انتهى البرلمان من إقرار قانون جديد للمحاماة، وثار حوله خلاف كبير ولم يرض أغلب المحامين، لا سيما بعد أن تم رفض إقرار حصانة للمحامى أثناء تأدية عمله ورفض إعفاء المحامين من ضريبة القيمة المضافة، كما شهدت الحوارات سواء داخل البرلمان أو خارجه بين جموع المحامين مناقشات شديدة وصل بعضها إلى تجاوزات وتلميحات واتهامات، وهو أمر متعارف عليه فى مناقشة أغلب القوانين، حيث دائماً ما تكون هناك جبهات تمثل مصالح متعارضة، فالتشريع أمر شديد الدقة، ويجب أن يحمى العديد من المصالح التى قد تتعارض. والحقيقة أن ما يحدث فى العالم من تطور تكنولوجى سوف يؤثر بشدة على كافة مناحى الحياة بما فيها التشريع، فقد كانت القوانين تسن لتظل عشرات السنين قبل التفكير فى تغييرها، لكن ما يشهده العالم اليوم من نسق سريع للتطور التكنولوجى من شأنه أن يؤثر بصفة مباشرة على طرق وأساليب التشريع عموماً، وممارسة مهنة المحاماة على وجه التحديد، وقد يصبح هناك حاجة لقانون جديد للمحاماة بأسرع مما نتخيل، فمهنة المحاماة من المهن التى ستتأثر بشدة من التطور التكنولوجى، وهناك ثلاثة اتجاهات، الأول تشاؤمى يرى أن المهنة سوف تتأثر بالسلب وربما تنقرض، والاتجاه الثانى يرى أنه سيطرأ عليها تغييرات على ممارسة العمل القانونى عموماً، سواء على مستوى المحامين أو حتى القضاة والمحاكم، الاتجاه الثالث أكثر تفاؤلاً يرى على العكس تماماً، أن المهنة ستتغير ولكن للأفضل إيماناً بأن الذكاء البشرى والحاجة لعمل المحامين أكثر تفوقاً من التكنولوجيا، وإن كان تعامل المحامين مع الدعاوى التى يباشرونها سيتغير خلال السنوات المقبلة ليتخذ أشكالاً وأساليب جديدة فى التعاطى يفرضها التقدم التكنولوجى، وأياً كان الاتجاه إلا أن هناك تحديات مستقبلية لا أرى القانون تطرق لها، وهناك مسئولية على النقابة بل وكليات القانون بضرورة الدراسة والتدريب على الإلمام بتقنيات الاتصال والتواصل الحديثة والرغبة فى التمكن من قواعد القانون الدولى الخاص وقواعد التحكيم التجارى الدولى والإلمام بقواعد التجارة الدولية وعقود الاستثمار وغيرها من فرص امتلاك ماهية الاختصاصات القانونية الحديثة، التى أصبحت تدار حالياً عبر وسائل التكنولوجيا، فقد بدأ التطور التكنولوجى ليمكن المستفيدين من الحصول على وثائق قانونية عبر الإنترنت، ما سيساهم فى تقليل مجالات تدخل المحامين، خاصة مع نشأة المنصات التنبؤية التى ستقدر على صياغة تنبؤات قرارات المحاكم من خلال سلسلة من معادلات متطورة، استناداً إلى فقه قضاء مخزن فى بيانات مفتوحة، ما سيمكن أجهزة الكمبيوتر من إجراء بحوث قانونية شاملة ودقيقة للغاية ستلغى العديد من المهن الموجودة فى المحاكم حالياً، وستؤثر على الأداء المهنى للمحامين والقضاة والمحاكم إجمالاً، فهل تعامل القانون مع هذه المتغيرات؟، لا أعتقد.