"الجهاز السرى للنهضة".. مصير معلق بعد وفاة "السبسى".. وتوقعات بحفظ الملف قضائياً
مظاهرات غاضبة ضد الإخوان بعد اغتيال «البراهمى وبلعيد»
أثارت وفاة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، الذى وُصف كثيراً بأنه «رمانة الميزان» بين القوى السياسية وصمام الأمان أمام مساعى الإخوان للهيمنة على الساحة التونسية، القلق حول سعى حركة النهضة الإخوانية لتكرار تجربة «أخونة الدولة والسياسة التونسية»، خاصة فى ظل امتلاكها جهازاً سرياً لاستهداف المعارضين لا يزال ملفه القانونى أمام القضاء وجهات التحقيق التونسية، لكن ذلك لا يمنع متانة علاقات «النهضة» مع أنقرة التى تراهن عليها بعد فشل مشروعها فى مصر وقرب نهايته فى تونس.
وارتبطت وفاة «السبسى» بإثارة الجدل مجدداً حول مصير قضية الجهاز الخاص لحركة النهضة، ليس فقط من زاوية ارتباط الرئيس بمتابعة هذه القضية مباشرة مع لجان التحقيق والأجهزة المعنية، خاصة بعد لقاءاته مع محامين من أعضاء هيئة الدفاع عن الناشطين اليساريين المغتالين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، المتهم باغتيالهما الجهاز السرى لحركة النهضة التونسية، وتثير وفاة السبسى القضية من جديد بعد تصريحات نواب من حزبه «نداء تونس» حول تعرض الرئيس للتسمم، بعد تهديده بكشف قضية التنظيم السرى للنهضة، كما سبق أن أعلن الرئيس التونسى الراحل عن تلقيه تهديدات من حركة النهضة، بعد لقائه هيئة الدفاع عن الناشطين.
وكانت النائبة عن «نداء تونس»، فاطمة المسدى، قد طالبت بكشف الملف الصحى للرئيس الراحل الباجى قايد السبسى بعد حديث عن تعرضه للتسمم، خاصة أنه سبق أن أعلن عن تهديدات تلقاها من حركة النهضة بعد تعهده بالكشف عن «الجهاز السرى».
الرئيس الراحل قطع خطوات واسعة لحسم قضية الشهيدين المغتالين "بلعيد والبراهمى".. وأرملة شهيد تعلن خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة
وأولى الرئيس التونسى ملف التنظيم السرى لحركة النهضة اهتماماً خاصاً فى اجتماعات أمنية رفيعة المستوى، وعلى رأسها اجتماع مجلس الأمن القومى التونسى، ما جعل حسم تلك القضية وعودة حق الشهيدين المغتالين «مسألة رئاسية» من الدرجة الأولى، ما يرجح احتمال أن يبقى الملف حبيس الأدراج لحين انتخاب رئيس جديد لتونس، أو أن يذهب أدراج الرياح إذا وصل رئيس متصالح مع حركة النهضة، أو من الجماعة التى أعلنت نزولها بمرشح رئاسى، كما يمكن أن يظل الملف معلّقاً فى القضاء.
كانت بسمة الخلفاوى، أرملة المعارض التونسى الراحل شكرى بلعيد، قد أعلنت ترشحها للانتخابات البرلمانية لمواصلة مسيرة زوجها الراحل، مؤكدة متابعة التحقيقات عن تورط الجهاز السرى لحركة النهضة باغتيال بلعيد.
وبدوره، يرى الباحث ماهر فرغلى، المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، أن راشد الغنوشى المرشد أصبح هو المرشد الفعلى لجماعة الإخوان، ليس فقط فى تونس ولكن ضمن دور أكبر لحركة النهضة فى شمال أفريقيا بالتعاون مع تركيا.
يقول فرغلى: «حركة النهضة تضطلع بدور كبير فى تونس وشمال أفريقيا، وتقوم باستراتيجية مختلفة عن الصور التقليدية الإخوانية التى تعتمد على الإسراع بالهيمنة على المشهد كما فعلوا فى مصر، فالإخوان فى تونس يتبعون أسلوباً مرحلياً فى السيطرة على المشهد التونسى خلال 7 سنوات من الآن، بعد أن استفادوا من المناخ الليبرالى فى تونس فى أعقاب الربيع العربى».
ويؤكد محمد حامد، الباحث فى الشئون التركية، لـ«الوطن» أن العلاقات القوية بين حركة النهضة والتنظيم الدولى للإخوان، جعلت منه أقوى الفروع الإخوانية المشاركة والطامحة فى السلطة فى تونس، وتخشى من الانقضاض عليها بتحريض من خصومها فى الإقليم بعد تراجع تنظيم الإخوان فى المنطقة كلها، ويتابع: «الفراغ العلمانى الذى تركه رحيل الرئيس السبسى قد يدفعهم باتجاه الهيمنة على المشهد التونسى، ولكنها تخشى من غضب خصومها فى تونس والإقليم إذا سيطرت على السلطة تماماً، خاصة فى ظل مشاعر العداء تجاه الحركة على المستوى الإقليمى، نتيجة إساءتها لعلاقات تونس بالعديد من البلدان المناوئة للإخوان».
وشهدت العلاقات التونسية التركية توتراً بعد وفاة الرئيس التونسى عندما ظهر هجوم حاد من جانب العديد من القيادات الإخوانية المقيمة فى تركيا، وعلى رأسهم القيادى الإخوانى وجدى غنيم، الذى هاجم الرئيس الراحل وقام بتكفيره ووصفه بأنه «عاش عدواً للشرع»، ما جعل الجانب التونسى يطالب تركيا برفع حق الإقامة عنه، بعد قرار من وزارة الخارجية التونسية بمنعه من دخول البلاد.
من جانبه يوضح المحلل السياسى التركى جواد غوك، أن النظام التركى يتعامل مع المنطقة العربية وفق مصالحه الأيديولوجية الضيقة وعلاقة أردوغان بجماعة الإخوان، وليس من منطلق المصلحة الوطنية لتركيا ولا حتى المصالح الحزبية، ويعتبر «غوك» أن هذا التحالف بين أردوغان والأحزاب التابعة للإخوان وعداءه لبقية الأطراف، جعله فى عداء مع الجميع وأمام علاقات سيئة مع معظم دول المنطقة العربية، بسبب تصميمه على دعم جماعة الإخوان والمراهنة عليها، فى وقت تواجه فيه الجماعة رفضاً فى مختلف دول المنطقة.