"الوطن" تكشف التقصير فى الإشراف على "المبردات".. كولديرات المياه فى الشوارع ممنوع الاقتراب
10:04 ص | الخميس 12 سبتمبر 2019
أحد الأطفال يشرب من أحد الكولديرات
كوب مياه مثلج فى يوم صيفى حار كان سبباً فى إنهاء حياة زياد حاتم، راح ابن الـ10 سنوات ضحية الصعق الكهربائى، حتى قبل أن يرفع كوب الماء إلى فمه، كان التيار الكهربائى الموصول بمبرد مياه فى أحد شوارع مدينة طلخا بمحافظة الدقهلية أسرع من البرق، سحب حياة الصغير فى ثوانٍ معدودة، وتركه جثة هامدة ملقاة على رصيف الطريق العام، وكأنه لم يكن.
والد الطفل المتوفى بطلخا: "لو كان الكولدير بيتعمل له صيانة ماكانش ابنى راح.. وماينفعش أعمل خير وأأذى بيه الناس"
تفاصيل وفاة «زياد» يرويها والده حاتم الزينى، 37 عاماً، دكتور صيدلى، ظهر «حاتم» مُتماسكاً، يتذكر أحداث يوم رحيل نجله جيداً كما لو أنه لم يقع قبل عام تقريباً، يقول بنبرة حزينة: «ليلة الحادثة كان زياد نايم فى حضنى أنا ووالدته، ولما صحينا من النوم اتكلمنا مع بعض شوية، ومكنتش أعرف إنها المرة الأخيرة»، عقب انتهاء الحديث بينهما تركه «حاتم» فى الصباح مُتجهاً إلى الصيدلية التى كان المقرر افتتاحها فى اليوم التالى، «الساعة تمانية ونص بالليل اتصلت عليا أم زياد، وقالت لى سيب كل اللى فى إيدك عشان زياد اتكهرب فى الشارع وفى المستشفى دلوقتى»، ترك والد «زياد» الصيدلية وذهب مُسرعاً إلى مستشفى طلخا المركزى، ولكن «زياد» كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، «لو كان الكولدير بيتعمله صيانة دورية مكانش ابنى راح منى». حادثة الصعق التى تعرض لها «زياد» ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، إذ تكثر حالات الصعق المماثلة لأطفال أبرياء يسكنون مختلف محافظات مصر خلال فصل الصيف من كل عام، وهو ما تكشفه «الوطن» خلال هذا التحقيق، فى ظل تقصير المحليات، مُتمثلة فى المحافظ ورؤساء الأحياء والمدن والوحدات المحلية بالمحافظات المختلفة، فى الإشراف على مبردات المياه الموجودة فى الشوارع، وتركها دون صيانة أو إزالة باعتبارها إشغالاً طبقاً للقانون 140 الخاص بإشغالات الطرق العامة، غاضين الطرف عن كونها قنابل موقوتة تودى بحياة الكثير من الأطفال بالمحافظات نتيجة الصعق الكهربائى.
لم تغب صور «زياد» فى مراحل عمره المختلفة عن جدران منزل أسرته بمدينة طلخا بمحافظة الدقهلية، طبعتها والدته وعلقتها على الحائط، إلى جانب بعض شهادات التقدير التى حصل عليها من أكاديمية كرة القدم التى كان يتدرب بها، ينظر «حاتم» إلى صور نجله والحزن يُخيم على ملامح وجهه: «زياد كان غاوى تصوير وكان بيحب يتصور قوى فى الفسح والخروجات والمناسبات».
تصادف ذكرى يوم ميلاد والدة «زياد» مع يوم الحادث، تأثرت الأم كثيراً برحيل الابن، أصابتها حالة اكتئاب حادة، ما زالت تتواصل على أثرها حتى الفترة الحالية مع مركز طب نفسى فى ألمانيا مرتين فى الأسبوع، وفقاً لـ«حاتم»، تهدأ نبرة حديثه قائلاً: «كأن حياتها توقفت مع موت زياد لأنه كان قريب ليها وكانت دايما بتقول عليه إنه سندها فى الدنيا»، يتطرق «حاتم» للحديث عن «زياد» موضحاً أنه كان يدرس فى الصف الخامس الابتدائى، متفوقاً فى دراسته، متابعاً بابتسامة بسيطة: «كان بيحب الخير لكل اللى حواليه، وكان محبوب جداً من كل زمايله وأصحابه».
حادث الصعق لم يكن الأول بالمنطقة، فالمبرد ذاته صعق أحد الجيران كبار السن قبل وفاة «زياد» ولكنه لم يتوف، وتم تنبيه أصحاب المبرد أكثر من مرة، وفقاً لـ«حاتم»: «للأسف عرفت الكلام ده بعد ما ابنى اتوفى»، ويتساءل والد «الطفل المتوفى» كيف يستقر مبرد مياه فى الشارع دون صيانة دورية أو متابعة أو رقابة من المسئولين؟ «مين بيراقب صاحب الكولدير اللى فى الشارع ده إذا كان بيتعمل له صيانة ولا لأ؟ وفين مجلس المدينة أو الحى من الموضوع ده؟».
يرى «حاتم» أنه لا بد من إجراء قانون تنظيمى ورقابى لوضع مبردات المياه فى الشوارع قائلاً: «مينفعش آجى أعمل خير وأأذى بيه الناس لأن النية الصالحة لا تُصلح العمل الفاسد»، يصمت برهة ثم يستكمل حديثه بنبرة غاضبة: «اللى مبيقدرش على الخير ومصاريفه يبقى ميعملوش، وطالما هو مقتدر مادياً يبقى يصرف على متابعته وصيانته»، ورغم معرفته بأصحاب المبرد إلا أن «حاتم» أحجم عن اتهام أحد خوفاً من تشريح جثة الابن.
رئيس مركز طلخا: "مجالس المدن لا تُعطى أى تصريح لمبرد فى الشارع.. ولو حد جه قدم طلب بارفضه"
أمتار قليلة تفصل بين موقع المبرد الذى رفعه أصحابه عقب واقعة الصعق بناء على طلب الأب، وبين مبنى مركز مدينة طلخا، الذى يرأسه محمد أمين الدمرداش، نفى رئيس المدينة معرفته شيئاً عن تلك الواقعة، مبرراً ذلك بأنه لم يكن مسئولاً وقتها فى المدينة، ويؤكد أن مجالس المدن فى الغالب لا تمنح أية تصاريح لوضع مبردات مياه فى الشوارع العامة من أجل ضمان سلامة المواطنين: «الحاجة اللى هتتحط فى الشارع مش هتكون تحت رقابة أى مسئول وبالتالى هيصعب تحديد المسئولية، ولو حد جه قدم طلب عشان يعمل كولدير بيترفض، لأن طرق تشغيله فى الشارع عشوائية لا يجوز التصريح بها».
يقول «الدمرداش» إن وجود مبردات المياه فى الشارع يُعتبر مُخالفاً طبقاً للقانون 140 لسنة 1956 الخاص بالإشغالات، ولكن عقوبة قانون الإشغالات ضئيلة للغاية وليست رادعة، قائلاً: «لازم يبقى فيه تعديل تشريعى لأن قانون الإشغالات من سنة 1956 والغرامة وقتها كانت ملاليم»، وأوضح أنه يحتاج إلى تعديل يُجرم المُخطئ ويحبسه أيضاً، مشيراً إلى أنه يجب على المواطن أن يكون رقيباً على نفسه وعلى قدر المسئولية ويبلغه بأية مشكلة، ومن حق أى فرد من الأهالى أن يُخطر الجهاز فى حال وضع مبرد مياه وسيقوم مجلس المدينة بإزالته: «أى كولدير موجود فى طلخا غير قانونى سيتم رفعه فوراً».
"وليد" تبرع بمبرد: "الكولدير عامل زى اللى بنى بيت مخالف وحط فوقه مئذنة عشان مايتهدش.. ومجلس المدينة ما اعترضش"
تُعد مبردات المياه المنتشرة بشوارع محافظات مصر المصدر الوحيد للمواطنين للحصول على مياه الشرب المجانية، فى ظل ارتفاع أسعار زجاجات المياه المعدنية، ويلجأ الكثير من المواطنين القادرين مادياً إلى شراء تلك المبردات، ووضعها فى الشوارع العامة كنوع من الصدقة الجارية على أرواح ذويهم، أو ما كان يعرف قديماً باسم «السبيل»، من بين هؤلاء كان وليد جابر، 46 عاماً، صاحب محل بقالة بمدينة طلخا بالمنصورة، تبرع بمبرد مياه واضعاً إياه أمام المحل، نظراً لاحتياج المنطقة له، حسبما أوضح، يقف «وليد» إلى جانب المبرد، قائلاً: «المنطقة هنا مفيهاش أى حنفية أو سبيل والناس كتيرة هنا وبتبقى عايزة تشرب أو تملى أزايز ميّه ساقعة»، موضحاً أن المبرد كلفه 4 آلاف جنيه، وقام بتركيبه أحد السباكين بالمنطقة، وحصل على وصلتى المياه والكهرباء من داخل المحل: «الكهرباء موصلها بفيشة من جوه المحل».
على مدار عام كامل، هو عمر تركيب المبرد، تواصل «وليد» مع السباك من أجل صيانته مرة واحدة فقط: «اللى بيستخدم الكولدير بشكل غلط بقفل محبس المياه من عندى من جوه فى ساعتها»، مؤكداً أنه لم يسمع عن حوادث صعق المبردات للأطفال من قبل، قائلاً بنبرة ساخرة: «الكولدير عامل زى اللى بنى بيت مخالف وحط فوقه مئذنة مسجد عشان ميتهدش، عارف إنه إشغال بس ده بيستفيد منه ناس كتيرة، ومحدش بيعمل تصريح عشان يحط كولدير فى الشارع»، مؤكداً أن مجلس المدينة لم يعترض على وجود المبرد على الرصيف.
ومن المنصورة إلى سوهاج كان الوضع مختلفاً، حيث نموذج آخر من المُتبرعين بمبردات المياه، غير أنه رفض التصريح بإسمه خوفاً من اتهامه بسرقة الكهرباء لتوصيلها للمبرد، حيث جلس «الرجل الأربعينى» أمام منزله بمدينة أخميم على بُعد أمتار قليلة من المُبرد، موضحاً أنه وضعه فى مكانه الحالى منذ حوالى 15 عاماً، لأن تلك المنطقة يعبر من خلالها الكثير من المُزارعين وطلاب المدارس فى المراحل المختلفة، قائلاً: «جبنا سباك عشان يركبه وخد الميّه من الماسورة اللى داخلة للبيت»، وأشار إلى أنه قام بنفسه بتوصيل الكهرباء للمبرد من عمود النور «وصلنا الكهربا دى من غير كهربائى، وركبنا مفتاح أوتوماتيك عشان يفصل لو حصلت مشكلة».
