الجميع ينشد الاستقرار باستثناء الجماعة المظلمة، ومن بين هؤلاء الجميع فئة تسعى لتكريس نظام جديد يتشابه مع ماضٍ قريب يسمح لها بالثراء والسمنة المالية ويتيح لها مساحات نفوذ للسيطرة غير المباشرة على القرار، لأنها تدعم القائم بصفحات من كتاب قديم اسمه «محمد حسنى مبارك». ويتساوى هناك فلول الحزب الوطنى مع أصحاب مصالح يرون الآن فرصة تاريخية للعودة إلى حظيرة الحكم والقربى من القصر، ويجدون فى عبدالفتاح السيسى رجلاً يرى فى استعادة الدولة المصرية للدولة هدفاً أسمى، ومن ثم بالإمكان رفع لافتة الاستقرار والاستفادة من الدوران فى فلك المؤسسات التقليدية، للنفاذ إلى النظام الجديد دون قوى أخرى مخلصة لا تسعى لجاه أو سلطان بل حرية وعدل وديمقراطية.
أعضاء أمانات الحزب الوطنى ورجاله فى الإعلام والصحافة ينتظرون إشارة للانضمام ويقدمون الغالى والنفيس والتحلل والتلوى والتعرى لينالوا رضا مرشح الضرورة، بل يتحدث بعضهم باسمه ويحاول آخرون بدعوى دفاعهم عن المستقبل الإيهام بأنهم يهيئون الطريق ويمهدون السبل لـ«السيسى» إلى القصر رغم أنهم كاذبون انتهازيون يعلمون أن الرجل لا يحتاج إلى ذلك لأن ما فعله سيظل تاريخاً مضيئاً، فإنقاذ البلاد والعباد من مصير باكستانى أفغانى جدير بأن يظل الرجل فى القلوب رغم أنف الظروف والملمات، وهذا ليس صكاً بالخطأ والتجاوز لكنه قيمة معنوية فى أذهان شعب لم ينسَ عبدالناصر أو السادات رغم الأخطاء، واستمر أيضاً فى محاسبتهم!!
من لوثوا أبداننا بمسرطناتهم بترحيب من مبارك وعصابته، ومن لوثوا أسماعنا وأبصارنا بتطبيلهم وأكلهم على كل الموائد، هم من يحاربون اليوم لإقحام أنفسهم فى المشهد بل وتصدّره من أجل أن يكون الرجل لهم، وليس للشعب، ورغم الهجمة الفلولية المصلحية الفاسدة فإننى أتوسم خيراً فى انضباط «السيسى» وذكائه وتجنبه الانسياق والاستسلام لغواية القصور وتزلف البطانة ومستشارى السوء، لا تكن يا مشير الضرورة فريسة لهؤلاء أو هؤلاء وتخلص من أحادية التفكير لدى الجنرالات، فالحكم فى 2014 يختلف تماماً عما قبله.. وانظر إلى سابقيك ستجد هناك العبرة، فحتى الجماعة المنظمة لا تستطيع حماية الحاكم من شعبه، وانظر إلى الخارج وتعلم التجربة، فالحكم ليس نزهة بل تكليف -كما قلت- من جانب مواطنيك، مؤسساتنا التقليدية لن تستطيع حماية فرد فى مواجهة شعب، مؤسساتنا التقليدية تؤمن بالدولة لكنها ليست مانعاً ضد التغيير، نتفاءل بمستقبلنا رغم العوائق من حشرات السياسة وعناكب الانتهازية وغلاة المنافقين وزواحف الإعلام التى لا تريد لك ولا لنا المستقبل بل تريد فقط مستقبلها ونفاذيتها لأنها تعودت على حكم المستبدين فهو يغذى لديها خلايا البقاء ويطيل عمر شرايين فسادها.
الخيار لك حتى لا تكون «محمد حسنى السيسى»، وتجنب حمى البدايات فهى خطرة ضارة.. وكما تدوم الانطباعات الأولى فإن المسارات أيضاً مثلها، لا ينفع معها إصلاح أو تصحيح ما دمت متمسكاً بأحاديتك، فالتصحيح واجب والاعتذار عن الخطأ فضيلة والتراجع قيمة إذا كان فى صالح الشعب.
حملتك الانتخابية ستكون صورة لحكمك فاخترها بعناية، نعلم أنك اخترتها لكن تفاصيلها لم تصل للرأى العام حتى الآن، فابتعد عن الفلوليين والمتزلفين والمتطوعين بغرض والأدعياء وما أكل السبع الثورى والنطيحة المباركية وجنرالات الفضائيات!!
يا مرشح الضرورة.. كن أملاً لشعبك وليس لفئة سيحارب الجميع من أجل أن يكونوا جزءاً منها، فهذه السبيل هى النهاية للحكام فى القصور.