المواجهة الإعلامية والتصدى لهجمات إعلام العدو أمر جيد.. إلا أن خطوة مهمة تسبق ذلك ينبغى إنجازها وبلا تردد وبلا تأخر.. تطعيم المصريين بالوعى.. وما سيجرى هنا ينبغى أن يتم فى بلادنا العربية المستهدفة فى أغلبها المحيط الحيوى لمصر ومصر صمام الأمان للجميع..
حتى الآن لم تكتمل فكرة استهداف مصر ومحيطها عند الكثيرين.. وحتى الآن لم تستقر بشكل نهائى فى عقول الكثيرين.. وحتى الآن لا نواجه المؤامرة جماعة كما يهاجموننا جماعة.. وحتى الآن لا نتعامل مع المؤامرة على بلادنا ككل متكامل متصل غير منفصل.. ربما تجد الدولة الرسمية حرجاً فى إعلان ذلك لأسباب مختلفة ودورنا أن نكمل ذلك نحن القوى السياسية والإعلامية غير الرسمية..
بغير مقدمات طويلة نسأل: ما حجم أو مساحة معرفة طلابنا وتلاميذنا بمعاهدات وتقسيمات «سايكس بيكو» القديمة؟ على الأقل لكى يفهموا ما نعنيه عندما نحدثهم عن «سايكس بيكو» الجديدة!! والسؤال الآخر: ما حجم أو مساحة معرفة طلابنا بجرائم العثمانيين فى مصر؟ كم عدد ضحاياهم فى وطننا العربى؟ ولماذا رحب البعض فى الشام وسوريا بالإنجليز والفرنسيين هرباً منهم وللتصدى لجرائمهم؟ ما حجم ومساحة معرفة طلابنا وتلاميذنا بالجغرافيا.. جغرافية مصر، حتى إذا حدثناهم عن باب المندب وقناة السويس ومخاطر الأمن على مصر وأهمية امتلاكنا لأسطولين أحدهما فى البحر المتوسط والآخر فى البحر الأحمر يعرفون ماذا نعنى وسيفشل أى شيطان أن يقنعهم بعدم جدوى التسليح الجيد.. وهكذا؟!
نتصور أنه لم تعد فرص الانتظار كثيرة لكى تتأخر وزارة الثقافة فى وضع خطة شاملة ليس لنشاط داخل الأوبرا والهناجر ولا حتى فى مسارح الدولة بالعتبة ولا قصر العينى ولا على كورنيش المنيل.. إنما خطة ليصل ما يقدم فى هذه الأماكن إلى القرى والريف المصرى كله فى الدلتا والصعيد ومدن القناة وأطراف مصر الممتدة من البحر الأحمر إلى الوادى الجديد إلى مطروح.. وإن لم يتيسر انتقال العروض والفنون والمعارض فلينتقل الكتاب.. فلندعم المسرح المحلى فى هذه المحافظات ومن عواصمها ومدنها الكبيرة إلى قراها وكفورها ونجوعها.. نأمل فى رؤية مسابقات عن أجمل قصة عن قضايا مصر الحالية ومسابقة عن أجمل قصيدة عن شهداء مصر وعن أجمل لوحة عن إنجاز مصرى وعن أفضل عمل مسرحى عن فكرة تربط نضال المصريين فى الماضى بالحاضر والمستقبل!
ليس أمامنا رفاهية الانتظار لإحداث انتفاضة داخل التعليم الأزهرى وبالدورات التثقيفية بوزارة الأوقاف.. نعم هناك خطوات تمت فى هذا الاتجاه لكننا نريد الوصول للتطوير المثالى أو حتى شبه المثالى الذى يقفز خطوات وليس يمشيها.. نتطلع للخطيب المستنير الذى يتخلى عن خطب التهديد والوعيد، بل نتطلع إلى خطباء يبرزون نصيب الإنسان من الدنيا وهو كبير فى كتب الله المقدسة وكلها تدعو بل وتحرض على حب الخير وفعل الصالحات وتعلى من قيمة الإنسان وعمارة الأرض وتجويد العمل وأهمية أكل العيش الحلال من كد اليد وعرق الجبين ومعنى حب الوطن والدفاع عنه واليقظة ضد أعدائه.. وفى قيم الأديان حب الآخر واحترام الإنسان الذى كرمه الله.. ولو أن هذه المعانى مستندة إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة الصحيحة انطلقت من فوق كل منابر مصر لوصلنا بسرعة كبيرة للمجتمع الذى نريده!
فى وزارة الشباب رفع قيمة اشتراكات العضوية بمراكز الشباب ليس صواباً.. إننا نريد توجيه الشباب ناحية التجمعات الصحيحة والصحية لهم وليس إبعادهم عنها.. مراكز الشباب فى القرى أولى منها فى المدن.. لأنه ربما لا يوجد من مظاهر الخدمات الحكومية غيرها.. وربما لا يوجد من ساحات إطلاق الطاقات الشبابية غيرها.. بينما فى المدن إن لم يوجد مركز الشباب وجد قصر أو بيت الثقافة وهكذا..
ليس معنى ذلك إهمال مراكز شباب المدن.. لا نقول ذلك.. وإنما نقصد عملية ترتيب الأولويات فى المعركة المتسارعة مع الإرهاب والأفكار المتطرفة ومجمل الأفكار السلبية!
كل ما سبق يتم بشكل أفقى من الوزارات إلى امتداداتها بالمحافظات ويتبقى العمل بشكل أفقى من كل محافظ داخل محافظته.. ورغم أننا قلنا ذلك وقت نجاح مؤتمر الشباب الدولى وتمنينا نشاطاً شبابياً محلياً موازياً فإن رد الفعل لم يكن كما تمنينا!
الآن نقول إن التنسيق الحكومى تجلى على أروع ما يكون فى مبادرة «القرى الأكثر احتياجاً»، وبالتالى فهو ممكن فى قضايا أخرى.. فهل هناك قضية أخرى أهم من مواجهة الإرهاب، ومحاربة التطرف؟ هل هناك معركة ينبغى أن نبدأ بها الآن وفوراً أهم وأشرف من معركة الوعى؟ لا نعتقد..
الإنسان المؤسس بشكل صحيح.. المثقف.. الواعى.. الملم بقضايا أمته.. المطلع على تاريخ بلده وتضحيات أجداده من أجل وطنهم من «عرابى»، إلى الضباط الأحرار، إلى تأميم القناة، إلى الاستنزاف، إلى أكتوبر العظيم، لا يمكن العبث بعقله ولا توجيهه.. ولذلك يحق الآن أن تختفى من حولنا كل الأصوات السلبية التى تقدم مادة محبطة للناس.. نريد باختصار شديد أن يتثقف الناس ويحبوا بلدهم.. واسرع طريقة لمحبة الوطن هو أن يجد الناس فيه حقوقهم أو بعض حقوقهم.. والدولة وفرت الكثير وتتبقى طريقة وشكل وصوله إليهم..
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد..