«برلمانية تطلق النار من شرفة منزلها ابتهاجاً بخطبة ابنتها!»، النائبة «نوسيلة إسماعيل» عضو مجلس النواب التى فازت بمقعد البرلمان كمرشحة فردية عن مدينة فاقوس بالشرقية فى الانتخابات التى جرت فى العام 2015، وتشغل عضوية لجنة الشئون التشريعية فى مجلس النواب. تعلق فى تصريح مقتضب لها أنها أطلقت النيران من سلاح مرخص ابتهاجاً بخطبة ابنتها، مضيفة أنها لم تفعل شيئاً يخالف القانون! فضلاً عن أن كونها برلمانية فهى مسئولة عن سن التشريعات والقوانين وبالتالى يستلزم ذلك منها الالتزام بالقانون.
تعترف النائبة بثقة أنها برلمانية مسئولة عن سن التشريعات وأنها لم تخالف القانون! وهى حالة من الإنكار تثير الدهشة، فالمسئولية التى تقع على عاتق النائبة تحتم عليها التصرف بشكل لائق ومدروس من حيث إنها قدوة للناخب الذى وضع ثقته فيها وانتخبها. لم تعترف النائبة بأنها أخطأت بل تمادت فى حالة الإنكار والاستنكار حين اشتبكت على الهواء مع الإعلامى أحمد موسى أثناء مداخلة هاتفية قالت فيها «إن الواقعة عادية للغاية»، متسائلة بانفعال شديد: «لو فيه فيديو لراجل بيضرب نار هل هتعمل ضجة كده ولا عشان أنا واحدة ست وعندى حصانة»، فرد الإعلامى: «عشان انتى نائبة فى البرلمان وتعتبرى قدوة للمواطنين»، فكان ردها «ليه نظرة الناس للنائب أو النائبة أنه مش إنسان ومواطن عادى».
بالتأكيد أن النائب هو مواطن عادى من حقه أن يفرح ويحزن مثل كل البشر، لكن ليس من حقه أن يثير الجدل وهو فى موقع المسئولية، وتصرفاته محسوبة عليه، لأنها فى بؤرة الضوء، وكون السيدة «نوسيلة» شخصية عامة فكان الأولى بها أن تكون أكثر حذرًا وكياسة فى تصرفاتها، خاصة أن موضوع إطلاق النار فى الأفراح أثار الكثير من الجدل ونتج عنه الكثير من المآسى التى حولت الأفراح إلى بيت عزاء، ولا أدرى إن كان هناك تشريع أو قانون يمنع مثل هذا الفعل، لكن ما أدركه تماماً أن هناك الكثير من الضحايا الذين قتلوا نتيجة إطلاق النار العشوائى فى الأفراح وهى ظاهرة باتت تشكل خطراً داهماً على المجتمع، لا ننسى منها مأساة طفل 6 أكتوبر الذى لقى حتفه نتيجة رصاصة طائشة أطلقت فى الهواء لنفس أسباب السيدة النائبة! فأحرقت قلب والديه وبددت أمانيهما فى رؤيته يكبر أمام أعينهم، وأذكر منها زميلة قتلت ابنة أختها الطالبة الجامعية الشابة التى قادها حظها العاثر للوقوف فى الشرفة لمشاهدة زفة فرح كانت تمر من تحت منزلها وسرعان ما لفظت أنفاسها نتيجة رصاصة طائشة أمام أسرتها، والأخطر فى الموضوع أن الأسرة تطالب بالقصاص على طريقتها ليتحول إلى ثأر لن ينتهى. فكم من الجرائم التى ترتكب لنفس الأسباب؟ وكم يلزمنا من ضحايا لا ذنب لهم حتى يسن قانون حازم جازم لمنع تلك الظواهر؟
نحن نحارب باستماتة عادات بالية لم تجلب سوى المآسى، وعندما تستهجن النائبة ردود الفعل على ما اقترفت يداها وتحولها إلى قضية تمييز بين رجل وامرأة، وهل لو كان الأمر يتعلق برجل سيكون رد الفعل بهذه الشراسة؟! فإنها لا تدرك حجم المأساة التى نحن بصددها بل وتبررها!، لأن القضية لا تتعلق بالفاعل سواء كان رجلاً أو امرأة وإنما بالفعل ذاته الذى غالباً ما ينتهى بكارثة تتحول فيها الأفراح إلى مآتم بسبب العشوائية فى استخدام السلاح تحت ذرائع واهية. هناك فرق بين القانون وروح القانون وترخيص السلاح لا يعطى الحق إطلاقاً فى استخدامه دون مبرر يستحق، وإلا فإن كل من يتملك سلاحاً مرخصاً من حقه استخدامه كيفما يشاء، وللأسف لم نسمع أن البرلمان قد اتخذ ثمة إجراء ضد السيدة النائبة عن تلك الواقعة، أو حتى تلميح بخطورة ما فعلته على السلم المجتمعى باعتبارها قدوة لغيرها، فهل الفرحة لا تكتمل إلا بإطلاق النار فى الهواء؟ وهل يحتاج التعبير عن السعادة إلى الاستخفاف بحياة الآمنين واستخدام السلاح بشكل عشوائى الذى عادة ما ينتهى بمشاهد مأساوية ويحول الأفراح إلى بيوت عزاء؟ فالطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة.