نعايش خلال الشهور الثلاثة الماضية حالة غريبة على الجمهور المصرى والعربى حيث أصبحنا نرى نماذج متعددة لحالات من الاغتيال المعنوى التى نراها تستهدف أفراداً وفئات ونظم مجتمعات.. وعلى الرغم من فشل غالبية عمليات الاغتيال المعنوى للفرد أو الفئة أو الدولة إلا أن سيل التشكيك والأكاذيب ما زال يزعج المواطنين.
والاغتيال المعنوى عملية إعلامية تقوم بالسعى المتواصل لترويج رسائل اتصالية متنوعة تهدف إلى التشكيك فى مرتكزات الثوابت الإنسانية الراسخة عبر صور مزيفة كاذبة عن الفرد أو المجتمع الذى تستهدف قوى الشر اغتياله معنوياً..
وكل الأديان والقوانين البشرية ترفض وتجرّم الاغتيال المعنوى كونه يقوم على الغيبة والنميمة والتزييف ونشر الشائعات والإساءة إلى سمعة الفرد ودوائر انتمائه كالأسرة وجهة العمل ومكان السكن وغيرها.
وهنا يتجاوز من يمارس متعمداً حالة الاغتيال المعنوى ما نقبله من حق النقد أو حرية الرأى والرأى الآخر.. ونصبح أمام تعمد ترويج الكراهية وتشويه الإنسان بالباطل.. وهى جريمة ترفضها الإنسانية كلها..
ويجمع أساتذة وخبراء الصحافة والإعلام على أن أهم وسائل مواجهة ألاعيب الاغتيال المعنوى هى التمسك بالثوابت الاجتماعية والأخلاقية والقيمية الراسخة فى المجتمع والتى تمثل السمات الأساسية للشخصية المصرية والعربية.. أو ما نسميه عناصر قوة النسق الاجتماعى العام.. التى ارتضاها الشعب وترسخت عبر تاريخه وتجاربه وتمثل البوصلة ومعيار قياس الصحيح والخطأ فى السلوكيات والمواقف اليومية فى كل المجالات.
ويجب أن تحافظ كل قوى الفعل فى المجتمع على استحضار وتطبيق الثوابت الاجتماعية وترسيخها فى كل المواقف لتنتقل إلى الأجيال الشابة التى تعانى من حالة تشوش تجاه الثوابت الاجتماعية..
والإشكالية التى يعانى منها الجمهور اليوم هى كيف نواجه بالثوابت التى نؤمن بها هذا السيل اليومى من عمليات الاغتيال المعنوى، التى تتنوع آلياتها وأدواتها ومصادرها فى الوقت الذى يفتقد فيه المثقفون وقادة الرأى الطبيعيون وحتى المتحدثون الرسميون للحكومة والبرلمان والجهات المهمة امتلاك أدوات إعلامية واستراتيجية للرد وكوادر واعية تقوم بالتفاعل الناجح الذى يهزم عمليات التشكيك والزيف المستمرة ليل نهار..
إن ثوابتنا الاجتماعية الحضارية الراسخة تحول دون نجاح عمليات الاغتيال المعنوى التى تستهدف الوطن والمواطن.. ودعم هذه الثوابت بالعدل والقانون والقدوة والعمل الواعى الدؤوب سوف يقضى على أحلام المرتزقة الذين يستخدمون الإعلام بالباطل فى أبشع الجرائم.. ولن ينجح الاغتيال المعنوى أبداً أمام الحقائق والثوابت الإنسانية الوطنية الراسخة.