سؤال بسيط أرجو أن تجيب عنه قناة «بى. بى. سى»، وهو: ماذا استفادت هى، أو أفادت مشاهديها باستضافة هذا «الكاحول» الهارب؟
«بى. بى. سى» للأسف وهى المؤسسة الإعلامية «العريقة»، التى قارب عمرها المائة عام إلا قليلاً، اتبعت نهج الفضائيات الهابطة تجرى وراء «الفرقعة الإعلامية» دونما اعتبار لأى قواعد مهنية، وبعيدة عن معنى وقيمة وقواعد كلمة «المهنية» وتفنيد الخلل الفادح الذى وقعت فيه «بى. بى. سى»، وسبقنى إليه الكثيرون خلال الأيام القليلة الماضية، فإن القناة سقطت أخلاقياً وتدنت إلى حد استضافة شخص تافه التقطته من قارعة الـ«فيس بوك» وأعطته مساحة لم يكن يحلم بها، ليهاجم من خلالها المؤسسة العسكرية المصرية دون دليل واضح، ويتطاول على النظام المصرى بعبارات متهافتة، لا لغرض سوى هز الثقة بين المواطن وقياداته ومؤسسات الدولة.
سقطت «بى. بى. سى» بمستوى ضيوفها إلى الحد الذى قد يدفع شخصيات محترمة فى أنحاء المنطقة العربية إلى الترفع عن ظهورها على شاشة القناة التى كانوا يعتقدون فيها الاحترام.
سقطت «بى. بى. سى» وهى تحاول -بفجاجة- إعادة إحياء «الكاحول»، وتضعه عنوة تحت دائرة الضوء مرة أخرى، بعد أن تحول سريعاً إلى «كارت محروق» فى أعين المصريين جميعهم.
أتفهم أن تعلن «بى. بى. سى» صراحة ودون مواربة موقفها المعادى لمصر، وهنا قد نتأفف أو نمتعض أو يكرهها البعض، لكنها لن تفقد الاحترام، ولكن لا داعى مطلقاً لممارسة الكذب فى الوقت نفسه الذى تدعى فيه المهنية والالتزام بقواعد أخلاقية تضمنها دليلها المهنى الذى توزعه على العاملين بها.
فى أبريل الماضى، وعبر تلك النافذة التى أطل منها على قراء «الوطن» المحترمين وتحت عنوان «وهم مهنية الإعلام الغربى»، أشرت إلى أنه «لا صحة على الإطلاق لمعتقداتنا «الصدئة» حول مهنية قنوات مثل الـ«سى إن إن» و«فوكس نيوز» و«بى. بى. سى»، أو جرائد مثل الـ«جارديان» و«نيويورك تايمز»، ولو كان القائمون على تلك المؤسسات «الكاذبة» لديهم قدر من الضمير الإدارى لما تغافلوا عن مدى تأثيرهم الإعلامى على المواطن فى الشارع العربى بشكل عام، وفى مصر بكل ما تمثله من ثقل سياسى وسكانى بشكل خاص.
المواطن العادى وليس المتخصص فى الصحافة والإعلام لمس عدم مصداقيتهم، واكتشف مع الوقت أنهم يبثون محتواهم «الإعلامى» لحسابات سياسية بحتة لا علاقة لها بأى قواعد مهنية.
قناة «بى. بى. سى» تسعى بخطى متسارعة للانتحار فى الشارع العربى مثلما انتحرت قناة الجزيرة، التى انعدمت نسبة مشاهدتها بإجماع شعبى عربى، ودون قرار حكومى بحظرها، أو توجيه غير رسمى بمحاصرتها، وذلك بعد انكشاف دورها المشبوه فى تنفيذ مخطط تدمير الدول العربية، وفقاً لسياسة «الفوضى الخلاقة، ودعمها الإعلامى لما يسمى بثورات الربيع العربى التى دمرت دولاً، وما زالت تسعى لتدمير دول أخرى.
بحكم «الزمالة» إن سمح لى -أو لم يسمحوا- القائمون على «بى. بى. سى» أنبههم لما يتوجب عليهم مراعاته فى تناولهم للشأن المصرى، وهو أن الأغلبية الكاسحة من المصريين داعمون للنظام الوطنى وتوجهاته فى إعادة بناء الدولة والاقتصاد، وتحديث قواتهم المسلحة، والحفاظ على استقلالية قرارنا السياسى وعلاقاتنا الخارجية، المصريون واعون تماماً لخطورة الفترة الراهنة فى مواجهة قوى التطرف والإرهاب وفى القلب منها جماعة الإخوان الإرهابية صنيعة بريطانيا العظمى.
وعليهم أن يتذكروا ما فعله الفنان الراحل محمود مرسى، الذى كان يعمل بالقسم العربى فى «بى. بى. سى» حين وقع العدوان الثلاثى على مصر 1956 فخرج على الهواء قائلاً: هذه هى آخر حلقة أقدمها فى هذه الإذاعة، حيث إنه لا يمكننى أن أعمل، أو أقيم فى دولة تشن حالياً عدواناً على بلادى، وتلقى بقنابلها على أهلى فى مصر، ولتلك الأسباب أقدم استقالتى على الهواء، وسوف أعود إلى بلادى أقاتل بجانب أهلى أعيش معهم، أو أموت معهم..
هذا هو المصرى الذى تتغافلون عن حقيقة معدنه الأصيل وتجرون وراء مجرد «كاحول».