سيدات دمياط: "هبة استورجي.. وهند دوسرجي وصابرين مصممة براقع".. الشغل مش عيب
السيدات أثبتن جدارتهن فى مجالات عمل الرجال
ضربن المثل فى الجد والاجتهاد والتفانى فى العمل، رفعن اسم محافظتهن عالياً دون أن يلتفتن إلى انتقادات قلة من المجتمع بعد إقدامهن على مهن قاسية عُرفت للرجال لرعاية أطفالهن.. واصلن العمل والاجتهاد ليل نهار وضربن بالعادات البالية التى لا تغنى ولا تسمن من جوع عرض الحائط، نزلن لمعترك العمل فى ورشهن أمام المعدات دون خوف أو تردد.
«مش فارق معايا نظرات الناس، المهم أساعد زوجى وأعمل ما أحبه.. نظرات الناس لا بتقدم ولا بتأخر أول ما نزلت معترك العمل، الكثيرين هاجمونى وقالوا لى إزاى تكونى منتقبة وتنزلى تشتغلى وتقفى فى ورشة للعمل كأستروجى حرام عليكى»، هكذا روت هبة محمد إبراهيم، 32 عاماً، حديثها لـ«الوطن»، مشيرة إلى أنها أم لطفلين وحاصلة على دبلوم تجارة: «زوجى كان يعمل صنايعى لدى الآخرين وبمرور السنوات فكرنا نكبر نفسنا ويكون عندنا ورشة خاصة بنا بدلاً من العمل لدى الغير فقمنا باستئجار ورشة وبدلاً من الاستعانة بصنايعى نزلت للعمل بالورشة ومساعدة زوجى وتعلمت منه أصول المهنة، كما حصلت على تدريب بالمجلس القومى للمرأة، تعلمت من خلاله كيفية عمل مشروع وتنميته كما حصلت على كورس تدريبى لتنمية مهاراتى تعلمت من خلاله كل ما يتعلق بعمل مشروع خاص من الألف إلى الياء» مشيرة لعملها نحو 12 ساعة يومياً من الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساء فى الأيام كثيفة العمل، وأشارت إلى أنها كانت دائماً ما ترد على من ينتقدونها بأن العمل ليس حراماً على المرأة، وإنما حلله الله للجميع لكسب القوت ومواصلة الحياة: «كل من انتقدنى قلت له العمل ليس بعيب ولا حرام وشغل الست ليس إهانة، لما أقف مع زوجى وأشتغل معه أفضل ما أروح مصنع وصاحب العمل يبهدلنى.. بفضل الله عز وجل ثم زوجى الذى آمن بى ووقف إلى جوارى ووالدتى وحماتى نجحت فى عملى وزارنى السفير الكندى واهتم بما أنجزته، وأحلم بأن أكون صاحبة مصنع وأناشد المسئولين خفض أسعار الخامات، خاصة الأخشاب لغلاء ثمنها ومساعدتى فى تسويق منتجاتى»
اقتحمن مجالات عمل الرجال وأثبتن جدارتهن.. المهم النجاح
لم تقف جسارة المرأة الدمياطية عند هذا الحد، فهناك نموذج آخر لسيدة خرجت لسوق العمل بعد وفاة زوجها لتربى أولادها، متحملة كافة الصعوبات وتواجه تحدياتها بابتسامتها المعهودة.. «هند محمد الشربينى» 46 عاماً أم لأربعة أبناء، اعتادت على قصد ورشتها فى الثامنة صباحاً تحمل الأخشاب وتقود سيارتها «بيك آب»، غير عابئة بحديث من حولها، تعمل فى مهنة زوجها القاسية التى لا يعمل بها سوى الرجال لتكون أول سيدة تعمل فى «الدوسر».
