بظهر مُنحنٍ، يقف أمام إبريق العرقسوس المعدنى، الذى أصبح غير قادر على حمله، ينادى على الزبائن بلهجته الصعيدية المميزة، متمنياً بيع الكمية التى أحضرها سريعاً، والعودة إلى منزله مجبور الخاطر، غير متكبد لأى خسارة. على طاولة خشبية صغيرة، يسند صابر منصور، الإبريق، الذى يزن 50 كيلوجراماً، بعد أن كان يعتاد حمله والتنقل به من منطقة السيدة زينب حتى حوارى باب الشعرية سيراً على قدميه، قبل أن تشتد عليه آلام الظهر: «معدش فيّا حيل أشيل حاجة، لكن لازم أنزل بالعرقسوس وأشتغل، عشان أجيب قوت عيالى، فقررت أقف فى مكان معين بالمشروب وأبيع للناس».
مهن عديدة مارسها صاحب الـ59 عاماً، بمختلف المحافظات بحثاً عن لقمة العيش، حتى انتهى به الحال كبائع عرقسوس متنقل، حيث يصف منتجه بمشروب الملوك، والذى يصعب غشه، ويعتمد عليه فى الإنفاق على بناته الأربع، فلا يزال يسدد أقساط شراء مستلزمات زواج إحداهن بعد عام على الزفاف.
ينتظر «صابر» مجىء فصل الشتاء حتى يستغنى عن شراء ألواح الثلج اليومية: «فى الصيف لازم كل يوم أجيب لوح تلج بـ14 جنيه، وألفّه ببلاستيك عشان ما يسحّش بسرعة فى الحر، لكن فى الشتاء المشروب بيسقع ربانى، ولسه فاضلى بنت هجوزها ربنا يعينى عليها».
لم يتخل «صابر» عن ملابس بائع العرقسوس التقليدية، التى يشتريها من أماكن مخصصة بحياكتها بمحافظتى سوهاج والإسكندرية، متمنياً أن يتقاضى معاشاً يساعده على المعيشة بجانب مهنته فى بيع العرقسوس: «نفسى أى مسئول يوفر لى معاش أو حتى كشك يرحمنى من شيل العرقسوس على ضهرى».
تعليقات الفيسبوك