ملحوظة قبل البدء: «كتبتُ رداً فى مقالى السابق على بعض ما كتبه الدكتور «خالد منتصر» عن الشيخ الشعراوى، وقد حدث أن البعض أساء للأستاذ الكاتب بطريقة تجاوزت الحدود، ووصلت أعلى درجات الانحطاط والبذاءة، حتى نالت من عرضه!! وكل ذلك سفه مرفوض منبوذ، ولا يليق بمدعى التدين والمدافعين عن الشيخ، فالحجة تُردُ بالحجة».
وأما الأستاذ «وائل لطفى» فقد كتب مقالاً بـ«الوطن» بتاريخ 11 نوفمبر 2019م، عنوانه: (الشعراوى فى ميزان الحاضر)، تجنى فيه على الشيخ باقتطاع جملٍ وعباراتٍ هنا وهناك، فزعم أن «الشيخ الشعراوى كان يغازل إخوان السبعينات، لأن الظرف كان يستدعى مغازلتهم، وأنه ترك الإخوان لكن حكمه النهائى على الجماعة هو قوله: «كنتم شجرة طيبة ما أورف ظلالها.. رحم الله شهيداً استنبتها وغفر الله لمن تعجَّل ثمرتها»، وأن الشيخ لا يرى عيباً فى الإخوان سوى أنهم استعجلوا قطف الثمار، إلى أن قال: «انتهى كلام «الشعراوى» الذى يمكن أن (تعتبره شهادة إبراء ذمة للإرهابيين)»!!! فانظر إلى الفجاجة فى هذا التعبير من الكاتب.
نبدأ أولاً ببيان الخطأ الفادح الذى وقع فيه الكاتب فيما قاله الشيخ فى الفيديو الشهير، وهو نفس التزييف الذى تفعله جماعة الإخوان، وتتخذ من هذا الفيديو دليلاً على أن هذا هو رأى الشيخ فيهم، وهو نفس كلام «القرضاوى» حين ذكر أن حب الإخوان للشيخ معروف محفوظ، حين قال: «شجرة مباركة ما أعظم ظلالها.. إلخ».
والحقيقة أن الشعراوى فى حواره المشهور مع الإعلامى «طارق حبيب» بدأ إجابته عن سؤال عن رأيه فى الإخوان بتنهيدة تحمل الحزن والتأسف على ما آلت إليه الجماعة، وقال مبتدئاً كلامه بالفعل الماضى: «كنتم شجرة ما أروع ظلالها، وأروع نضالها، رضى الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها»، كما أن الإنصاف يوجب علينا أن ننظر إلى السياق الذى قيلت فيه العبارة، إذ لم يكن الشيخ فى موضع التحليل للجماعة وفكرها ومنهجها وتصوراتها، بل كان فى موضع إرسال رسائل نصح عابرة قصيرة للإخوان ولغيرهم، ففى نفس الفيديو وفى الجملة التى بعدها أرسل الشيخ الشعراوى رسائل مشابهة حين سأله المحاور عن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وعن الحزب الوطنى وعن أحزاب المعارضة.
وإليكم نص الفيديو كاملاً: فى رسالته إلى الإخوان قال: «كنتم شجرة ما أروع ظلالها، وأروع نضالها، رضى الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها»، وفى رسالته إلى الحزب الوطنى قال: «رجّح ولا تجرّح، ولا تضبط نفسك على (نعم) بدون استحقاق، فدوام الوفاق نفاق»، وفى رسالته للمعارضة قال: «المعارضة عرض رأى أمام رأى، فلا هى فرض ولا هى رفض، فلا تضبطوا أنفسكم على (لا) بدون إنصاف، فدوام الخلاف من الاعتساف»، وفى رسالته للرئيس السابق حسنى مبارك قال: «ما لم ترضَه فى حكمك فامحُ آثاره من سلفك، وأفرغ إلى حملك، ونحن سنعينك بأن نصلى من أجلك».
والسؤال هنا: هل يأتى أتباع الحزب الوطنى ويطيرون بهذه الكلمة فرحاً، ويقولون إنّ هذا هو رأى الشعراوى فى «مبارك» وسياساته وقراراته؟!! وأنه يُصلى (يدعو) من أجل مبارك؟! هل يأتى المعارضون ويقولون إن رأى الشعراوى فينا هو ألا نعارض على طول الخط، وما عدا ذلك فهو يؤيدنا فيه!!
لا توجد جملة تم استغلالها إلا هذه الجملة، حيث إن جماعة الإخوان هى وبعض الكُتاب اقتطعوا الفيديو من سياقه العام، واعتبروه خلاصة رأى الشيخ فى الجماعة، وسيأتيك فى المقال القادم الدليل القاطع على أن الشيخ كان يرفض الإخوان جداً، وأن كلام الكاتب محض افتراء.