آليات حماية الطفل: "اتفاقية 1989 والتزامات باريس وحفظ السلام والجنائية الدولية"
تجنيد الأطفال فى اليمن
الأطفال هم الفئة الأقل قدرة على حماية أنفسهم زمن النزاعات المسلحة الدولية منها والأهلية، وتؤثر الصراعات على الأطفال بطرق مختلفة، فالعديد منهم يتعرضون لعمليات الاختطاف والتجنيد العسكرى، والقتل، والتشويه والعديد من أشكال استغلال الأطفال.
فى عام 1989، أقرّ زعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى اتفاقية خاصة بهم، وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل هى الصك القانونى الدولى الأول الذى يلزم الدول الأطراف من ناحية قانونية بسياسات احترام حقوق الطفل، وتحمى الاتفاقية حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء المصالح الفُضلى للطفل، وتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة فى: عدم التمييز، تضافر الجهود من أجل مصلحة الطفل، والحق فى الحياة، والحق فى البقاء، والحق فى النماء، وحق احترام رأى الطفل.
وقد تقرّرت معايير الاتفاقية وبنودها عبر حدوث مفاوضات استمرت لأكثر من 10 سنوات بين حكومات الدول، والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى أنصار حقوق الإنسان، والباحثين الاجتماعيين، والمحامين، وعلماء التربية، ومسئولى الصحة، واختصاصيى تنمية الطفل، والزعماء الدينيين من مختلف أنحاء العالم، كما يمثل الالتزام بمبادئ وقواعد القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان ذات الصلة واتفاقيات جنيف لسنة 1949 والبروتوكولان المكملان، ضمانة لحماية حقوق الطفل.
أهم البنود: منع تجنيد الأطفال وتحرير المجندين منهم وتحديد جزاءات على مستغلى الأطفال وإعادة دمج الذين تم تجنيدهم
وتم اعتماد وثيقتى «مبادئ باريس» و«التزامات باريس» خلال المؤتمر الذى نظمته فرنسا بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، «يونيسيف»، فى عام 2007 بعنوان «تحرير الأطفال من الحرب»، وفى السنوات العشر الماضية، أقرّت مائة وخمس دول هاتين الوثيقتين، حسبما ذكر الموقع الرسمى لوزارة الخارجية الفرنسية، وتعلن الدول الموقّعة على هذه الوثيقة عن استعدادها لتحديد الحلول المستدامة لمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم بصورة غير مشروعة فى النزاعات المسلحة وإنفاذ هذه الحلول.
وتتضمن الوثيقة تحديد أهداف عدة، ومنها: «منع تجنيد الأطفال فى القوات المسلّحة، وتحرير الأطفال المجنّدين فى الجماعات المسلّحة، وتحديد الجزاءات المفروضة على الأشخاص الذين جنّدوا أطفالاً بصورة غير مشروعة، وتحديد طريقة التعامل مع الأطفال المجنّدين أو المستخدمين فى جماعات مسلّحة، الذين يجدون أنفسهم محرومين من حريّتهم، وإعادة إدماج الجنود الأطفال، تأكيد ضرورة التمويل المبكر والكافى للسماح بإعادة إدماج هؤلاء الأطفال بصورة كاملة وفاعلة فى الحياة المدنية».
فى كثير من البلدان المنكوبة بالصراعات، تكون بعثات حفظ السلام هى الفاعل الأكبر على أرض الواقع، وبالتالى تكون مساهمتهم أمراً حيوياً لحماية الأطفال، بحسب الموقع الرسمى لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وقد تناول مجلس الأمن هذه المسألة منذ عام 1999 وتم إدراج حماية الأطفال فى حالات الصراع ضمن ولاية عمليات حفظ السلام منذ عام 2001، وساعدت عمليات حفظ السلام فى العشر سنوات الماضية على الإفراج عن آلاف الجنود الأطفال، كما ساعدت فى جهود الإصلاح التشريعى.
وتتفق بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام مع الجماعات المسلحة على خطط عمل لوقف الانتهاكات التى يتعرض لها الأطفال، وفى الآونة الأخيرة تم اعتماد خطط عمل فى جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ووقعت الأمم المتحدة على اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، لمنع تجنيد الأطفال دون سن 18، وعدم استخدامهم فى الأعمال العسكرية.
فى جميع أنحاء العالم، يتم تجنيد آلاف الفتيان والفتيات فى القوات المسلحة الحكومية والجماعات المتمردة للعمل كمقاتلين وأعمال أخرى، كما يتم تجنيد الفتيات لأغراض جنسية أو للزواج القسرى، ويتم تجنيد العديد منهم قسراً، رغم أن البعض ينضمون نتيجة لضغوط اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وتؤدى ظروف النزوح والفقر إلى أن يصبح الأطفال أكثر عرضة للتجنيد.
وتعمل «اليونيسيف» على إطلاق سراح الأطفال من القوات والجماعات المسلحة فى أقرب وقت ممكن، حتى أثناء النزاعات المسلحة، ومساعدتهم على العودة إلى أسرهم. وأثناء ذلك، تدعم «اليونيسيف» الخدمات التى تعنى بالصحة والرفاه البدنى والنفسى لهؤلاء الأطفال، وتزودهم بالمهارات الحياتية وتشركهم فى أنشطة إيجابية لمستقبلهم، بما فى ذلك التعليم والمهارات المهنية والتدريب على سبل العيش. وقد تم اعتماد نهج مجتمعى يشمل تقديم الدعم للأطفال الضعفاء الذين تضرروا بشدة من جراء الصراع، بحسب الموقع الرسمى للمنظمة.
ومن المفترض أن تضطلع المحكمة الجنائية الدولية بمسئولياتها القانونية تجاه الضحايا، خاصة الأطفال، ويعتمد النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية على المحاكمة فى جرائم جنائية دولية ضد حقوق الطفل، خاصة إدراجها التجنيد الإلزامى أو الطوعى للأطفال دون سن الخامسة عشرة أو استخدامهم للاشتراك النشط فى الأعمال الحربية بوصفه جريمة حرب.