إن كنت ممن يعتقدون حتى الآن أن الإعلام فى تعريفه هو وسائل الإعلام التقليدية المعروفة من صحافة وإذاعة وتليفزيون وفضائيات فقط فأنت مخطئ.. وإن كنت تعتقد أنه من خلال هذه الأدوات الإعلامية القديمة يمكن مواجهة الإعلام الجديد بكافة صوره وأهمها شبكات التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر ويوتيوب وواتساب وسناب شات» وغيرها.. إن كنت تعتقد ذلك فأنت مخطئ جداً.. وإن كنت تعتقد أن كل ما تراه من إزعاج وقرف ومشاكل وصداع على هذه الشبكات هو محض صدفة.. فأنت مخطئ جداً جداً.. فإن كنت تعتقد -مثلاً- أن الشائعات التى يساهم البعض فى غفلة من وعيه بالترويج لها يحدث صدفة دون وقوعه فى فخ تأثير اللجان الإلكترونية فأنت واهم.. وإن كنت تعتقد أن سلوك بعض الوطنيين يكون فى بعض الأحيان ضد وطنهم وبالتالى ضد طموحاتهم وأحلامهم وذلك بسبب مواقفهم دون وعى فى دعم إعلام الشر بترويج فيديوهاته وصوره المفبركة وأن ذلك يتم بعيداً عن تأثير الهندسة النفسية فأنت أيضاً واهم..!
أما إن كنت تعتقد أن شبكات التواصل الإعلامى مصدر فقط للشائعات الخبيثة وللصور المفبركة وللفيديوهات المزيفة فأنت فى الوهم ذاته.. فالحرب على البلاد والعباد تستهدف وجود مجتمع فاشل لا قيم له ولا تقاليد تحكمه، غارق فى الجهل والتفاهة والبؤس والنكد والغم والأزمات والمشاكل والإحباط والبذاءة.. لذا يكون انتشار أخبار العنف والقتل والجريمة، خصوصاً الغريب منها، الخارج عن المألوف، مثل قتل الأبناء لآبائهم وقتل الآباء لأولادهم مع أسباب القتل التى تتم لأسباب عاطفية أو لإدمان المخدرات كله يتم بشكل عمدى!! وانتشار التقاليع البعيدة عن ثقافة مجتمعنا تتم أيضاً بشكل متعمد، خصوصاً تقاليع الزواج وصور الانحراف بالرباط المقدس وإبراز صور الزواج غير المألوف المبنى على تقاليد مستوردة آثمة فى أغلب الأحوال.. كل ذلك يتم بشكل متعمد!
وكذلك انتشار البذاءة على شبكات التواصل الاجتماعى ولا نعنى انتشارها أثناء الحوارات والاختلاف على القضايا العامة وإنما أيضاً فى صور التهور السلوكى والانفعال غير المبرر والبذاءة من أجل البذاءة.. هى أيضاً يقف خلفها مخطط لتنتشر وتكون حالة عامة فى مجتمعنا!
السخرية من الثوابت وفى مقدمتها الأديان السماوية.. وفرق كبير جداً من الرغبة فى تقديم رؤى معاصرة لفهم التعاليم الدينية وهو ما يعنى الاختلاف مع التفسيرات والتأويلات السابقة وبين التسفيه والسخرية ومحاولة نزع التبجيل والاحترام للمعتقدات المقدسة من عقول وقلوب المؤمنين بها!
وكل صور تزييف التاريخ وتقديمه للبسطاء باعتباره تاريخاً من الهزائم والانكسارات هو أيضاً يسير فى هذا الاتجاه ومعه التركيز فقط على الانكسارات والهزائم بما يشيع الإحباط ويبقى أجيالاً جديدة فى أجواء لم تعايشها بل ربما عايشت الانتصارات.. ولكن بكل خبث يتم تقديم وجبات البؤس من خلال مقالات ولقاءات كتّاب ومشاهير والمؤسف أن بعضهم يزعم أنه يكشف المؤامرة على مصر وشعبها ويدعو الناس لفهم أبعاد المخطط بينما هو نفسه -أو هى نفسها- جزء منه!!
ظاهرة انتشار الأخبار الحزينة والمؤلمة حتى أصبح دخولك لشبكات التواصل يحقق طاقة سلبية كبيرة ومؤسفة، فضلاً عن اقتران ذلك بـ«الغم» والحزن! وذلك أيضاً يتم بشكل متعمد!
انتشار التلاسن بين الشعوب العربية وعدم الإيمان بأن لجاناً إلكترونية موجودة بشكل دائم ليل نهار وعلى مدار الساعة هدفها الإيقاع بين الشعوب العربية لخلق فرقة دائمة مع توترات مستمرة تمنع أى فرص للعمل والتعاون المشترك حتى استطاع الإعلام الجهنمى أن يجعل البعض يعتبر أن الإسرائيلى مسالم أقرب إليه من شقيقه العربى!
الانقلاب على الهوية وعدم الاعتزاز بها والتخلى عنها والترويج الدائم أننا لسنا عرباً حتى لو تحدثنا العربية وهذا يصب فى متاهة الانتماء والجذور والأصول فى حين نجد أن هذا الجدال لا تجده فى كل البلاد المحيطة ذات القوميات الأخرى من أصحاب المشاريع السياسية.. فهو محسوم فى إسرائيل وإيران وتركيا. ومحسوم عند باقى القوميات من أكراد وأمازيغ وغيرهم.. لكن تلك القوى الخفية التى تستهدف الأمة العربية وحدها تصدر لها وحدها هذه الأفكار التى يصدقها البعض!
وبخلاف السخرية من الدين تأتى فكرة الإلحاد والخروج عن الدين أو تبديله.. ورغم أن الإنسان حر فى اعتقاده وما يؤمن به وما يختاره من الأساس لكننا نقصد فكرة تزيين المسألة ومنحها انطباعات أكبر من حجمها الحقيقى بكثير فى تعمد الترويج لها!
ومع كل ما سبق يأتى الترويج للخرافة وإبقاء العلم غريباً عن مجتمعنا يعانى من الإهانة والسخرية أيضاً وإشاعة أجواء الجهل والوهم والسعى خلف الأسباب الغيبية التى لا سند ولا أصل لها وتخالف صميم العلم والدين معاً!
إهانة الرموز الوطنية فيتلاشى الفاصل بين الانتقاد والاختلاف وبين الحط من الشأن ومن الاعتبار وتعمد الإهانة والتجريح بغرض تحطيم صور القدوة والنماذج ذات المكانة الوطنية المهمة والكبيرة وهو ما يؤدى إلى شيوع الاستخفاف بتاريخ الوطن ومنه إلى اللامبالاة ومنه إلى فقدان الانتماء!
كل ما سبق يتم بشكل مقصود.. وهذا لا يعنى أن كل من يفعله عميل ومتآمر.. إنما نقول إن من يفعله يقع تحت تأثير لجان إلكترونية تشعر صاحبها أن رأيه هو نفسه رأى الكثيرين حوله بما يشجعه على تبنيه ونشره، بينما فى الحقيقة هو ضحية لفخ إعلام الشر ولجانه!
ولذا.. لا نحتاج فقط لإعادة تشكيل صورة الإعلام التقليدى من صحف وإذاعة وفضائيات فقط.. وإنما نحتاج لرؤية شاملة تضع كل ما سبق فى الحسبان وتواجهه وتتصدى له.. وإن لم نفعل ستكون صورة الإعلام جميلة. بينما تنخر المؤامرة عظام مجتمعنا لنعود ونسأل: هو الإعلام ليه مش قايم بدوره!
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.