مصائب تلو الأخرى جعلته يفقد الأمل، انتقادات لاذعة وسخريات موجعه من منافسيه، أصابته بحالة اكتئاب كبيرة جعلته يفكر مراراً وتكراراَ في الانتحار، ليترك الظروف الصعبة التي يمر بها وينقذ نفسه من السجن، ورغم كل هذا قرر أحمد شعبان، تحدي واقعه المُر، ووسوسة الشيطان، والعودة إلى صوابه والتغلب على صعوبات الحياة و"شماتة" المحيطين به بالعثور على "الكنز" في نهاية الرحلة.
أحمد شعبان، الشهير بـ"أحمد مينوش"، مهنته الأساسية مدرس أول لغة عربية، قرر عام 2009، فتح محل ملابس للأطفال في قنا مسقط رأسه، من أجل تحسين الدخل بجانب عمله في المدرسة، كانت الحياة تسير في مجراها الطبيعي لمدة نحو 3 أعوام، حتى جاءت الاضطرابات السياسية التي عاشتها مصر بعد 2011، ليخسر تجارته.
سرعان ما وجد "مينوش" البالغ من العمر 40 عامًا، نفسه تحت ضغوط ديون البضاعة التي تحصل عليها من التجار مقابل إيصالات أمانة، تجاوزت الـ 400 ألف جنيه، لم يستطع تسديدهم بسبب خسارته المالية وعدم مقدرته على بيع الملابس بسبب الظروف: "محدش صبر عليا بدأ يقدموا الشيكات للنيابة واخدت 13 حكم قضائي بـ13 سنة سجن"، بحسب قوله لـ "الوطن".
حالة يأس واكتئاب كبيرة انتابت الرجل الأربعيني، حينها، خاصة أنه لديه زوجة وثلاثة أبناء، مما سبب له عبئا كبيرا، بالإضافة إلى "شماتة" بعض منافسيه: "قالولي أنت خسرت أنت فاشل واسمك هينتهي من السوق، ونظراتهم مقدرش انساها"، الأمر الذي جعله يفكر في الانتحار لإنقاذ نفسه من السجن، بعد عام من محاولات تسديد ديونه باءت جميعها بالفشل وفقا لوصفه.
ولكن في لحظة مرت عليه، فكر فيها بعقاب الله ومصير أسرته، الأمر الذي جعله يعود إلى صوابه ويقرر المحاولة في تغيير الواقع وتحدي الانتقادات والسخريات التي كانت دافعا قويا في تحويل حياته، بحسب ما أوضح "مينوش": "قولت أنا هاثبت للناس كلها إني أحسن وأن ده مش فشلي أنا دي الظروف اللي عملت فيا كده".
وبدأ ابن محافظة قنا، منذ أكثر من 5 أعوام، أول خطوة في تغيير حياته من خلال ممارسة الرياضة وإنقاص وزنه الذي كان 118 كيلو جراما، من خلال اتباع نظام الكيتو دايت، من أجل تحسين حالته المزاجية والصحية: "كنت بروح الجيم بالساعات مفيش حاجة غير إني بطلع الهم في التمرين، ملقتش ملجأ غيره يخرجني من حالتي وحولت فشلي وغصبي لتغيير نفسي".
"كانوا بيقولولي انت عليك أحكام قضائية ورايح الجيم، إيه أنت بتعمل فورمة السجن؟".. ظلت الانتقادات اللاذعة والسخرية منه تلاحقه، والخذلان الشديد بسبب رفض الكثيرون مساعدته في البداية، إلا أنه قرر أن يجعلها دافعا قويا له للتغيير للأفضل، وفقد مينوش 50 كيلو جراما من وزنه في 5 أشهر، وخلال هذه الفترة كان يسير في خطوات قانونية لنقض واستئناف للنيابة لإعادة النظر في الـ 13 قضية ولتأخير الوقت في تنفيذ الحكم، حتى يستطيع تسديد ديونه.
مرت الأيام والسنوات، حتى استطاع "مينوش" التصالح مع التجار والتخلص من القضايا، وتسديد جزء كبير من ديونه، وإعادة فتح محل الملابس مرة أخرى بمساعدة شقيقه: "كنت مهددا بالسجن ومتقيد في حركتي، وكانت الناس بتقولي مفيش حل بعت عربيتي وكل حاجة ينفع ابيعها بس الحمد لله قدرت اتجاوز كل ده وحياتي بتتحسن كل شوية".
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل قرر الرجل الأربعيني، التركيز والالتزام في الرياضة وبالفعل بدأ يدرب بإحدى صالات الرياضة في قنا، وحصل على شهادة من أكاديمية شهيرة للرياضة عن الإسعافات الأولية وإنعاش القلب، وينتظر حاليا اختبار شهادة مدرب معتمد، كما التحق بكلية التربية الرياضية جامعة الإسكندرية لعمل دبلومة تخصصية في التدريب الرياضي: "أنا بشتغل 3 حاجات دلوقتي الحمد لله مدرس ومدرب وصاحب محل ملابس وكمان طالب".
وفي نهاية حديثه مع "الوطن" أشاد "مينوش" بدور زوجته وتشجيعها له طوال الوقت وتحملها عبء مصاريف المنزل معه والظروف الصعبة التي مر بها.
تعليقات الفيسبوك