أما عن صيانة المبرد فيقول الأربعينى إنه لا يلجأ إليها إلا إذا ظهر عطل فى تبريد الجهاز، مضيفاً: «طالما شغال كويس مش بنعمل أى صيانة، إلا لو فيه عطل فى عملية التبريد بنجيب الراجل بتاع التبريد ويشحنه بالفريون»، مؤكداً أنه لم يستخرج تصريحاً من أجل وضع المبرد فى الشارع، كما أن أحداً لم يُعارض وجود المبرد بالطريق.
فى مركز طهطا، التابع لمحافظة سوهاج، كانت هناك حكاية أخرى وضحية جديدة لصعق مبردات المياه، يرويها فرج السيد، 55 عاماً، عامل نظافة بمجلس المدينة، ووالد الطفل «على»، 8 سنوات، موضحاً أنه قبل أذان فجر أحد أيام الصيف، والذى تزامن مع شهر رمضان المعظم قبل عامين تقريباً، كان ابنه «على» يلهو أمام ورشة الموبيليا التى يملكها شقيقه الأكبر، لم تكد الأسرة تنتهى من تناول وجبة السحور حتى طلب الابن الأكبر من شقيقه الصغير «على» أن يملأ زجاجة مياه من مبرد مياه مُجاور للورشة حتى تشرب الأسرة قبل الإمساك عن الطعام، وبالفعل ذهب «على» سريعاً فى المرة الأولى، ثم كررها فى المرة الثانية، لكن القدر أبى أن يعود الطفل الصغير إلى شقيقه بالزجاجة مرة أخرى، فحين لمس المبرد صعقه التيار الكهربائى فى الحال، تسابق الجميع من أجل إنقاذ «على»، وجاء أحدهم بقطعة خشبية من الورشة فى محاولة لفصل الطفل الذى كان قد التصق بالمبرد، بعدها تم نقله إلى مستشفى طهطا العام.
«هبوط حاد فى الدورة الدموية نتيجة الصعق الكهربائى»، كان ذلك هو تشخيص الطبيب داخل المستشفى العام للحالة التى وصل عليها «على»، وفقاً لـ«فرج»، الذى جلس على أحد المقاهى المجاورة للمنزل برفقة بعض من أفراد عائلته مرتدياً جلباباً أبيض، قائلاً بنبرة حزينة: «حاولوا ينقذوا على فى المستشفى بالصدمات الكهربائية على القلب، لكن للأسف مات يوم الخميس 8 يونيو 2017»، يصمت «الرجل الخمسينى» برهة وتمتلئ عيناه بالدموع «على كان أصغر إخواته الخمسة، وكان طيب جداً، وضحكته سابقة كلامه، والمنطقة كلها هنا كانت بتحبه».
يُنادى «فرج» على أحد أبنائه لإحضار صورة «على» مع شهادة وفاته من المنزل، قائلاً إن المباحث جاءت إلى مكان مُبرد المياه المُتسبب فى الواقعة من أجل المعاينة ولكنها لم تجده، حسب كلام «فرج»، مضيفاً بنبرة غاضبة: «أصحاب الكولدير شالوه بعد الحادثة على طول عشان يخلوا مسئوليتهم»، مؤكداً أنه أبلغ رئيس النيابة أثناء تحرير المحضر أنه لا يتهم أحداً فى وفاة نجله: «الناس حطاه عشان الخير ومحدش كان يقصد يأذيه».
أصحاب مبرد المياه المعدنى وضعوه فى الشارع قبل الحادث بـ3 سنوات تقريباً، مع توصيل الكهرباء له من خلال عمود إنارة بالطريق، وعلى مدار تلك الفترة لم تتم صيانته، وفقاً لـ«والد الطفل المتوفى»، مضيفاً بعدما ارتفعت نبرة صوته: «الكولدير وصل لمرحلة إن الميّّه بتسرب منه من كل حتة وكانت عاملة تحتيه بركة ميّه، والأسلاك بتاعته كلها ظاهرة قدامنا»، مشيراً إلى أن عدم الصيانة والتركيب العشوائى مع ارتفاع درجات الحرارة فى سوهاج هما السبب فى حدوث الصعق.
رئيس قطاع التفتيش السابق بـ"التنمية المحلية": رئيس الوحدة أو الحى يحتاج إلى لائحة تنظم هذا الشأن بالإضافة إلى كوادر هندسية وفنية.. وأقترح استخراج تصريح لمن يُريد وضع مبرد
طبقاً لقانون 140 الخاص بالإشغالات يعتبر مبرد المياه إشغال طريق، لأن كل ما يستحوذ على مساحة فى الطرق العامة يأتى تحت بند إشغال وتستوجب إزالته، خاصة وإن كان مُسبباً لمشاكل أمنية أو صحية أو حتى إشغال للطريق فقط، وفقاً للواء الدكتور إبراهيم حسن، خبير الإدارة المحلية ورئيس قطاع التفتيش السابق بوزارة التنمية المحلية، موضحاً أن القانون 140 لسنة 1956 يمنع كافة الإشغالات إلا إذا صدر لها تصريح.
