ندخل إلى قلب الموضوع ونسأل: ماذا لو تلقت شخصيات عامة مصرية دعوة إلى مؤتمر خارج البلاد باعتبارهم من فئة التأثير الطاغى على شبكات التواصل الاجتماعى؟! بصورة أوضح.. ماذا لو تلقى الفنانون نبيل الحلفاوى وعمرو مصطفى وندا بسيونى مع عدد من المشاهير فى مختلف المجالات ومعهم عدد من أصحاب الصفحات المليونية على الفيس بوك أو تويتر؟! حضروا وعادوا وأعجبهم المؤتمر وكتبوا عنه ماذا سيحدث؟! ستنتقل على الفور تغريداتهم وبوستاتهم وآراؤهم من صفحاتهم ومقالاتهم ولقاءاتهم إلى تغطيات إخبارية وسيقرأ متابعوهم ما كتبوه عن المؤتمر والبلد الذى أقيم فيه، وسيستطيع هؤلاء رغم قلة عددهم إعلام الملايين بما جرى هناك.. والسؤال الآن أيضاً: ماذا لو الذى حدث مع المدعوين المصريين مع مدعوين من مائة دولة أخرى؟! اعدل الصورة الآن سندرك أن هذا المؤتمر السنوى الذى يجرى فى شرم الشيخ ينقل بثاً مباشراً من مصر عن أحوالها وأوضاعها إلى كل أنحاء العالم! نقول فيه إن بلدنا آمن مطمئن يأتيه رزقه من لدن عزيز حكيم!
سيقول السفهاء فى إعلام الشر إن التكلفة مقابل ذلك كبيرة جداً!!! وهذا خطأ يحاولون إشاعته.. لسبب بسيط جداً أن المنتدى بنجاحه الكبير وتأثيره العابر للآفاق.. أصبح مغرياً للكثيرين لرعايته، وبالفعل ترعاه الآن مؤسسات وهيئات وبنوك ومستثمرون وشركات، لا يتكلف المؤتمر برعايتهم شيئاً ولا يحمل الدولة أى أعباء، وهنا ينبغى القول إن القوى الناعمة المصرية لم تعد قاصرة ولا يصح أن تبقى قاصرة على الصور التقليدية لها من مسرح وسينما وأغنية ورواية وقصة ومقال وكتاب.. بل باتت فعاليات كبرى مثل المنتدى مكوناً أساسياً من هذه القوى الناعمة.. التى تعنى باختصار القدرة على التأثير فى الآخرين والحصول على نفوذ ناعم لديهم، يتحول بالضرورة إلى مكاسب بصور مختلفة وفى توقيتات مختلفة.. وهو ما يحدثه المنتدى بالفعل!
وبينما يعتقد البعض أن المؤتمر من عنوانه يناقش قضايا الشباب فقط، وبالرغم من أن هذا ليس عيباً، إلا أن هذا ليس صحيحاً على هذا النحو.. فالمؤتمر مدخله لمناقشة قضايا مصر، ومحيطها هم الشباب إلا أن الأمر بداخل ذلك يناقش قضايا الوطن بكل فئاته وأعماره وأقاليمه.. وفى كل اتجاه ممكن وبكل الوسائل المتاحة.. فقضية الشفافية مثلاً قضية عامة ومعها التلوث ومعها الطرق ومعها دور القطاع الخاص فى التنمية ومعهم التعليم والبيئة وريادة الأعمال والمشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.. وكلها ليست مشاكل خاصة بالشباب.. كما أن مؤتمرات الشباب الدورية المحلية التى انعقدت بمحافظات مصر ناقشت باستفاضة أحوال المحافظات المحيطة بمكان انعقاد المؤتمر.. فمثلاً مؤتمر شباب أسوان ناقش مشكلات محافظات الصعيد والنوبة والبطالة هناك وإعادة تأهيل عدد من المصانع الكبرى مثل كيما أسوان، بينما ناقش مؤتمر الإسكندرية مشاكل مطروح والبحيرة وطبعاً الإسكندرية نفسها وكل محافظات الشمال، بينما ناقش مؤتمر الإسماعيلية مشكلات محافظات القناة إلا أنه أيضاً ناقش التصريح لمشاريع الشباب المتحركة وتقنينها!
