لدينا فى حياتنا اليومية مئات الأجهزة التى تدير الحياة والأيام، ولكل واحد منها نظام خاص جداً ومعلومات تغذيه يجب إدخالها عليه وشحنة تحركه قد تكون كهربائية أو بترولية ليدور الجهاز الذى قد يحتاج أحياناً مجهوداً عالياً ليعمل يدوياً بقوة الدفع ومعه تدور أيامنا وليالينا ودولاب العمل والدراسة والمشروعات والمدن الجديدة وكبرى الشركات والبنوك والمؤسسات وتنطلق القطارات وتحلق الطائرات والصواريخ عابرة القارات والسفن العملاقة وتصل الغواصات النووية إلى الأعماق، وهكذا تتحرك دنيانا ونتحرك معها، وعلى جانب إنسانى بحت يمس مشاعرنا وكياناتها وأحلامنا وقصص الحب والزواج والأبناء والأحفاد والذكريات والأمنيات والآلام والأفراح جهاز يشاركنا كل هذا وإن لم يعلن عن اختراعه رسمياً ولم تحتفل به المؤسسات العلمية ولم يحصل على براءة اختراع ولم يرشح لجوائز الإبداع العلمى ولم يكتب عنه الصحفيون المتخصصون أو يعلنوا عنه على شاشات التليفزيون أو لافتات الطرق التى تضىء ليل نهار، وكأنها من عالم الجن الذى لا يستقر بمكان أو مدينة واحدة، ويظل يتنقل ويعدو ويطير ويهبط ويشاكس الجميع ويضاحكهم ويبكيهم، وبالرغم من وجود المئات من المعلومات التى تحركه وتغذى عقله ونملكها جميعاً إلا أن هناك تفاوتاً واضحاً ومختلفاً فيما بيننا، وفى أسراره والوقود الخاص به فهو (جهاز قياس الحب)، وعنه أقول إنه هام وخاص ونادر وثمين وضرورى ويمنح مالكه صفات مبهرة ومبهجة ولافتة للأنظار، تضعه بين الصفوة والأشخاص التى يصنفون بالفرز الأول، وما من قصة حب عاشت ونمت وتحركت وأصبح لها شهادة ميلاد كالطفل الوليد سجل فيها اسم الأب والأم (الحبيب والمحبوب)، ولحظة الميلاد التى انبعث فيها أول شعاع ليخترق القلبين وكأنه شرارة كهربائية تعلن انطلاق الدقات والنبضات الخاصة جداً، التى تتحول إلى لغة المولود وتتطور وتتغير وتعلو ويصبح لها مكانة منفردة، كما لو كان أصحابها قد وضعوا لها كلمة سر من المحال اختراقها أو الوصول إليها إلا وقد ملك أصحابها هذا الجهاز الرائع، وإذا كنت من السعداء والمحظوظين فإن جهازك الخاص يعمل بالكلمة الحلوة والنظرة الحانية واللمسة الودودة الناعمة والوردة الصباحية من الحبيب، التى تلخص مئات الأفكار والكلمات وتقرأ عليك أبيات الشعراء وتسمعك دندنات الموسيقيين التى تحكى وتحكى وتهمس ويعلو صوتها أحياناً ليوقظ الطيور من أعشاشها ويذكرها بضرورة نشر جناحها فوق الوليف ليقيه من برودة الفجر، التى ينتظرها كل ميلاد للنهار لتكون سبباً واضحاً وصريحاً لهذا الاقتراب الحميم. وسيعمل بسرعة أكبر وستزداد دفعاته وسرعة عجلاته بتشجيع الحبيب لك على النجاح وإمساكه بيدك ليعلمك ويدلك على الطريق الصحيح إلى القمة، وأعود فأقول إنه إن كنت ممن يملكون جهاز قياس الحب فلن تعرف معاناة الهجر ولا قسوة الاشتياق والحنين ولا آلام الهجر والليل الذى يطول ويخيف ويوجع من الوحدة والحرمان من الأحلام، ولن تعرف معنى أن تعد الأيام والساعات والدقائق فى انتظار من لا يجىء وأن تبحث عنه وسط الأوراق والكلمات وأبيات الشعر وهدايا المحبين ورسائلهم، وحتى لا تضيع منك الأيام والمشاعر الجميلة والقصص الوردية عليك أن تسعى وتعمل على امتلاك هذا الجهاز ليكون هو مرشدك وحارسك الأمين وونيسك وصديقك الذى يدلك أين تجد من يستحق أن تلوذ به، ومعه تعيش وتستمتع ولا تعرف معنى الندم أو الاختيار الخطأ.