أما عن وضع مبرد المياه داخل قانون الإدارة المحلية، أوضح «خبير الإدارة المحلية» أن القانون يضع قواعد عامة أما التفصيلات فيتركها فى يد السُلطة المحلية متمثلة فى المحافظ أو رئيس المدينة أو رئيس الحى، مشيراً إلى أنه طبقاً للقانون 43 الخاص بالإدارة المحلية المحافظ من أهم اختصاصاته المحافظة على الأمن والصحة العامة.
وأكد «إبراهيم» أنه لا يوجد قانون يُلزم المسئول داخل المحليات بالإشراف على مبردات المياه أو حتى صيانتها، متابعاً: «زى أعمدة الإنارة مفيش ما يُلزم المسئول فى الوحدة المحلية أنه ينزل يشوفها لكن بتيجى ضمن اهتماماته وبيمر عليها ويبص على الكابلات المكشوفة»، ويقترح «إبراهيم» أن تكون الإدارة الهندسية داخل الوحدات المحلية هى المسئولة أولاً عن سلامة المبردات والكشف عليها، على أن تُلزم صاحب المبرد بصيانتها فيما بعد.
ويرى «خبير الإدارة المحلية» أنه يجب التفكير فى كيفية تقنين وضع مبردات المياه مع ضمان وجودها بحالة آمنة لا تؤذى الآخرين، قائلاً: «أرفض رفع الكولديرات من الشارع بسبب أهميتها بالنسبة للمصريين فى مختلف المحافظات»، مشيراً إلى أن البعض من الممكن أن يستغل ذلك الأمر ويتهموا رئيس الحى أو الوحدة المحلية بأنه يعمل ضد مصلحة المواطنين والتعاليم الدينية «كان فيه رئيس وحدة محلية فى بورسعيد عمل القصة دى وحدثت الفتنة هناك فى المدينة».
ويشير رئيس قطاع التفتيش السابق إلى أن الوحدات المحلية تُعانى من نقص كبير فى الكوادر التى يمكنها القيام بالإشراف على ذلك الأمر، كما أنهم ليس لديهم الميزانية الكافية التى تُساعدهم، مؤكداً أن رئيس الوحدة أو الحى يحتاج إلى صدور لائحة تنظم هذا الشأن، بالإضافة إلى كوادر هندسية وفنية، وأن أهم تحديات الإدارة المحلية هى القوانين اللى موجودة حالياً وتعديلها، متابعاً: «فى الوضع الحالى من الصعب على الوحدات المحلية السيطرة على أزمة الكولديرات فى الشارع».
يقترح «إبراهيم» أن يُخصص تصريح لمن يُريد وضع مبرد المياه فى الطريق العام، يتضمن اسم المرخص والغرض من الترخيص، بالإضافة إلى أسلوب التشغيل والصيانة المناسب، وهذا التصريح يُلزم صاحبه بصيانته، قائلاً: «أى حد بيبقى مسئول عن حاجة بيهتم بيها، لأنه هيبقى عليه مسئولية قانونية وجنائية»، ويرى خبير الإدارة المحلية أن تكون مدة التصريح 6 أشهر يتم تجديدها من خلال الوحدة المحلية أو مجلس المدينة أو الحى.
ويوضح رئيس قطاع التفتيش السابق أنه فى معظم البلدان الأوروبية أمثال هولندا وألمانيا وبلجيكا توجد فى الميادين حنفيات مياه شرب «محطوطة بشكل محترم وفى مكان مناسب، ولما سألت دى مسئولية مين عرفت إنها مسئولية البلدية اللى بتقابل الوحدة المحلية عندنا».
ويختتم «إبراهيم» حديثه قائلاً: «أحياناً لما بتبقى فى مشكلة كبيرة وأنا مش هقدر عليها كرئيس وحدة محلية فابغض البصر عشان معملش مشكلة أكبر»، موضحاً أن أعداد مبردات المياه فى الشوارع كبير للغاية وتلقى تعاطف المواطنين معها.
تشابهت حالات رحيل الأطفال فى طريقة الوفاة صعقاً بالمبردات، ولكنها اختلفت قليلاً داخل شهادات الوفاة الموثقة تحديداً فى الخانة المخصصة لسبب الوفاة، وتنوعت ما بين «التعرض لخطوط نقل التيار الكهربائى»، أو «توقف القلب»، أو «التعرض لحالات غير مُحددة من التيار الكهربائى»، أو «فشل القلب الاحتقانى»، تلك العشوائية فى ذكر سبب الوفاة أدت إلى استحالة الوصول إلى أرقام حقيقية عن عدد حالات وفيات الأطفال بهذه الطريقة.
"شحاتة" والد ضحية الفيوم: "لو كنت أعرف إنه ممكن يكون سبب فى وفاة بنتى ماكنتش حطيته هنا.. والوحدة المحلية المفروض تشوف المبردات دى بس هى مش بتعمل أى حاجة"
داخل مراكز وقرى محافظة الفيوم وفى الطرق العامة الرئيسية كانت مبردات المياه تملأ جانبى الطرق، بعضها حصل على الكهرباء من أعمدة الإنارة مباشرة، والبعض الآخر من المبردات تغذى على كهرباء كابلات وأسلاك الضغط العالى، وظهر الكثير من المبردات فى صورة متهالكة تبرز منها تداخل الوصلات والأسلاك مما يؤكد غياب الصيانة والإشراف عليها.
