ما مشروع الأمير محمد بن سلمان لبلاده؟
المشروع ليس وثيقة لنظرية شكلية، لكنه خطة عمل تفصيلية فيها رؤية عملية محددة بمشروعات بعينها، لها أهداف واضحة، مرتبطة بتوقيتات زمنية صارمة.
المشروع، دون تنظير أو فلسفة، يريد تحقيق 3 نتائج جوهرية:
1- إحداث نقلة نوعية من «اقتصاد النفط» إلى اقتصاد قائم على إنتاج المواطنين وليس «ثروة باطن الأرض».
2- تحقيق مستوى جودة للحياة يحقق لهم السعادة التى يستحقونها.
3- توطين الصناعات والخدمات، وتحويل المجتمع من مستورد إلى منتج، ومن نخبة تنفق مدخراتها خارج الوطن إلى خلق وتوفير كل ما يجعل المواطن غير مضطر للسفر للحصول على ما يريد من جودة الحياة.
باختصار يريد الأمير محمد، دولة قوية، واقتصاداً منتعشاً ومتطوراً ومتفتحاً، يؤديان إلى شعب سعيد.
ولأن الرجل يؤمن بأنه لا حدود للحلم، فهو يريد لبلاده أن «تنفرد» بمكانة متميزة تتعدى موقعها ومحيطها الجغرافى ولكن على مستوى العالم.
ويرى الوزير ماجد القضيبى، وزير التجارة والاستثمار السعودى، والمقرب من صناعة القرار الداخلى وهو أحد أهم العقول والطاقات التى تسهم فى تحقيق النقلة النوعية لاقتصاد المملكة أن السعودية لديها الرغبة فى التقدم والتفرد بحيث تكون إحدى أهم عشرين قوة اقتصادية مؤثرة على اقتصاد العالم وليست مجرد قوة إقليمية مهمة.
ويؤكد الخبراء أن هناك عناصر موضوعية من الممكن أن تجعل رؤية ولى العهد ذات تأثير وفعالية، منها ما تم إنجازه بالفعل مثل:
1- طرح 2٪ من قيمة شركة أرامكو التى يعتبر طرحها طرحاً لأكبر شركة ذات قيمة سوقية فى العالم.
2- تسلم السعودية هذا الأسبوع مسئوليات تنظيم قمة العشرين والتى تقام على أراضيها، ما يعطيها مكانة معنوية ومادية متعاظمة.
3- تحقيق صناعة الترفيه قيمة رأسمالها الذى أنفق عليها وبدء تحقيق أرباح لها فى زمن قياسى.
4- تطور مركز السعودية فى عدة مؤشرات عالمية فى مجال جودة الحياة، والحوكمة، وإجراءات جذب الاستثمار، ومكافحة الفساد الإدارى، وتحسين وتمكين المرأة.
5- قدرة الاقتصاد السعودى على تخفيض نسبة عجز الموازنة بمجموعة من الإجراءات الصارمة، مثل ضبط الإنفاق الحكومى، ووقف الهدر، وزيادة القدرة على تحصيل الرسوم الحكومية وضريبة القيمة المضافة.
6- توطين السياحة والترفيه فى المملكة بحيث تخلق أنشطة وفعاليات تجذب المواطن السعودى للإنفاق داخل الوطن بدلاً من الخارج.
7- السماح لجنسيات 49 دولة بسهولة الحصول على تأشيرات دخول وإقامة فى السعودية بعدما كان هذا الأمر شديد الصعوبة.
8- الموافقة ومنح تراخيص لإنشاء شركات وبنوك لغير السعوديين وتيسير إجراءات مجتمع المال والأعمال حتى تصبح المملكة منطقة جذب للاستثمار.
9- تشجيع التجارة الإلكترونية من وإلى السعودية وإنشاء إدارة قوية لها ملحقة بوزارة التجارة.
هنا لا بد من التوقف طويلاً فى مشروع طرح 2٪ من قيمة أسهم شركة أرامكو التى ثبت بالتجربة العملية إقبال قرابة 4٫5 مليون مواطن على التنافس لشراء أسهم فيها. ويرى المراقبون أن هذا الطرح هو فكرة إبداعية جريئة لتوفير استثمارات استثنائية.
جمعت أرامكو فى هذا الطرح الأولى حتى كتابة هذه السطور 43 مليار دولار أمريكى من أكثر من 4٫2 مليون مكتتب بمعدل تغطية فاق كل التصورات.
مرة أخرى يثبت إصرار الأمير محمد ورهانه أنه كان على صواب فى الدفع بهذا المشروع.
ولكن أين ستذهب عائدات طرح أرامكو؟
الإجابة باختصار ستتم إعادة تدويرها فى مشروعات الرؤية المنصوص عليها بهدف إنعاش الاقتصاد الكلى للمملكة وإحداث نقلة نوعية هائلة فى معدلات التنمية، ومستويات رفاهية المواطن.
من مشروع «نيوم العملاق» إلى جزر «البحر الأحمر»، ومن اكتشافات الغاز والمعادن إلى توطين صناعة السلاح، ومن تطوير التعليم بكافة مراحله إلى صناعة الترفيه، هناك «زلزال» إيجابى لأكبر حركة إصلاح وتحديث تشهدها المملكة منذ عهد الدولة السعودية الأولى.
فى هذا المجال تعطى الرياض الآن الأولوية المطلقة فى جهودها وفى توجيه مواردها إلى الداخل.
ويدرك الأمير محمد جيداً، بوصفه أيضاً وزيراً للدفاع، أن حماية الأمن القومى السعودى تفرض عليه مواجهات لا بد منها، خاصة فى منطقة تعانى من خطط توسع إيرانية، وجنون تركى، وشرور جماعات إرهابية، وسياسات -للأسف- عدائية من أشقاء فى المنطقة على رأسهم قطر.
هذه التحديات تفرض عليه «مواجهات الضرورة». إنها ليست حروباً مختارة أو مغامرات عسكرية.
تبقى الأولوية لدى الأمير محمد بن سلمان هى بناء السعودية القوية التى تدخل عامها الجديد ولديها 4 عناصر قوة إضافية:
1- التهدئة فى اليمن.
2- عوائد طرح أرامكو.
3- تنظيم وقيادة قمة دول العشرين.
4- التطور فى مشروعات البناء الاقتصادى وجودة الحياة.
كل ذلك يثبت بالوقائع أن اختيار الملك السعودى لولى عهده كان سليماً، دقيقاً، وفى محله.