انبعاثات حرق الوقود فى أنشطة "النقل والزراعة والصناعة" أكبر ملوثات الهواء
أنشطة البناء الحديث أحد ملوثات الهواء الرئيسية
كشفت دراسة أعدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن تلوث الهواء أحد أكبر التحديات التى تواجه العالم فى الوقت الحالى، وخصوصاً المناطق الحضرية، لِمَا له من آثار بالغة الخطورة على الصحة العامة، مشيرة إلى أن أنشطة البناء ومحطات الطاقة الكهربائية من بين أسبابه الرئيسية، لافتة إلى أن شعوب البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تعتبر الأشد تأثراً بتلوث الهواء.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 90% من الوفيات من أصل 7 ملايين حالة سنوية تقع فى تلك البلدان، جراء التعرض للجسيمات الدقيقة فى الهواء الملوث.
وأن تلوث الهواء عامل خطورة بالغ الأهمية فى الإصابة بالأمراض غير السارية، متسبباً فى أكثر من ربع الوفيات من البالغين: 45% من مرض الانسداد الرئوى المزمن، 30% من سرطان الرئة، و28% من أمراض القلب، و25% من السكتة.
ويتسبب تلوث الهواء أيضاً فى 52% من الوفيات الناجمة عن الأمراض السارية، مثل التهابات الجهاز التنفسى السفلى الحادة.
وطبقاً لتقديرات المنظمة فقد كان إقليم شرق المتوسط من أشد مناطق العالم فى تلوث الهواء خلال الفترة 2008: 2015.
ومن أهم الأنشطة البشرية التى تسبب تلوث الهواء، وفقاً للدراسة، هى الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفورى فى النقل والصناعة والزراعة ومحطات الطاقة الكهربية التى تعمل بالفحم تحديداً، باﻹضافة إلى عمليات حرق المخلفات وإزالة الغابات وأنشطة البناء، وتسهم العواصف الترابية والرياح الموسمية فى زيادة نسب الجسيمات الملوِّثة فى الجو.
وتتسبب العمليات الصناعية أو الطبيعية فى إنتاج غازات وجسيمات عالقة بالهواء الجوى ما يؤثر سلباً على جودة ونوعية الهواء المستنشق.
وقد تم الربط بين زيادة تركيزات عدد من الملوثات وبين الآثار الضارة على صحة الإنسان والبيئة بشكل واضح.
ملوثات الهواء المختلفة:
وبالنسبة للجسيمات الدقيقة (Particulate Matter) أشارت الدراسة إلى أنها تتكون من الكبريتات والنترات والأمونيا وكلوريد الصوديوم والكربون والغبار المعدنى والماء.
وتتألف من مزيج معقد من المواد العضوية المعلقة فى الهواء فى شكل صلب وسائل. وتصنف تلك الجسيمات إلى نوعين حسب قطرها، الأولى PM10 (جسيمات ذات قطر أقل من 10 ميكروجرامات) أو PM2.5 (جسيمات ذات قطر أقل من 2.5 ميكروجرام).
والنوع الثانى أكثر خطورة من الأول، إذ يمكن للجسيمات التى تنتمى إليه، إذا ما تم استنشاقها، اختراق الغشاء المخاطى التنفسى والوصول إلى داخل الجسم ويسهم التعرض المزمن للجسيمات فى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الرئة والأمراض القلبية الوعائية والأمراض التنفسية.
وتتجاوز معدلات الوفيات فى المدن التى ترتفع فيها مستويات التلوُّث المعدلات المسجَّلة فى المدن الأنقى نسبياً بنسبة تتراوح بين 15 و20%.
وحتى فى بلدان الاتحاد الأوروبى يشهد متوسط العمر المأمول انخفاضاً قدره 8.6 أشهر بسبب التعرُّض للجسيمات PM2.5 الناجمة عن الأنشطة البشرية.
ثانى أكسيد الكبريت
ينجم عن حرق الوقود الأحفورى (الفحم والنفط) وعن انصهار الخامات المعدنية التى تحتوى على الكبريت.