«لو كنت أعرف لحظة واحدة إن الكولدير ممكن يكون سبب فى وفاة بنتى مكنتش حطيته هنا خالص»، قالها محمد شحاتة، 40 عاماً، والد الطفلة «شروق» التى راحت ضحية الصعق الكهربائى للمبرد، نادماً على موافقته بوضع ذلك المبرد منذ حوالى 10 أعوام أمام منزله بقرية العزب التابعة لمركز الفيوم: «شخص اتبرع بيه واستأذنى إنه يتحط عندنا، وكانت الناس رايحة جاية تشرب منه، مكنتش أتوقع إن نتيجة ده تبقى ضياع بنتى منى».
تبدأ قصة «شروق» التى لم تكن أتممت عامها العاشر، وفقاً لرواية والدها، عامل نظافة بمجلس مدينة الفيوم، يوم الأربعاء الموافق 5 سبتمبر من العام الماضى، استيقظت فى العاشرة صباحاً، وأخذت تلعب داخل المنزل برفقة أشقائها، شعرت حينها بالعطش وخرجت إلى مبرد المياه الموجود على باب المنزل، وعند ملامستها لمبرد المياه صعقتها الكهرباء ودفعتها أرضاً، وتجمع حولها والدتها وأشقاؤها مع الجيران وفصلوا الكهرباء عن المبرد وأدخلوا «شروق» المنزل واتصلوا على الفور بالإسعاف.
«لما جت الإسعاف كانت خلاص شروق ماتت»، قالها «شحاتة» وصمت قليلاً متأثراً بحديثه عن وفاتها، موضحاً أنهم اضطروا أن يذهبوا بها إلى مستشفى الفيوم العام حتى يستطيعوا استخراج تصريح الدفن «شروق كانت داخلة فى الوقت ده سنة رابعة ابتدائى وقبل الحادثة بحوالى أسبوعين والدتها خدتها وراحت جابت لها اللبس بتاع المدرسة وكانت فرحانة بيه أوى»، موضحاً أنها كانت متفوقة فى دراستها وحصلت على شهادة تقدير من مدرسة «الشهيد عبدالعظيم جمعة»، وكانت محبوبة للغاية من زملائها والمعلمين بالمدرسة وتُشاركهم المناسبات من أفراح وأعياد الميلاد، كما أنها حفظت أكثر من جزء بالقرآن الكريم.
صورة «شروق» موجودة فى المنزل ومُعلقة على أحد الحوائط فى برواز كبير، وعلى الجهة المُقابلة شهادة التقدير التى حصلت عليها من مدرستها، يمد «شحاتة» يده إلى البرواز فينزله من على الحائط ويحتضنه أثناء الحديث عنها، قائلاً إن والدتها تعمل مُدرسة وتعود إلى المنزل فى الثانية ظهراً: «والدتها كانت تيجى البيت تلاقى شروق مجهزة الأكل، ده غير إنها كانت تراعى الطيور اللى عندنا فى البيت وتطعمها»، موضحاً أن والدتها ظلت أكثر من أسبوعين كاملين دون طعام أو شراب نتيجة صدمة وفاة ابنتها ومرضت للغاية إلى أن دخلت المستشفى للعلاج.
حب أفراد أسرة «شروق» لها تجلى حين تجمع كافة أفراد أسرتها حول والدها وهو يتحدث عنها، موضحاً أنها كانت متعلقة به للغاية، وكانت تُشاركه فى مشاهدة مباريات كرة القدم على التليفزيون، قائلاً بنبرة حزينة: «كل ما أشوف كولدير ميّه فى الشارع بفتكر اللى حصل ويتعاد قدامى شريط الأحداث»، مشيراً إلى أن أبناءه اتعظوا مما حدث لشقيقتهم: «لو واحد فيهم عطشان وهو بره البيت مبيرضاش يشرب غير لما يرجع البيت».
يقول «شحاتة» إنه كان حريصاً على فصل الكهرباء عن المبرد فى فصل الشتاء، على أن يعود للعمل فى الصيف فقط: «كان واخد الكهرباء من عندنا لأن الكهربائى قالى مينفعش ناخد من عمود النور لأنه ضغط عالى»، وأكد «شحاتة» أنه لم يقم بأى أعمال صيانة للمبرد طوال تلك السنوات، قائلاً بنبرة حزينة: «عمره ما كهرب حد ولا أتأذى منه حد خالص، وكان شغال حلو طول السنين دى ومحدش اشتكى منه».
ويرى «الرجل الأربعينى» أنه يجب تأمين المبردات بشكل أكبر، على أن يظهر منها فقط الحنفية داخل حوض خارجى، «عشان الناس تبقى بعيدة عن الجسم المعدنى خالص»، مؤكداً أنه يجب على الوحدة المحلية صيانة تلك المبردات، على أن تكون هناك مراقبة على كل ما يتم تركيبه فى الشارع، ينفعل «شحاتة» قائلاً: «الوحدة المحلية عندنا مبتعملش أى حاجة، والمفروض تشوف المبردات دى فعلاً اتركبت صح ولا غلط، والصرف بتاعها شغال بشكل مظبوط ولا لأ، والمكان كمان ينفع يتحط فيه ولا لأ».
