وما زلنا مع تقييم الجيش المصرى الذى أعده «جاك نيرياه»، محلل شئون الشرق الأوسط فى مركز القدس للشئون العامة، والذى شغل من قبل منصب مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، ونائب رئيس قسم التقييم فى المخابرات الحربية الإسرائيلية.
يشير «نيرياه»، فى تقريره، إلى أن جماعة الإخوان (الإرهابية) اعتمدت فى استراتيجياتها على أنها تمتلك ذراعاً قوية قادرة على مواجهة الجيش، تمثلت فى الاعتماد على العلاقة التاريخية مع بعض التنظيمات المتطرفة والجماعات المسلحة، التى زادت قوتها وقدراتها فى أعقاب الانفلات الأمنى، الذى شهدته البلاد فى أعقاب أحداث ٢٥ يناير، إضافة إلى قناعتها بأن الجيش المصرى غير مدرب على محاربة التنظيمات الإرهابية وخوض حرب العصابات، خاصة فى المناطق الجبلية الوعرة بسيناء. وأضاف: وإن كانت تلك الأفكار صحيحة إلى حد ما، حيث عانى الجيش المصرى بشدة فى مواجهة تلك التنظيمات، فإن الوضع اختلف الآن.. وبفضل تماسك الجيش وتعلمه من أخطائه والتفاف الشعب حوله نجح فى تصحيح أوضاعه واستعادة زمام المبادرة.
يوضح التقرير الإسرائيلى أن وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم، وهو القائد السابق للجيش، بعد أن كان مديراً للمخابرات الحربية، بداية عصر جديد للجيش المصرى وبروزه كقوة فاعلة فى الشرق الأوسط ضامنة لأمن مصر القومى، هكذا قال التقرير الذى أضاف: بدأ السيسى على الفور الاشتباك فى معركة وجود مع التنظيمات الإرهابية، وصمم بعزم كبير على اقتلاعهم من سيناء، والقضاء على خطرهم الذى يتهدد البلاد، ورغم الصعوبات التى واجهته فى البداية فإنه لم يتراجع، رغم تعرضه لمحاولتى اغتيال، وقتل المئات من رجال الجيش والشرطة من مختلف الدرجات والرتب.
ويضيف التقرير: كان التحدى كبيراً أمام الجيش المصرى، وعمل السيسى على جبهتين فى وقت واحد، الأولى فى سيناء وما تمثله حركة حماس وجماعة «أنصار بيت المقدس» التى بايعت تنظيم «داعش» الإرهابى، والجبهة الثانية تمثلت فى الوضع الفوضوى فى ليبيا وانتشار التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية التى تستهدف مصر بصورة أساسية، وكان على الجيش المصرى تصحيح الكثير من الأخطاء التى وقعت فى الفترة السابقة لعزل مرسى، وأبرزها سعى تنظيم الإخوان والمعزول لإنشاء جيش خاص به، يعتمد عليه فى حكم البلاد وإدارة شئونها وتهميش دور الجيش المصرى وعزله عن الشعب والبلاد، بحجة حماية الحدود فقط وعدم التدخل فى السياسة، وهو ما جعل دائرة المواجهة تتسع لتخرج عن نطاق الحدود إلى الدول المجاورة وعلى رأسها ليبيا.
كما قام السيسى بإعادة توزيع قوات الجيش المصرى، وأدخل لأول مرة منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣ آلاف الجنود والدبابات والأسلحة الثقيلة إلى سيناء، وتمركزت على المنطقة الحدودية مع إسرائيل، لأول مرة منذ توقيع معاهدة السلام، حيث اضطرت إسرائيل تحت وطأة الضغوط المصرية للموافقة على جميع مطالب مصر، بزيادة عدد قواتها فى سيناء وعدم الاكتفاء بقوات حرس الحدود أو الشرطة، ودخلت الآليات والقوات الخاصة والطائرات الحربية إلى سيناء لإدارة عمليات الحرب على الإرهاب.
ونستكمل فى المقال المقبل القراءة فى التقرير الإسرائيلى عن الجيش المصرى.