إذاعة القرآن الكريم.. إذاعة عظيمة وجليلة.. دورها لا ينكره إلا جاحد.. مثال حى للإعلام المتخصص المُبدع.. صاحبة رسالة.. وأول إذاعة للقرآن الكريم على مستوى العالم فكانت سُنة حسنة أنشأت على أثرها جميع دول العالم الإسلامى تقريبا إذاعة للقرآن الكريم.. هكذا كانت وستظل بإذن الله تعالى.. غير أن لى عدة ملاحظات أهمس بها فى أُذن أساتذتنا وعلمائنا القائمين عليها أرجو أن يتسع صدرهم لها قدر اتساع حبنا لهم..
قبل سنوات قليلة.. حاولت يد «البزنس» البغيضة أن تمتد إليها.. عندما قدمت إعلانات تجارية بهدف الربح المادى على برامجها، وتدخلت يد «النقد البنّاء» آنذاك لتُذكّرها بأنها صاحبة رسالة تُعلّم الناس شئون دينهم..
وأتذكر أن الأستاذ الكبير فهمى هويدى، كتب مقالا فى صحيفة الدستور، انتقد هذا الانحراف عن الرسالة.. وسمع القائمون على أمرها فيما يبدو رسالة الأستاذ هويدى، فاختفت ظاهره الإعلانات بلا رجعة، فشكرنا لهم ولأستاذنا.. الآن لدىّ نقد «بنّاء» أيضاً، وهو تسلل البرامج السياسية للإذاعة.. حيث لاحظت تنامى الرأى السياسى للإذاعة.. وبدأت تتبنى الصراع السياسى الدائر على السلطة.. بين التيار الإسلامى ومناوئيهم.. وهو أمر خطير.. لأن الإذاعة التى تحظى بحب واحترام الجميع بلا استثناء لا يجب أن تدخل فى مثل هذه «الصراعات» التى تُفرق أكثر مما تجمع.
الإذاعة ظلت بعيدة عن السياسة طوال عمرها وهو أمر محمود ربما كان سبباً فى الالتفات الجماهيرى الكبير من العالم الإسلامى حولها.. لا يجب أن تفقده بدخولها المعترك السياسى لتقف مع طرف ضد آخر.. العالم الإسلامى أحبها لدورها المتفرد.. دور لم يقم به أحد غيرها.. فى حين أن ما تُريد أن تقوم به الآن من تعاطيها السياسة يتناوله الجميع ولا ميزة فى ذلك..
تفرّد إذاعة القرآن الكريم يجعلنا نطالبها بالاستمرار فيه لأن لعبة السياسة لا يجب أن تنال منها.. ولا يليق برسالتها العظيمة.. هذه ليست دعوة لفصل الدين عن السياسة.. بالعكس.. اللاعبون السياسيون هم المعيبون.. فلا يجب أن تلعب لأحدهم.. وإليكم هذا المثال كخير دليل عن ضرورة أن تبتعد إذاعتنا المحبوبة عن الصراع السياسى.. قبل أربعة شهور رفضت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة أن تقترض حكومة الجنزورى قرضاً من البنك الدولى.. كان ذلك فى إطار الصراع بين الجماعة والحكومة.. لأن الجماعة كانت تريد أن تشكل الحكومة.. يومها انبرت الإذاعة فى تعضيد وجهة نظر الإخوان بأن القرض حرام وأنه ربا وأن ما يربو عند الناس لا يربو عند الله.. سارت على خطى الجماعة..
وقبل أيام، وافق رئيس الدولة ومن ورائه جماعته على قرض البنك الدولى.. فخرجت أصوات تهاجم الجماعة على موقفها الرافض فى الماضى والموافق فى الحالى.. فوجدت الإذاعة تستخدم ضيوفها ومذيعيها الأجلّاء بالقول إن القرض جائز فى الضرورات وأن «فقه الواقع» يقبله.. فهل هذا يليق؟