى الكامل وتقديرى لتعبير «نريد حكومة تكنوقراط» -وهى النخب المثقفة الأكثر علماً وتخصصاً فى مجالاتهم-، فإننى أرى أن نكبة مصر الحقيقية كانت فى تلك الحكومات التكنوقراطية، فالدراسة والنظريات شىء، والواقع شىء آخر، وقد أثبتت الأيام حجم الهوة بين الحكومات، وما كانت تراه وبين الشعب وما كان يتوقعه، وهو ما منح الشعب فى بعض الأحيان رؤية قد تفوق ببساطة رؤية المسئول فى حل المشكلات الحياتية والاقتصادية، نعم نحتاج للعلماء والأكاديميين بشدة، ولكن ليسوا كمتخذى قرار وقادة، ولكن كداعمين لعملية اتخاذ القرار بإمداد صاحب الشأن بالدراسات، والرؤى والنتائج المتوقعة فى حال اتخاذه أى قرار، وبدائل هذا القرار والتوقيتات المناسبة لاتخاذه، ففى أوروبا والدول المتقدمة يوفرون للرؤساء والوزراء مستشارين من عينة التكنوقراط بكفاءات محددة وصفات لا تنازل عنها. يضعون الصورة كاملة للقادة، ثم يتركون لهم مهمة اتخاذ القرار فى النهاية، ولذا ليس من مهمة الرئيس وضع الاختيارات ولكن اتخاذ القرار النهائى، وعلى هذا الأساس تتم محاسبته، ولذا لا أتمنى أن أرى وزراء تكنوقراط ولكن أتمنى أن أرى كفاءات نجحت فى مجالاتها.
* كلمة على الهامش:
شكراً لدكتور حازم الببلاوى -رغم مساوئ حكومته التى لم أكف عن نقدها- فقط لثباته فى موقعه دون تفكير فى الهرب والتخلى عن الوطن كما فعل البرادعى، شكراً.