من الواضح تماماً أن هناك مخططاً شيطانياً بدأ تنفيذه فور نجاح ثورة 30 يونيو فى إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر، هذا المخطط يستهدف تشويه الرئيس عبدالفتاح السيسى من جهة، والجيش المصرى من جهة أخرى، ورغم الفشل المتواصل لكل المحاولات، فإن الأوهام ما زالت تعشّش فى أدمغة من يحاولون تنفيذ المخطط، بأنه ثمة أمل فى نجاح ما يسعون إليه، طالما ساعدتهم بعض الدول مالياً ومعنوياً.. ومخابراتياً، وفاتهم أن وعى المصريين بخطورة وأهمية الفترة الراهنة، وثقتهم فى رئيسهم، وتقديرهم واحترامهم لقواتهم المسلحة، كلها محددات رئيسية مهمة كفيلة بإجهاض ذلك المخطط، ولو استمر لسنوات وسنوات.
على هؤلاء الأغبياء، ومن يقفون وراءهم أن يدركوا أن الشعب المصرى مؤمن تماماً بأهمية الحفاظ على دولته الوطنية.. «المحروسة» فى وجدانه الجمعى، ويقدمها للعالم بصفتها «أم الدنيا»، وأنه ثار على حكم من لا يعرفون «يعنى إيه كلمة وطن»، فور اكتشافه حقيقة نواياهم الخبيثة.
وعن علاقة الشعب المصرى بالرئيس عبدالفتاح السيسى، أقول إن من يراهنون على الوقيعة بين الطرفين، فاتهم أن «السيسى» فى عيون المصريين ليس مجرد رئيس للجمهورية، لكنه قائد الجيش البطل الذى انحاز لإرادة الملايين، واستجاب لمطلبهم بضرورة الخلاص من حكم الجماعة الإرهابية، وكان يمكنه أن يؤثر السلامة، ولا يغامر بمنصبه كوزير للدفاع، ولم يقف أمام المصير الذى كان ينتظره هو وأولاده وأحفاده ونسله لعشرات السنين لو لم تنجح ثورة 30 يونيو -لا قدر الله- «السيسى» فى يقين المصريين ليس فاسداً، كما أنه -وهذا هو الأهم- ليس مُفسداً.
الشعب المصرى تأكد أن ثقته فى السيسى «المخلص» -بفتح الخاء وتسكينها- كانت فى محلها، وزادت مساحتها، ومنسوب شعبية الرجل فوق الحد الآمن واللازم ليُنجز ما وعدنا به بأن نرى مصر مختلفة تماماً عن تلك التى تولى زمامها.
أما عن الجيش المصرى، وحتى لا نبدو مغالين فى الإشادة به، وهو شرف لنا، فلنقف معاً أمام رأى العدو قبل الصديق.
بعد خلاصنا من حكم الجماعة الإرهابية، استعادت مصر دورها كقوة إقليمية خلال العام الماضى، وامتد تأثيرها السياسى والاستراتيجى والعسكرى إلى الكثير من دول المنطقة، وفى محيطها الأمنى، بدءاً من إثيوبيا جنوباً وحتى اليونان وأوروبا شمالاً، ثم اليمن ومنطقة الخليج شرقاً، وحتى ليبيا غرباً، وهو ما دفع المخابرات الإسرائيلية ومراكز الأبحاث إلى تقييم الموقف العسكرى الإقليمى فى الشرق الأوسط ودور العسكرية المصرية فيه.
التقييم أعده «جاك نيرياه»، محلل شئون الشرق الأوسط فى مركز القدس للشئون العامة، والذى شغل من قبل منصب مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الأسبق، إسحاق رابين، ونائب رئيس قسم التقييم فى المخابرات الحربية الإسرائيلية.
شدد «نيرياه» فى تقييمه للوضع الإقليمى، على أن الجيش المصرى أثبت مدى تماسكه وقوته واحترام الهرم القيادى فيه، وهو ما شجّع الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما كان وزيراً للدفاع، على اتخاذ قرارات صعبة عقب ثورة ٣٠ يونيو وإنهاء حكم الإخوان.
ويضع «نيرياه» يده على الخطأ التاريخى الذى ارتكبته الجماعة، وهو أنها تحدت الدولة المصرية ممثلة فى الجيش، وحاولت القيام بدور الجيش التاريخى فى حماية البلاد، وفرض وصايتها على مصر، وأن تتولى هى إدارة جميع شئونها، بما فيها الأمن، فتحرك الجيش بقوة لتصحيح الخطأ، فكانت إزاحة الإخوان عن السلطة وإعادتها إلى وضع الجماعة المحظورة، بل أصبحت فى ما بعد تنظيماً إرهابياً.
ونستكمل فى المقال المقبل قراءة ما كتبه المحلل الإسرائيلى عن الجيش المصرى.