غدا.. العالم يحيي اليوم الدولي لمكافحة الفساد
غدا..العالم يحيي اليوم الدولي لمكافحة الفساد
يحيي العالم غدا ذكرى اليوم الدولي لمكافحة الفساد 2019، إذ بات الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان، يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في عدم الاستقرار الحكومى ويهاجم أسس المؤسسات الديمقراطية من خلال تشويه العمليات الانتخابية، وتحريف سيادة القانون وخلق مستنقعات البيروقراطية.
قيمة المبالغ المسروقة بطريق الفساد إلى ما يزيد على تريليونين ونصف دولار
وتعاني التنمية الاقتصادية من التقزم، إذ إنّه من المستحيل التغلب على "تكاليف البدء" المطلوبة بسبب الفساد، ففي كل عام تصل قيمة الرشي إلى تريليون دولار، فيما تصل قيمة المبالغ المسروقة بطريق الفساد إلى ما يزيد على تريليونين ونصف دولار، وهذا مبلغ يساوي 5% من الناتج المحلي العالمي، وفي البلدان النامية بحسب ما يشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقدر قيمة الفاقد بسبب الفساد بعشرة أضعاف إجمالي مبالغ المساعدة الإنمائية المقدمة، والفساد جريمة خطيرة قد تقوض التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع المجتمعات، ولا يوجد بلد أو منطقة أو مجتمع محصن، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء "الشرق الأوسط" في تقرير اليوم.
وفي هذا العام، أجرى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، شراكة عالمية تركز على كيفية تأثير الفساد على التعليم والصحة والعدالة والديمقراطية والازدهار والتنمية، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31 أكتوبر 2003، وطلبت إلى الأمين العام أن يعين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بوصفه أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، واعتمدت الجمعية أيضا القرار 4/58، باعتبار يوم 9 ديسمبر يوما دوليا لمكافحة الفساد، لزيادة الوعي بالفساد ودور الاتفاقية في مكافحته ومنعه، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في ديسمبر 2005.
فشل معظم الدول في الحد من الفساد يساهم في مفاقمة أزمة الديمقراطية
وكشف مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 الذي صدر اليوم عن منظمة الشفافية الدولية، عن أنّ الفشل المتواصل لمعظم الدول في الحد من الفساد على نحو فعال يساهم في مفاقمة أزمة الديمقراطية في العالم، ويستند مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 إلى 13 استطلاعا وتقييما للفساد أجراه خبراء لتحديد درجة انتشار الفساد في القطاع العام في 180 دولة وإقليما، عن طريق إسناد درجة تتراوح بين 0 "الأكثر فسادا" و100 "الأكثر نزاهة".
الدنمارك أقل البلدان انتشارا للفساد
وتصدرت الدنمارك التي تعد من أعلى بلدان العالم دخلا، 180 اقتصادا حول العالم، كأقل البلدان انتشارا للفساد، والأكثر من حيث وضع الإجراءات المحاربة لها، وحصلت على علامة 88%، وهي ذات نسبة 2017، بينما نيوزيلندا التي أعلنت قبل أيام ميزانية للرفاهية للمجتمع المحلي، جاءت في المرتبة الثانية بعد الدنمارك، بحصولها على علامة 87%، مقارنة مع 89% في تقرير العام 2017، أما البلدان الأقل حصولا على درجات في المؤشر الدولي، فجاءت كوريا الشمالية في المرتبة 176 من أصل 180 اقتصادا، إذ بلغت درجتها المئوية 14% مقارنة مع 17% في تقرير العام الماضي، أما اليمن الذي يعاني مع إرهاب الحوثيين، فقد حصل على المرتبة 177 من أصل 180 اقتصادا حول العالم، إذ بلغت درجتها المئوية 14% مقارنة بـ16% في تقرير العام الماضي.