فنى صيانة: "لازم الحوض يتغسل وأسلاك الكهرباء يتراجع عليها لكن ده مابيحصلش"
الصيانة الدورية مهمة لضمان سلامة استخدام المبردات
وسط ضجيج لا ينقطع بكافة أرجاء المنطقة، مُمتزج بحركة ذهاباً وعودة من العمال والصنايعية وأصحاب المحلات والورش، يقف حسن عصام، 24 عاماً، يعمل فى مجال تصنيع وصيانة مبردات المياه المعدنية داخل شارع نجيب الريحانى بوسط القاهرة الشهير بصناعة وبيع مبردات المياه، يقول «عصام» إن أساسيات التركيب السليم الآمن لأى مبرد مياه فى الشارع تتضمن التأكد من سلامة وصلات المياه والكهرباء المتصلين بالمبرد، قائلاً: «لازم يتوصل مخرج أو وصلة الكهرباء الخارجة من الكولدير بمفتاح 26 أمبير لأنه بيحمى الكولدير ويحافظ عليه عشان لو أى سلك اتقطع فيه أو عريان أو الماتور اتحرق ميكهربش ولا يضر أى حد».
واقفاً بجسده النحيف بين مبردات المياه بعضها جاهز للبيع والبعض الآخر فى المراحل الأخيرة من التصنيع، يستكمل «عصام» حديثه عن التركيب الآمن للمبردات، مؤكداً أنه يجب وضع مبرد المياه بعيداً عن الأشجار وأعمدة الإنارة وأكشاك الكهرباء، مُتابعاً بنبرة غاضبة: «لو اتركبت الكهرباء بتاعته من عمود نور أو أسلاك الضغط العالى، فى الوقت ده الكهرباء اللى داخلاه بتبقى كمية كبيرة وبيبقى الموتور هنا مُعرض إنه يتحرق فى أى وقت، وبالتالى ممكن أى حد وقتها يتكهرب»، مشيراً إلى أنه على من يريد شراء مبرد مياه أن يأتى بمتخصص لتركيبه: «لازم العوامة تتظبط على قد ضغط الميّه عشان متسربش ميّه على الكولدير من جوه».
يشرح «عصام» الحالات التى تؤدى إلى الصعق الكهربائى الناتجة عن غياب الصيانة، موضحاً أنه يجب غسل الحوض الذى يوجد داخل المبرد شهرياً: «لما الحوض بيتملى العوامة اللى جواه بتقفل، ولو العوامة دى باظت بتغرق الدنيا وتنزل وقتها الميّه على الكهربا وتحرق الموتور»، وبمجرد لمس الشخص لحنفية المياه فى تلك اللحظة تكون احتمالية صعقه بالكهرباء كبيرة، تطرق «الشاب العشرينى» إلى الحديث عن صرف المياه مؤكداً أنه إذا لم تتم صيانته وتغييره كل فترة من الممكن أن ينقطع ويُسرب أيضاً مياهاً على الأسلاك أو المروحة والموتور، كما أن بعض القطط تدخل من أسفل المبرد وتقوم بقطع الأسلاك من الداخل.
تعليمات متعددة يتم إرفاقها مع شهادة الضمان التى مدتها عام يجب على من يريد شراء المبرد وضمان سلامته الالتزام بها، وفقاً لـ«عصام»، قائلاً: «من أهمهم توصيل المبرد مباشرة بالمفتاح عشان لو حصلت أى مشكلة المفتاح يفصل على طول»، مضيفاً أنه يجب فتح محبس المياه المتصل بالمبرد بمقدار مُحدد حتى لا تضغط المياه على الحوض ويرفع منسوب المياه داخله وتغرق المبرد من الداخل.
«محدش بيهتم بصيانة الكولدير ولا حد بيشوف الأسلاك بتاعته تمام ولا اتهالكت واتقطعت، وكل واحد بياخد المبرد ويرميه فى الشارع»، قالها «عصام» وهو يُشير إلى أحد مبردات المياه من الداخل، مشيراً إلى أهمية الصيانة الدورية الشهرية: «لازم الحوض يتغسل، والأسلاك يتراجع عليها، لكن ده للأسف مش بيحصل»، ويرى «عصام» أنه من الأفضل فصل الكهرباء عن المبرد خلال الشتاء من أجل المحافظة على سلامته.
مساعد وزير التنمية: إدارة وتشغيل وصيانة مبرد المياه مسئولية صاحبه وليست الوحدة المحلية أو الحى
الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية للتعليم والمعرفة والمتحدث الرسمى باسم الوزارة، قال إن إدارة وتشغيل وصيانة مبرد المياه هى مسئولية صاحبه، وليست الوحدة المحلية أو الحى، أما الإشراف على سلامته والتأكد من مقومات الأمان اللازم توافرها حرصاً على أرواح المواطنين ومراقبة المبردات غير المطابقة للاشتراطات هى من مسئولية المحليات متمثلة فى الأحياء والوحدات المحلية.
وعن اعتبار المبرد إشغالاً طبقاً للقانون 140 الخاص بإشغالات الطرق العامة، علق «قاسم» قائلاً: «لو المبرد واخد ترخيص ومُطابق للاشتراطات لا يُعتبر إشغالاً، أما لو واحد حاطه فى الشارع وجايب الوصلات من أى حتة بتبقى كل الإجراءات اللى عملها غير مطابقة ويعتبر إشغالاً»، وبسؤاله عن سبب عدم إزالة الأعداد الكبيرة من المبردات الموجودة فى الشوارع بمختلف محافظات الجمهورية، قال: «مش هقدر أعمم وأقول إن المحافظات مبتشليش الكولديرات، وياريت تعرفنى فين الكولديرات اللى من غير تصاريح وإشغال وإحنا نبعت السلطة المختصة تشيلها»، موضحاً أنه عند حدوث أزمة نتيجة مبرد مياه موجود فى الشارع تقع المسئولية حينها مباشرة على صاحبه.
