تعليقاً على أحد مقالاتى كتب قارئ فاضل على موقع جريدة «الوطن» يسأل: هل جماعة الإخوان كلها سلبيات؟ أليس فيها إيجابيات؟ والباحث المنصف عليه ذكر الإيجابيات والسلبيات؟ والحقيقة أن كل تجمع بشرى لا بد أن فيه إيجابيات وسلبيات، وذكر الإيجابيات دون السلبيات أو العكس، يفقد الكاتب مصداقيته، إلا أن الأمر يختلف فى حالة تيارات الإسلام السياسى، والإخوان نموذجاً، ذلك لأنها جماعة ليس فيها أى إيجابيات، لسبب بسيط جداً، وهو أن أى إيجابية لها هى فى حقيقتها ستنتهى بك إلى خدمة التنظيم، وإلا سيأتى باحث ويحدثك عن الجانب المضىء فى داعش، من أنهم يُصلون، ويصومون، ويحفظون القرآن!!
جماعة الإخوان دعت الشباب إلى الاجتماع فى بيوت الله لحفظ القرآن، ومدارسة السيرة النبوية، ولا شك أن الاجتماع لحفظ القرآن ومدارسة العلم تحفه الملائكة بالرحمات، لكن هذه وإن كانت مزية فى ظاهرها، لكنها سلبية عند الإخوان، لأن هذا العمل انتهى بهم لأن ضموا حفظة القرآن للتنظيم، وجعلوهم فى خدمة الجماعة، وفى أقل الحالات خلقوا منهم متعاطفين مع قضاياهم وقراراتهم، ولذا يستحيل أن ترى شخصاً حفظ القرآن على أيديهم، ثم هو بعد ذلك يرفض فكر الإخوان، ويراه فكراً منحرفاً!!.
قلت هذا الكلام للقارئ فاقتنع، إلا أنه رأى أن موقف الإخوان من قضية القدس هى من الإيجابيات التى لا تصب فى مصلحة الجماعة!! قلت له: قضية القدس من أوضح القضايا التى تثبت تلاعب الإخوان بثالث الحرمين لمصلحتهم، وما تصريح الدكتور الريسونى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين -التابع للإخوان- ببعيد.
الريسونى (دعا منذ أيام لزيارة القدس، ودعم المقدسيين مادياً ومعنوياً، وأنه ليس كل من زار القدس مطبّعاً)، والدعوة لزيارة القدس فعلها فضيلة الدكتور «على جمعة» -وكان مفتياً للجمهورية-، وكذا الحبيب «على الجفرى»، وقد زار الاثنان المسجد الأقصى، يومها انتفضت «الإخوان»، وقامت مظاهرات صاخبة، وحوصرت دار الإفتاء، ورفع الإخوان عقيرتهم بالبذاءة، وأن هذه الزيارة خيانة عظمى للأمة وللأزهر، وعلى مدى أسابيع انتفض شبابهم، مطالباً بعزل المفتى، ومحاسبته، وأن العار لحق بالأزهر كله وبدار الإفتاء، فماذا كان رد الإخوان على الريسونى؟! كان رداً هادئاً ليناً لطيفاً وبالراااحة خااااالص اعتبروا كلامه رأياً شخصياً!!، انظر إلى الليونة هنا والسفاهة هناك، وانظر إلى الحنان واللطف هنا والصخب والضجيح هناك، لتكتشف أن قضية القدس عندهم هى أيضاً لتزييف الوعى، والتلاعب بالعقول، وإن لم يكفك دليلاً المقارنة الماضية فإليك الآتى:
وزير الخارجية التونسى السابق «رفيق عبدالسلام» القيادى الإخوانى فى حركة النهضة، وصهر «راشد الغنوشى»، شارك فى مؤتمر احتضنته قطر بمشاركة قيادات من الحكومة الإسرائيلية فى نوفمبر 2017، كما ظهر فى صورة مع «أرئيل مرغاليت» وهما يجلسان جنباً إلى جنب، أيضاً فإن «الغنوشى» فى كلمة ألقاها فى معهد «أيباك» الأمريكى أكد على ضمان حركة «النهضة» استمرار العلاقات بين تونس وإسرائيل، وقال: «النزاع الإسرائيلى - الفلسطينى يخص الفلسطينيين والإسرائيليين أكثر من غيرهم، وأنا معنى بتونس، وبرنامجنا الانتخابى لا يتضمن أى إشارة إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، والمفروض ألا يتعرض الدستور سوى للسياسات الطويلة التى تؤثر فى تونس، والنزاع العربى الإسرائيلى ليس واحداً منه، ولا ينوى أى حزب تونسى قطع العلاقات مع إسرائيل»!!
وتصريحات الغنوشى هذه قابلها الإخوان بالتجاهل والسكوت، ولن أذكر لك موقف الإخوان من إسرائيل فترة حكمهم، لتعرف أنه حتى قضية القدس عند الإخوان ليست إيجابية لنذكرها، بل مدخل جديد من التنظيم لتزييف الوعى.