الفساد السياسي يعتبر التحدي الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط
وبحسب تقرير منظمة الشفافية، "فالفساد السياسي يعتبر التحدي الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم جهود الحكومات في مكافحة الفساد"، مضيفا أنّ العديد من الحكومات العربية تتأثر سياساتها وتتحدد ميزانيتها ومصارف أموالها بنفوذ شخصيات تعمل على مصالحها الشخصية على حساب المواطنين، وأنّه دون إرادة سياسية تعمل على مكافحة الفساد في القطاع العام، فإنّ بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا تجهض حقوق شعوبها"، واحتلت الإمارات المركز الـ 23، برصيد "70 نقطة" لتكون بذلك أقل الدول العربية فسادا.
الدول ذات المستويات العالية من الفساد خطرا على المعارضين السياسيين
وأشار التقرير إلى أنّ قطر حصلت على 62 درجة في مؤشر الفساد وسوريا "13 درجة" واليمن "14 درجة" وليبيا "17 درجة"، محتلين أدنى مراتب المؤشر في المنطقة، كما أنّ سوريا واليمن تندرجان أيضا ضمن البلدان الخمسة الأدنى مرتبة في المؤشر على الصعيد العالمي.
وتواجه عدة بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق تحديات بسبب عدم الاستقرار وانتشار الإرهاب والحروب والنزاعات، ما يبقيها في أدنى مراتب المؤشر، وسجل اليمن وسوريا أشد انخفاض في المؤشر خلال السنوات القليلة الماضية إذ تراجع اليمن بـ5 درجات على امتداد السنوات الأربع الماضية، وانتقل من 19 درجة سنة 2014 إلى 14 درجة سنة 2018، ويعكس هذا التغيير في جزء منه العلاقة المباشرة بين الحرب والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وانتشار الفساد.
وبشكل عام، تشكل الدول ذات المستويات العالية من الفساد خطرا على المعارضين السياسيين، ومن الناحية العملية نجد أن كل الدول التي تشهد اغتيالات سياسية إما بأمر من الحكومة أو بتغاض منها قد صُنّفت من ضمن الدول الأكثر فسادا في المؤشر، وذكر التقرير أن هناك دولا تحت المجهر.
وحصلت الولايات المتحدة الأمريكية على 71 درجة، لتسجل بذلك تراجعا بـ4 نقاط منذ السنة الماضية خرجت فيها من مجموعة الدول العشرين التي تتصدر المؤشر لأول مرة منذ عام 2011، وتأتي هذه الدرجة المتدنية في فترة تشهد فيها الولايات المتحدة مخاطر تهدد منظومتها القائمة على الضوابط والتوازنات وتدهور المعايير الأخلاقية في أعلى مستويات السلطة.
من جانبها، قالت رئيسة منظمة الشفافية الدولية ديليا فيريرا روبيو: "تظهر أبحاثنا إلى وجود علاقة واضحة بين وجود ديمقراطية سليمة والنجاح في مكافحة الفساد في القطاع العام"، وأضافت أنّه يمكن للفساد أن يستشري بشكل واسع حين تستند الديمقراطيات إلى أسس هشة، وحين يستغل ذلك السياسيون الشعبويون والمناهضون للديمقراطية لمصلحتهم، وهو ما رأيناه في عدة بلدان.
ولإحراز تقدم حقيقي في المعركة ضد الفساد ولتعزيز الديمقراطية في أنحاء العالم، تدعو منظمة الشفافية الدولية جميع الحكومات إلى تقوية المؤسسات المسؤولة عن ضمان فرض الضوابط والتوازنات على السلطة السياسية، الحرص على أن تعمل هذه المؤسسات دون التعرض للترهيب؛ سد الفجوة بين سن التشريعات المتعلقة بالفساد وتنفيذها على أرض الواقع وتطبيق أحكامها؛ دعم منظمات المجتمع المدني خاصة على المستوى المحلي، ما يعزز المشاركة السياسية ورقابة الرأي العام على الإنفاق الحكومي، دعم استقلالية الإعلام وحريته، وضمان سلامة الصحفيين وقدرتهم على العمل دون أي تخويف أو تضييق.