«أى حادثة أو مشكلة بتحصل كل يوم فى المحافظات بتتصور وتوصل للوزارة فى ساعتها على مدار اليوم، ويتم إبلاغنا بالمسئول عنها» وفقاً لـ«قاسم»، ولكن على الرغم منذ ذلك أكد مساعد وزير التنمية المحلية أنه لا يعلم عن حوادث صعق مبردات المياه للأطفال إلا من خلال «الوطن»، قائلاً: «أنا مسمعتش عن الحوادث دى إلا من خلالكم».
وأكد المتحدث الرسمى باسم الوزارة أن مبردات المياه الموجودة فى كافة الشوارع بمحافظات مصر تتطلب ضرورة الحصول على تصاريح من الأحياء والوحدات المحلية تكون مستوفاة الشروط اللازمة حتى لا تتسبب فى أى مشاكل بعد التشغيل سواء بأن تكون المياه غير صالحة للشرب أو وقوع بعض حوادث الصعق بالكهرباء لوجود مشكلة فى التوصيلات والأسلاك الكهربائية لها، مضيفاً: «من يحكم أنها مُطابقة للمواصفات أم لا هى الإدارة الهندسية داخل الحى أو المحافظة».
وعما يراه إذا كان هناك تقصير أم لا فى إشراف الأحياء والوحدات المحلية على مبردات المياه، أجاب: «المسئولية هنا مُشتركة، بين المواطن والوحدة المحلية أو الحى، وعلى الطرفين أن يقوما بدوريهما»، مشيراً إلى أنه لديهم قطاع التفتيش والرقابة ويمر بشكل دائم على كل الوحدات المحلية الموجودة بكافة المحافظات، ويتابع كل الملفات والتكليفات التى من المفترض أن يقوم كل حى ووحدة محلية بها، وأى قصور يتم متابعته ومساءلة المُقصر.
وبسؤاله عما إذا كان قانون الإدارة المحلية يُلزم رئيس الحى أو الوحدة المحلية بالإشراف على تلك المبردات الموجودة فى الشوارع أم لا، أكد «قاسم» أن هناك قانوناً ولائحة تنفيذية تنظم هذا الأمر داخل قانون المحليات، كما أن هناك تدريباً لرؤساء الوحدات المحلية ونوابهم: «نعمل حالياً عن طريق التدريب المستمر وخلال تلك الفترة على تجهيز كوادر بشرية مؤهلة قادرة أنها تتعاطى مع المشكلات وتدير الملفات على مستوى الشارع المصرى بما يرفع من جودة الخدمة المقدمة للمواطن المصرى».
وطالب الدكتور خالد قاسم بإنهاء الحوار، قائلاً: «شكراً جزيلاً لحضرتك وكل سنة وحضرتك طيب يا فندم»، رافضاً استكمال الحديث عن حلول وخطة الوزارة لمعالجة تلك الأزمة مستقبلاً.
والدة "رويدا": "حرمونى من بنتى العمر كله.. والمفروض اللى يجيب كولدير يا إما يأمن عليه يا إما بلاش منه"
عزة
حكايات وفاة الأطفال نتيجة الصعق الكهربائى من مبردات المياه لا تتوقف، فالشوارع المليئة بالمبردات التى تغيب عنها الرقابة والصيانة تودى هذه المرة بحياة الطفلة «رويدا» صاحبة العشر سنوات، فى الثامن من يوليو 2018، داخل قرية طاروط، التابعة لمركز الزقازيق بالشرقية، حيث لم تكد «الطفلة الصغيرة» تنتهى من درس تحفيظ القرآن داخل المسجد، وفقاً لرواية «والدتها»، حتى عادت بسرعة إلى منزلها بعزبة أبومشهور، سعيدة بأن والدتها سمحت لها بأن تزين يدها بالحنة، وعقب تزيين يدها بالفعل، خرجت «رويدا» فرحة إلى حنفية فى الشارع تبعد أمتاراً قليلة من منزلها لترى ما رسمته، تغسل يديها ساندة بذراعها على مبرد مياه مُجاور للحنفية، وفى تلك اللحظة تصعق «الطفلة» بالكهرباء وتصرخ مستنجدة بمن حولها، تقول عزة محمد، 45 عاماً، والدة «رويدا»: «الجيران أول ما سمعوا صراخها راحوا عليها وخبطوها بحتة خشبة عشان يبعدوها عن الكولدير»، موضحة أن والد الطفلة نقلها على دراجة نارية إلى مستشفى الأحرار بالزقازيق: «مكانش هناك فيه سرير رعاية، وفضلنا ندور لحد ما وصلنا لمركز طبى خاص، لكن كانت خلاص ماتت».
لم تُصدق «عزة» خبر وفاة ابنتها داخل المستشفى من هول الصدمة، تصمت محاولة الصمود أمام دموعها: «كنت هتجنن وقتها ووقعت على الأرض أغمى عليا وقعدوا يشدونى ويقوموا فيا، وطلعونى بره بعيد عنها»، انتظرت «عزة» خارج الغرفة التى توجد بها «رويدا» ولكنها أصرت على الدخول مُجدداً إلى طفلتها، موجهة إليها بعض الكلمات، «قلتلها إنتى هتموتى خلاص وتسبينى يا رويدا».
