يتجدّد الشعور بالقوة والنشوة والثقة فى النفس والقدرة على الانتصار للحياة مع ذكريات نصر أكتوبر كل عام رغم مرور ٤٩ عاماً على الحدث.
وتتصدّر المشاعر ذاتها حياة المصريين مع كل تحدٍّ جديد يواجه المواطن أو الأسرة أو المجتمع، فنجد أنفسنا فى حالة مقارنة بين ما كنا عليه، وما نحن فيه من تحديات، فنجد تلك الروح السرمدية التى وهبها الله للمصريين طوال حياتهم.
روح الإصرار على الحياة الكريمة المنتصرة الصابرة والصامدة المتوكلة على الله والمبدعة فى استخدام الإمكانيات القليلة لتحقيق الهدف، مهما كانت الظروف والمصاعب والتحديات.
إنها روح إيزيس التى رفضت الواقع المؤلم، حين قتل الشرير ست زوجها وحبيبها أوزوريس وقطّع جسده أجزاءً وألقى بها فى ربوع مصر.. فاندفعت إيزيس الملكومة والمؤمنة بالله وبالحياة، وطافت الأرض تجمع جسد زوجها أوزوريس، ومعها جموع الشعب مساعداً وحامياً ضد مؤامرات الشرير ست.. وتنجح فى جمع الجسد وتدب فيه الحياة، ليهبها الله الابن حورس القوى الشجاع، الذى يخلقه الله من الموت والحزن والإرادة، فيقتل الشر، وينتصر الشعب ويقود التاريخ الحى للمصريين حتى اليوم بروح خالدة.
ومع كل موجات المحتلين المستعمرين لمصر، عندما يزيد الظلم والشر والإذلال والقهر، تبعث روح حورس فى الشعب المصرى طاقات لامحدودة من المقاومة والقتال، فيقتل ويبيد الظالم المستعمر وينتصر للحق والكرامة والحياة.
رأينا ذلك فى انتصار المصريين على الفرس والتتار والمغول والعثمانيين والفرنسيين والإنجليز والصهاينة.
ودرسنا عبقرية الروح المصرية فى عشرات الهبات الشعبية والثورات والحروب، التى قام بها المصريون طوال القرنين الماضيين.. ورأينا انتصارات المصريين فى معارك بناء الوطن بعد كل معركة للبقاء، فهم مَن صنعوا أول نظام زراعى ولغة ودولة وحضارة فى العالم.. وهم مَن وضعوا القوانين وأقاموا برلماناً وبنوا السد العالى والمصانع والمدارس والجامعات.. وهم من أبهروا العالم بإبداعاته العلمية السباقة.
ودائماً تذخر ذاكرة الوطن الشعبية بأسماء آلاف المصريين من قادة الرأى والمثقفين والقادة العسكريين والشهداء من الفلاحين والعمال والطلاب والسياسيين وأساتذة المدارس والجامعات والتجار والاقتصاديين الوطنيين الشرفاء الذين قدّموا مصلحة الوطن على الحياة ذاتها وسقط الشهداء وانتصرت مصر.
ونثق فى الله والمصريين، لأنهم بالتأكيد سينتصرون على كل عدو غادر ظالم يعتدى على مصر.
وستبقى مصر وشعبها فى المكان ذاته، وطوال الزمان ما شاء الله لها أن تبقى.
إن روح إيزيس التى امتدت إلى حورس تولد مع كل مصرى حر مؤمن بالحياة ومقاتل من أجل الله والوطن والخير.
وتكمن تلك الروح فى قلب وعقل كل من أراد الله لهم العيش على أرض مصر.. وتتجلى فى السلوكيات اليومية ولحظات التحدى المميت وأيام الصبر على المحن وفى إرادة الانتصار.. ولا تهدأ أبداً حتى يتحقق النصر على الشر.
المجد لروح الإرادة والنصر على كل المحن والشرور، التى تجلت فى نصر أكتوبر المجيد.. وندعو الله سبحانه أن يحفظ مصر وشعبها.. والله غالب..