لم تعتَد الجماعة الإرهابية الصدق مع أنصارها وأعوانها عبر التاريخ، وكل الوقائع والأحداث المُسجلة فى كُتب التاريخ تؤكد أن الكذب والخداع هما منهاج الحياة لهذه الفئة من البشر، الذين أحالوا الكذب إلى عقيدة، فهم لا يستطيعون التعامل مع الآخرين من دون خداعهم، تمهيداً للتنكيل بهم. وهو ما يسجله التاريخ لهم منذ نشأتهم فى عصر الملكية، ومسيرتهم المتآمرة فى مواجهة جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وحسنى مبارك، وانتقالية ما بعد أحداث «يناير»، وما شهدته من وقائع حسمت للمتشككين حقيقة هذه الجماعة.
ولذلك يبدو غريباً أن يخرجوا علينا الآن بإعلان يدعون فيه الناس إلى عمل مشترك، ويرفعون شعارات ومبادئ، هى أبعد ما تكون عن حقيقتهم، أو مواقفهم المتكررة، وخصوصاً ما يتعلق بتعهداتهم تجاه الآخرين، أو التزاماتهم التى سريعاً ما ينكصون عنها، فور تمكنهم من تحقيق أهدافهم.
الجماعة يبدو أنها لا تتذكر، أو أنها تتناسى عن عمد، خدعة «فيرمونت» الكبرى، التى جمعوا فيها الناس من كل حدب وصوب، ووقف كبيرهم يتعهد ويُقسم بأغلظ الإيمان، ويقدم الدلائل على التزامهم تجاه الآخرين، ويحدد سياسات عامة سيعمل بها فى إطار شراكة سياسية، وفور نجاحهم فى تحقيق أهدافهم، انقلبوا على حلفائهم، وتراجعوا عن كل تعهداتهم والتزاماتهم، وانطلقوا مغرِّدين بمفردهم بعيدين عن كل حلفائهم وأعوانهم المخدوعين.
الجماعة الإرهابية لم تخدع أعوانها فقط، إنما هى نكصت بكل عهودها مع الشعب، حين اختصت من المصريين أعوانها، وانطلق قادتها يتحدثون مع الأهل والعشيرة، بدلاً من الحديث مع الشعب، ليجددوا الثقة فى أنهم كاذبون بجدارة، لا يؤمنون ولا يلتزمون بما يقولون، وإنما بمصالحهم وأهدافهم التى يحققونها على حساب ومصالح الوطن والناس، ولعل واقعة الاتحادية والميليشيات المسلحة والإعلان الاستبدادى، الذى أعلنوه وقت حكم المرشد، نموذج واضح على أساليبهم وأكاذيبهم المتعددة والمتكررة.
الحاصل أن هؤلاء الناس يكذبون على أنفسهم، وهم لا يتوقفون عن الخداع حتى مع أبنائهم وأعضاء تنظيمهم، وهم لا يتورعون عن إنكار كل مسئولياتهم تجاه أقرب الناس لهم، كما فعلوا مع المحبوسين على ذمة قضايا، أو المدانين بأحكام قضائية، الذين استغاثوا بهم، فأنكر قادة الكذب والخداع علاقتهم بهم، أو مسئوليتهم عنهم، فى مشهد مخزٍ، يكشف حقيقة هذه الجماعة وقادتها، ويشكك فى كل إعلان لهم.
الشاهد أنها جماعة فاقدة للمصداقية، لا تملك رصيداً من الثقة أو الصدق، وأن خروجها على الناس بدعاوى وتعهدات جدية، ليس سوى بداية كذبة جديدة، يخططون لإضافتها إلى سجل الخداع، المُصاحب لتاريخهم الطويل عبر كل العصور.
هى جماعة الإخوان الكذابين، ولا يسير فى ركابها إلا المغفلون.