«هند» روت قصتها لـ«الوطن»، قائلة: «لعب زوجى رحمه الله دوراً كبيراً فى تكوين شخصيتى ومعرفتى بهذه المهنة، كنت أنزل ورشة النجارة معه لمساعدته وبالفعل قرر يعلمنى الشغلانة عشان أبقى آكل عيش بعد ما يموت، وقبل 8 سنوات توفى زوجى فجأة وبعد وفاته قررت استكمال المسيرة وفتح الورشة للعمل كنجارة صالونات، كما عملت على ماكينة المنشار والغراية وكافة أنواع الماكينات الخاصة بالنجارة وبت أقف فى ورشتى وأعمل نجارة أسوة بالرجال»، وأشارت إلى أنها واجهت العديد من الصعوبات فى سوق العمل، أبرزها ارتفاع أسعار الأخشاب، ما اضطرها إلى عدم استكمال العمل فى تصنيع الصالونات والأنتريهات الكاملة، وقررت التخصص فى «الدوسر»، بمقاسات محددة والعمل على ماكينة المنشار وتصنيع فرش الغراء، وهى إحدى أدوات صناعة الأثاث وبيعها بسعر مناسب: «ربنا كرمنى وقدرت أقف على رجلى وبات لى اسمى فى السوق وأصبحت مشهورة بأم حسن الدوسرجية، ومع ارتفاع أسعار الخامات والانتقال من ورشة لأخرى لم أتمكن من الاستمرار فى المهنة التى قضيت فيها سنوات لأنتقل للعمل كعاملة فى مجمع أدوات منزلية بمدينة دمياط الجديدة التى تبعد كيلومترات عن مقر إقامتى، وأعمل منذ الساعة الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساء، وراتبى 1500 جنيه أدفع منها 1000 جنيه إيجار الشقة، وتمنيت التوسع فى عملى كصانعة دوسر وتصديره للخارج وامتلاك ورشة خاصة ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن».
هند تأسف لنظرة الرجال للمرأة المطلقة أو الأرملة، لأنها نظرة سيئة: «الجميع كانوا يؤكدون أن المهنة مهنة رجالة إزاى هتقفى على ماكينة منشار وكيف ستتعاملين مع الرجال وشراء الأخشاب، حيث طالبنى كل من حولى بالمكوث فى المنزل أو افتتاح محل بقالة، وهو ما رفضته وقلت لهم لن أترك عملى ولن أسمح للآخرين بالنظر لأولادى نظرة اليتم فطالما أنا عايشة على وش الدنيا أصبحت الأب والأم فى آن واحد ولن يصبحوا أيتاماً».
نموذج آخر للتحدى والإصرار لسيدة تخرجت فى كلية الحقوق وقررت تدشين مشروعها الخاص، لتبدأ بداية بسيطة فى صناعة الحلويات الغربية، وحققت نجاحاً كبيراً فى مجالها، لتصبح «منة الله عادل البواب» 29 عاماً، من أهم صانعى الحلوى الغربية فى مدينة فارسكور.
«منذ صغرى وأنا عاشقة للحلويات وكانت أمنيتى العمل بها وبعد التخرج اشتغلت على نفسى سنة ثم دشنت جروب على الفيس بوك لترويج منتجاتى وبالفعل وجدت إقبالاً لم أتوقعه» قالتها منة الله، مشيرة إلى أنها تخصصت فى الحلويات الغربية تحديداً واشتهرت بـ«ديسبايستو والرطب السويت والكور سينابون ودوناتس وتشيز كيك»، داعية كل فتاة وسيدة لديها حلم بالتوكل على الله والتركيز فى شغلها وعدم الاستماع لكلام الآخرين المحبط.
مثال آخر للتحدى والإصرار جسدته «صابرين إبراهيم حسين» حاصلة على دبلوم تجارة، 32 عاماً، دخلت مجالاً قد يكون مقصوراً إلى حد كبير على الرجال، ولكن شغفها وحبها للرسم منذ الطفولة كان دافعاً لها لدخول هذا المجال وتحقيق نجاحات بمساعدة زوجها: «بدأت تطريز البراقع قبل عامين بعدما ترددت على عدد من الأسطوات وشاهدت شغلهم فأعجبت به، وبعد ذلك سألتهم عن الخامات وتعرفت على أصول المهنة شيئاً فشيئاً، وبدأت تعليم نفسى بنفسى وحين عرضت شغلى على أحد أصحاب المحلات الكبرى أعجب به وطلب منى تصميم براقع بعدما قام بشراء الخامات لى، وحصلت على تدريبات فى المجلس القومى للمرأة على كيفية بدء مشروع وإجراء دراسة الجدوى، وأعمل حالياً من منزلى، متمنية افتتاح محل خاص مستقبلاً حيث تخوفت من الحصول على قرض خشية العجز عن الالتزام بسداد الأقساط».