أن تصل أعداد المتقدمين لحضور منتدى الشباب الذى سينطلق خلال ساعات إلى أكثر من ٣٠٠ ألف متقدم تم اختيار الأفضل منهم، فهذا يعنى -من بين ما يعنى- حجم الثقة فى المنتدى ومدى تأثيره ومقدار الاعتقاد أنه مدخل أو أداة عبور الأفكار والمواهب والقدرات للمجتمع، وأن العابرين من خلاله سيكونون محل اهتمام ورعاية من الدولة بكافة أركانها وأولهم رئيس الجمهورية، الذى لا يرعى فقط وإنما يرعى ويتابع ويراقب ويدفع كل ذلك إلى حيث الطريق أو المكان الصحيح!
الأرقام موجودة.. ومن حاولوا حضور المنتدى من خلال موقعه الإلكترونى يعرفون صدق السطور السابقة، خصوصاً أن أسرهم تابعت خطوات أبنائهم وانتظرت، ولكن من المستحيل فى أى منتدى أو أى مؤتمر قبول كل الراغبين فى حضوره، خصوصاً مع أعداد خرافية بلغت الرقم المذكور.. ومن هنا كان اقتراحنا الذى بدأ يجد طريقه للتنفيذ، وهو مؤتمرات شبابية فى محافظات مصر تستوعب آمال وأحلام وطموحات كل هؤلاء!
الآن ونحن نقرأ هذه السطور هناك المئات ممن يواصلون الليل بالنهار حتى تكتمل أعمال المؤتمر، يتابعون المدعوين من كل أنحاء العالم.. وصولهم وإجراءاتهم.. تسكينهم وتهيئة البعض منهم للمشاركة فى أعمال المؤتمر وجلساته وحواراته.. وهذا كله يحتاج لأوراق ومحاور وأرقام ومعلومات وفيديوهات وضيوف.. جهد خرافى يبذل لتظهر مصر ويظهر شعبها على الصورة النموذجية.. فى حين فرغت الحكومة نفسها للأمر، وزراء ومحافظون.. مسئولون كبار ورؤساء هيئات عامة.. يتقدمهم رئيس يكون أول الحضور ويصر على حضور كافة الجلسات مناقشاً ومحاوراً ومصححاً وموجهاً وحامياً للمتحدثين مشجعاً لهم.. وسط منظومة وتناغم لا مثيل له!
ولذلك كله لم يكن مفاجئاً أن تحاول دول أخرى استنساخ التجربة المصرية فى محاولة محمودة لتلقى العائد ذاته أو عوائد شبيهة لما تجنيه مصر من منتداها.. أهلاً وسهلاً بأى تقليد سيحسب لتجربتنا، لكن ما يعنينا الآن الإيمان أن تجربة المنتدى مثلها مثل أى مشروع أو إنجاز كبير فى مصر تحتاج من شعبنا أن يفهمها ويستوعبها كى نطلب منه أن يحميها ويدافع عنها ضد أى محاولات للتشويه والتجريح والتشويش، الشوشرة.. حيث لا أمام إعلام الشر إلا ذلك.. حيث انتهت للأبد احتمالات إفشال التجربة أو وقفها أو تعطيلها!
إذن.. فلتستقبل مصرنا ومعها وحولها محيطها العربى ومعها وحولها محيطها الأفريقى ومعنا جميعاً كل أحرار العالم والمؤمنين بالعمل الإنسانى الواحد بقيم الحق والخير والجمال، نقول فليستقبلوا معاً المنتدى الذى سيبدأ بعد ساعات، الاستقبال الذى يستحقه كأحد مظاهر وأدوات القوى المصرية الناعمة التى يمتد نفوذها بها إلى عقول وقلوب شعوب العالم كله!
كل التحية لكل جهد قدم للمنتدى وفيه ولكل يد امتدت بالعمل فيه ولكل عقل قدم خلاصته إليه.