من كرم المولى تبارك وتعالى على مصر أن لديها جيشاً وطنياً قوياً ومتماسكاً، كل أفراده مواطنون مصريون ليس لديهم أى انتماءات حزبية أو دينية أو سياسية، ولا يسمح داخل معسكراته بممارسة أى نشاط دينى أو سياسى، كما أن كل أفراده -سواء كانوا جنوداً أو صفاً أو ضباطاً- يحملون الجنسية المصرية الأصلية فقط (أباً عن جد)، ولا يُسمح للأجنبى الذى يحصل على الجنسية المصرية بالانضمام للقوات المسلحة، كما لا يُسمح بذلك للمصرى الحاصل على جنسية أجنبية، أو للمتزوج من أجنبية، فهو جيش مصرى خالص ليس فيه مرتزقة ولا أجانب ولا متجنسون ولا أى تيارات.
ونفس الكلام ينطبق أيضاً على الشرطة المصرية، ولذلك كنت فى أشد الانزعاج والقلق من ظاهرة الضباط الملتحين، التى ظهرت فجأة فى عهد الإخوان، وكتبت ذلك فى وقتها وطالبت بعدم تنفيذ الحكم الذى حصلوا عليه، وإبعاد الجيش والشرطة عن هذه المهاترات، حتى لا نفتح باباً لا يعلم مداه إلا الله، قد يؤدى إلى صراعات مذهبية وحزبية، ويُحسب لقيادة الجيش والشرطة الوقوف بحزم ضد هذه الظاهرة، رغم أن رئيس الجمهورية حينذاك كان ملتحياً ويضغط لتنفيذ الحكم القضائى.
الجيش المصرى هو جيش الشعب.. ونحن دولة لها جيش وطنى قوى. وفى الفترة الأخيرة هناك محاولات للنيل من جيشنا العظيم وتصوير الأمور على أن هناك دولة وهناك جيشاً وهناك شعباً، أو أن الجيش أعلى من الدولة والشعب، وهذا غير حقيقى تماماً، فالجيش هو ملك الشعب، وأفراد الجيش هم أبناء الشعب، يقومون بمهمة مقدسة لخدمة الشعب، ومهما طالت أو قصرت فترة خدمتهم فى القوات المسلحة، هم فى النهاية مواطنون مصريون (آباؤنا وأبناؤنا وأشقاؤنا وأصدقاؤنا وجيراننا) والذين استشهدوا من أجله وارتوت رمال الوطن بدمائهم الطاهرة للدفاع عنه فى الحروب ومكافحة الإرهاب. هم أبناء الشعب بفئاته المختلفة، ومعظم المواطنين المصريين نالوا شرف الخدمة فى جيشهم العظيم، والجندى فى ميدان القتال أو ميدان العمل والإنتاج هو ابن هذا الشعب.
هذه المعانى يجب التأكيد عليها دائماً، حتى لا نعطى فرصة لشياطين الإنس فى نشر بذور الكراهية بين الشعب وجيشه لأن «جيشى هو أنا فكيف أكره نفسى؟!» .
الجيش هو إحدى مؤسسات الدولة مثل الشرطة والصحة والزراعة والتعليم والثقافة والإعلام وغيرها، وكل مؤسسة لها دورها الهام فى خدمة الشعب، ولكن الجيش يأتى فى المقدمة، وهذا طبيعى نظراً للمهمة المقدسة التى يقوم بها، وهى حماية الدولة والدفاع عنها، وكلما كان الجيش قوياً ومتماسكاً كانت كل المؤسسات قوية والدولة ناهضة.
وبالإضافة إلى المهمة العسكرية المقدسة للجيش، فإنه يسهم أيضاً فى التنمية، وهذا يحدث فى كل دول العالم، خاصة أثناء الفترات الانتقالية بعد الثوارات ولأن الجيش المصرى جيش الشعب وفى خدمته، كان يجب عليه مساعدة مؤسسات الدولة المدنية خلال الفترة الماضية، ولن يفلح أعداء الوطن فى استغلال ذلك فى الوقيعة بين الشعب وجيشه.
ولذلك أتوقع فى الفترة القادمة أن يتم دعم المؤسسات المدنية وتقويتها لكى تقوم بدورها وتحمل عن كاهل القوات المسلحة الكثير من المهام الاقتصادية حتى تتفرغ للمسئوليات الكبرى الجسيمة ومواجهة التحديات والمؤامرات التى تواجهنا داخلياً وخارجياً.
بلدنا حالياً فى ظروف ومرحلة ربما تكون الأصعب فى تاريخها وتحتاج من الجميع النصيحة المخلصة والعمل الجاد والتكاتف خلف جيشه ومؤسساته وقيادته.
ختاماً.. أنا لا أحب كلمة الجيش والشعب إيد واحدة، لأن الجيش جزء من الشعب وفى خدمته.
ونحن شعب له جيش وليس العكس.
وسوف تظل قواتنا المسلحة درع الشعب وسيفه حتى تحيا مصر دائماً فى عزة ونصر.