ماذا ستفعل الآن يا زميلى، هل ستبكى مثلنا وأنت تقرأ خبر استشهاد «ميادة أشرف»، الصحفية بموقع «الدستور»؟!.. أم ستلعن الإخوان القتلة ألف مرة؟!
هل ستتحسر على أعوامها الـ22 سنة، أم ستقف متظاهراً على «سلالم النقابة» تندد بالأمن.. وتطالب بحماية الصحفيين؟!
هل ستكتفى بكلمتين إرضاء لضميرك، تبدأهما بأن ملاك الموت ضم «ميادة أشرف» المسلمة، و«مارى سامح جورج» المسيحية، معاً.. أم ستنهار وأنت ترى «الدم» يحاصرنا من كل مكان.. والشباب والشابات يتساقطون يومياً بيد الجماعة الإرهابية؟!
من «عين شمس» و«الألف مسكن» إلى الجامعات يتطاير رصاص الإخوان ليحصد الأرواح البريئة، لكن الطلقات العشوائية لا تفرق شملنا بل تجمعنا، تزيدنا إصراراً على استئصال الإرهاب واستكمال المسيرة.
على صفحة الـ«فيس بوك» كتبت «ميادة»: «يا رب طبطب علىّ»، فطبطب عليها المولى عز وجل ونالت الشهادة.. بنفس منطق الزهرة التى توارت عن أعيننا الآن سوف «يطبطب» المولى على مصر ويحميها.
«حسبى الله ونعم الوكيل.. الحمد لله بنتى عروسة فى الجنة»، هكذا عبرت والدة «ميادة» عن مرارة الفقد التى تعانيه.. كانت تنتظر فرحها، لكن «الإخوان» أعدوا لها مأتماً.. ربما لم نعتد توديع الشهداء بالزغاريد، لكن أعراس السماء استقبلت «ميادة» و«مارى» كما يليق بالعرائس. «مارى» كل ذنبها أنها مقيمة بمنطقة الاشتباكات المستمرة، ولا أدرى لماذا لا يتم تمشيط «عين شمس» و«الألف مسكن» من الإرهابيين؟!
«مارى» تلقت رصاصة الغدر وماتت فى صمت، لا كاميرات تدور، ولا أقلام تكتب.. ربما لأنها لم تقف يوماً على خط النار.. لم تكن «صحفية» تتعرض للموت كل اليوم تصوره بعدستها وتنشره بقلمها.. أو بدمها.
«مارى» كانت مثل «كريم»، الطالب بمعهد السياحة والفنادق، الذى بلغ من العمر 18 عاماً دون أن يشارك فى مظاهرة أو يشتبك بالحياة السياسية.. كان خارجاً من المسجد بعد صلاة الجمعة فتلقى رصاصة فى قلبه ومات على الفور!
الإرهاب الأعمى يود لو قتل كل ما هو «مصرى»، لا فرق فى النوع أو الديانة أو العمر.. المطلوب هو أن نستسلم ونرضخ للخوف.. أن نيأس ونقول مثلما قال «محمد» شقيق «ميادة»: «كان نفسى أدخل كلية الإعلام وأبقى صحفى زيها لكن أنا مش هكمل تعليمى، أتعلم ليه؟ عشان أرجع جثة لبيتى!!».
لكننا لن نيأس، لن يتملكنا الجبن، سنكون فى شجاعة «ميادة» التى أدت واجبها حتى آخر لحظة من حياتها، وأخبرت موقعها الإلكترونى قبل مقتلها بـ4 دقائق أن جماعة الإخوان يطلقون الرصاص بطريقة عشوائية على أهالى منطقة «عين شمس».. وبعدها مباشرة أصيبت برصاصة فى مؤخرة رأسها واستشهدت.
لن نسمح للجماعة الإرهابية بالاتجار فى أحزاننا وشهدائنا، فقد حاولوا الترويج لأن الشرطة قتلت «ميادة» وأنها من الإخوان.. لا «ميادة مننا».. بنت هذا الشعب الصابر.. النبيل.
مارى.. ميادة.. حياتهما مستمرة، ولو فى بيت شعر لـ«نزار قبانى» من قصيدة «إلى الأميرة المغادرة التى لم تغادر».. يقول «نزار»: «فى فرح أختنا وزعت الدعوات إلى الكواكبِ والأقمار.. ولم يتخلف أحدٌ عن الحضور..
كانت أختى كالشمس ما إن أشرقت.. حتى صارت الكواكب من حولها تدور.. كانت تسيرُ وتسيرُ كأنها دوقة.. أمواجَ البحرِ هدأت قليلاً.. وباتت تستمع لعزف موسيقى.. ألف جوقةٍ وجوقة.. سلامٌ على كلامٍ جميل.. يخرجُ من ثغَرها الجميل.. سلامٌ على شمسٍ غادرتنا وقت الأصيل.. ولم يحُن بعد وقت الرحيل.. سلامٌ على دمعةٍ ترقرقت.. وحزن باتَ له صهيل.. سلامٌ إلى الأيام الباقية.. والأيامِ البعيدة الباكية.. سلامٌ على يومٍ خرجت فيه من بيتنا.. وإليه تعودُ دوما حيَّة».