نشأ «فن الميمز» ليكون متنفَّساً للمواطنين للسخرية من الأحداث اليومية، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، حتى أصبح صناعة قائمة بذاتها، تدر أرباحاً على المشاركين فيها، ولها تطبيقات إلكترونية خاصة لصنعها. والعديد من الدراسات العلمية، سواء كانت «ماجستير أو دكتوراه»، تقدم بشأنه باعتباره وسيلة التواصل الجديدة بين الشباب، ومن شأنه أن يصبح أداة لنقل الثقافة فى ظل سيطرة التكنولوجيا على كل تفاصيل الحياة.
على مواقع التواصل الاجتماعى، صار تصميم صورة مع وضع تعليق كوميدى عليها أو جمل حوارية ساخرة تناسب قضية اجتماعية معينة، أو تقاليد راسخة، بمثابة أمر رائج، وهو يُعد فناً مشتقاً من فنون القصص المصوَّرة «الكوميكس».
وعلى الرغم من أنه ظهر أول مرة عام 1967 على يد عالم الأحياء ريتشارد دوكنز فى كتابه «الجين الأنانى»، فإن عالم المصريات الدكتور باسم الشماع يؤكد أن «الميمز» له أصول فى مصر القديمة: «المصريون القدماء أول من استخدم فن الميمز، بل والكوميكس، على جدران المقابر، وهى لم تعتمد على شخصيات مثل الملوك والرؤساء، بل كان أبطالها شخصيات عادية من كهنة وعمال، وأحياناً حيوانات مثل القطط والفئران».
وضرب «الشماع» مثالاً بالبرديات الموجودة فى المتحف المصرى، المرسوم فيها «قطط تخدم فئراناً وبطاً»: «هناك ثلاثة أنواع من فن الكوميكس والميمز، بلا تعليق، أو ساخرة أو تعليقات مباشرة، والمصريون القدماء لجأوا للنوع الأول فى تلك البرديات للسخرية من عدم التقدير».
صنّاعه يحققون أرباحاً كبيرة.. وأصبحت لهم تطبيقات إلكترونية تحظى بجماهيرية
من جانبه اعتبر محمد ناصر، فنان فى مجال صناعة الكوميكس، أن «الميمز» فن قبل أن يكون صناعة، ومع ذلك هو يدر أرباحاً على صنّاعه: «بعد فترة، الكثير من صانعى فن الميمز يدخلون فى مجال صناعة الإعلام، سواء فى مجال إعداد البرامج التليفزيونية، كتابة الاسكريبتات، صناعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعى للعديد من الوسائل الإعلامية، بل وأحياناً يدخلون مجال كتابة الأفلام السينمائية، وأنا أعرف أناساً فعلوا ذلك، لأن تلك الميمز كانت بمثابة تدريبات لهم، كما أن الصفحات الخاصة بها أحياناً تجذب المعلنين».
وأشار «ناصر» إلى أن ما لا يدركه البعض أن فن «الميمز» متقدم جداً فى مصر مقارنة بدول الغرب، وعلى رأسها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من أن الدراسات الأكاديمية فى هذا المجال أكثرها غربى: «المصريون سبقوا بسنوات ضوئية فى هذا الفن، فهم لا يتركون فيلماً أو مسلسلاً أو حتى إعلاناً إلا ويحولونه إلى ميمز كوميدى، حتى الأفلام الأجنبية التى تُعد غريبة على الثقافة المصرية نجحوا فى تحويلها إلى ميمز، وأحد الأسباب أنه يمكن تنفيذه ببرامج بسيطة مثل برنامج الرسام، إلى جانب التطبيقات المتخصصة فى هذا الفن، والتى يلجأ لها احترافيون، وهو نابع من أن المصريين شعب ابن نكتة بطبعه».
تعليقات الفيسبوك