بالإضافة إلى صناعات الأسمدة الفوسفاتية وحمض الكبريتيك، يمكن أن يلحق ثانى أكسيد الكبريت أضراراً بالجهاز التنفسى والوظائف الرئوية وأن يتسبَّب فى تهيُّج العينين والتهاب الجهاز التنفسى، ما يؤدى إلى السعال وإفراز المخاط وتفاقم حالات الربو وحالات التهاب القصبة الهوائية المزمن وجعل الناس أكثر عرضة لأنواع العدوى التى تصيب الجهاز التنفسى.
ويلاحظ زيادة معدلات دخول المستشفيات بسبب الأمراض القلبية ومعدلات الوفيات فى الفترات التى ترتفع فيها مستويات ثانى أكسيد الكبريت.
ويؤدى اختلاطه بالماء إلى تشكُّل حمض الكبريتيك، وهو العنصر الأساسى فى الأمطار الحمضية التى تتسبب فى إزالة الغابات وإلحاق الأضرار بالرقعة الزراعية والأحياء المائية.
ثانى أكسيد النيتروجين (NO2)
تعتبر عمليات الاحتراق المستخدمة فى التدفئة وتوليد الطاقة وتشغيل محركات المركبات والسفن من المصادر الرئيسية لانبعاثات ثانى أكسيد النيتروجين، ويؤدى ارتفاع تركيز أكسيد النيتروجين فى الهواء إلى تهيُّج والتهاب أنسجة الرئتين والجهاز التنفسى وتسهيل إصابتهم بالعدوى.
وبشكل غير مباشر يسهم أكسيد النيتروجين فى تكوين الأوزون والجسيمات الدقيقة (PM2.5)، ويسهم كذلك فى تكوين الأمطار الحمضية التى تضر بالنباتات والأحياء المائية.
الأوزون
يعد أحد المكونات الرئيسية للضباب الدخانى الرمادى. ويتشكل عن طريق تفاعل كيميائى ضوئى يحدث بين أشعة الشمس وملوثات مثل أكاسيد النيتروجين (NOx)، والمركَّبات العضوية المتطايرة (VOCs) المنبعثة من المركبات والمذيبات والمصانع. ويبلغ التلوُّث الناجم عن الأوزون أعلى مستوياته خلال فترات الطقس المشمس.
يخلف تركيز الأوزون مشاكل تنفسية وحالات من الربو والحد من الوظائف الحيوية للرئتين.
معايير جودة الهواء
تعتبر هذه المعايير هى المرجعية لتحديد جودة ونوعية الهواء، وترمى إلى الحد من تفاقم التلوث وخفض العبء الصحى والبيئى، وتحدد وفق دراسات تربط بين قياسات تركيزات الجسيمات والغازات الملوِّثة والأثر الصحى.
وقد طورت منظمة الصحة العالمية إرشادات ودليلاً لتقييم جودة ونوعية الهواء يوصى بتعيين حد مسموح لتركيزات بعض العناصر الضارة فى خليط الهواء الجوى وفق الدراسات الإحصائية لخفض العبء الصحى والبيئى الناتج عنها، ومع ذلك تؤكد منظمة الصحة العالمية أنه لا توجد حدود معينة لا يحدث دونها آثار ضارة صحياً أو تؤمن وقاية تامة من مخاطر تلوث الهواء. ما دعاها إلى تشجيع تعيين حدود وطنية أقل من الدلائل الإرشادية المقترحة.
تلوث الهواء فى مصر
تقع مصر فى إقليم شرق المتوسط واحتلت القاهرة المركز الثانى لأكثر مدن العالم تلوثاً فى الهواء المحيط، ضمن دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية فى 2016، وهى النسبة التى ارتفعت لاحقاً لتحتل القاهرة المركز الأول، كما تشير أيضاً خرائط التوزيع الجغرافى فى الدراسة عن نسب الوفيات المبكرة إلى ارتفاع معدلاتها فى مصر.
"المبادرة المصرية": تكلفة معالجة التلوث تقدر بـ2.42 مليار دولار سنوياً
ووفقاً لتقديرات البنك الدولى لحساب مؤشر تكلفة التدهور البيئى، يحدد تكلفة تلوث الهواء بنحو 5% من الناتج القومى الإجمالى السنوى، ما يعادل 2.42 مليار دولار سنوياً.