مبرد المياه الذى تسبب فى وفاة «رويدا» كان يحصل على مصدر الكهرباء من أسلاك الضغط العالى، وفق حديث والدتها، قائلة بنبرة غاضبة: «كانوا واخدين الكهرباء الأول من شقة قرايبهم ولقوه بيسحب كمية كهرباء كبيرة، راحوا بعدها واخدين الكهرباء من الضغط العالى»، مشيرة إلى أن المُبرد كان يُسرب تياراً كهربائياً قبل وفاة طفلتها بأسبوع وكان أصحابه الذين وضعوه صدقة على روح والدهم على علم بذلك، «الراجل اللى كانوا بيجيبوه عشان يصلحه مكانش بيعرف يصلح ولا متخصص فى كولديرات الميّه أصلاً».
وتتساءل والدة «رويدا» عن دور المسئولين تجاه سرقة الكهرباء، بالإضافة إلى دور الوحدة المحلية تجاه مبردات المياه الموجودة فى الشوارع، قائلة ودموعها لا تنقطع: «ليه يحرمونى من بنتى العمر ده كله، أنا مش هقول أكتر من حسبنا الله ونعم الوكيل»، موضحة أنها كانت تنتظر ابنتها تكبر وتخفف الحمل عنها: «فين بنتى دلوقتى، محدش بيحس بالنار إلا اللى كابشها».
تتحدث «عزة» عن ابنتها التى كانت تدرس فى الصف الرابع الابتدائى، وكان الجميع يحسدها على جمالها، تنهمر فى البكاء قائلة: «مكانوش بيصدقوا إنها بنتى»، وتتذكر أيضاً أن آخر طلب لها كان عبوة «مكياج»، وأنها قررت تسمية ابنتها التى كانت فى بطنها أثناء حادث الوفاة باسم رويدا، تنظر حينها إلى طفلتها الصغيرة التى ما زالت تحبو أمامها: «عشان اسم رويدا ميتقطعش من البيت».
حادث وفاة «رويدا» لم يكن الأول فى مركز الزقازيق، حيث راح ضحايا آخرون لمبردات المياه فى قرى ومناطق مختلفة، حسب «عزة»، ووجع فقدان طفلتها ما زال ظاهراً عليها، حيث ارتفعت نبرة صوتها وقالت غاضبة: «المفروض اللى يجيب كولدير يا إما يأمن عليه يا إما ميحطهوش، وأنا حالفة إن العزبة هنا لو اتحط فيها كولدير هولع فيه قدام صاحبه»، وترى «عزة» أنه يجب على من قصد نية الخير أو الصدقة الجارية أن يستكملها للنهاية ويقوم بعمل كافة وسائل الامان من صيانة وحنفية بلاستيك.
تختتم «عزة» حديثها قائلة بنبرة حزينة: «محدش حاسس بالنار اللى لسه جوايا، وموت بنتى روايدا فى رقبة الوحدة المحلية، وإحنا مش عشان عايشين فى عزب بعيدة ندّفن بالحياة»، تصمت والدة «رويدا» قليلاً وتنهار باكية: «زى ما بنتى راحت أطفال كتيرة أبرياء هتروح هدر طول ما إهمال المحليات ده مستمر».
القانون رقم 140 لسنة 1956 الخاص بإشغال الطرق العامة
- تسري أحكام القانون على الميادين والطرق العامة على اختلاف أنواعها وصفاتها الداخلة في حدود البلاد التي لها مجالس بلدية.
- وقد حظرت المادة 2 من القانون المشار إليه إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي ورأسي بغير ترخيص.
- كما نصت المادة 13 من القانون في شأن إشغال الطرق العامة على أنه إذا حدث إشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإداري على نفقة المخالف إذا كان هذا الإشغال مُخلاً بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة.
- ونصت المادة 14 من القانون على أن كل مخالفة لأحكامه أو للقرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه، ويحكم على المخالف بأداء ضعف رسم النظر وخمسة أضعاف رسم الإشغال المستحقة والمصروفات إلى تاريخ إزالة الإشغال.
- بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 أصبحت أجهزة الوحدات المحلية هي المختصة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
8 نصائح للاستخدام الآمن لمبرد المياه
- ضرورة تركيب المبرد في البداية عن طريق سباك وكهربائي معاً، حتى يضمنا التوصيل الآمن لكافة وصلات المياه والكهرباء.
- أهمية تركيب مفتاح بتشينو 26 أمبير أثناء توصيل كهرباء للمبرد قبل التشغيل، ما يضمن انتظام الكهرباء والفصل إذا حدث تسريب لها.
- منع توصيل الكهرباء من خلال أعمدة الإنارة وأسلاك الضغط العالي نظراً لعدم انتظام الكهرباء بهما.
- يجب ضبط المحبس المُوصل بمدخل المياه خلف المبرد "ربع فتحة" حفاظاً عليه.
- ضرورة تركيب مواسير صرف المياه بعيداً عن محيط المبرد.
- يجب ضبط الثرموستات الخاص بالمبرد على درجة 4.
- أهمية صيانة المبرد بشكل دوري عن طريق فني متخصص على الأقل سنوياً، وغلقه في فصل الشتاء حفاظاً عليه.
- في حالة تسريب المياه يجب فصل التيار الكهربائي وقطع مصدر المياه عن الجهاز فوراً.