ونحن فى بداية عام 2020 هل جربت أن تكون شغوفاً؟ أو أن تبحث عن «الشغف»؟ نتجول فى دهاليز الحياة فى رحلة البحث عن السعادة، نصول ونجول، نترك خيوط تشكيل حيواتنا لترسم لنا أحلامنا، لكن دوماً ما ينقصنا شىء ما، لا نعرف ما هو؟ ولا كيف نحدد ملامحه؟ إنه «الشغف» ذلك السحر الذى إذا ما تملكنا ملكنا السعادة، إنه رحلة البحث عن الذات وفى مضمونها السعادة التى ننشدها فى مشوار الحياة القصيرة، من منا لا يطمح إلى الكمال، غير أن الكمال يظل أسيراً لنظرية النسبية، كل بحسب متطلباته وما يشعره بالامتلاء وما يحقق طموحاته وإنجازاته، الشغف بالأساس يعنى أن نقدم على أفعال وتصرفات تجعلنا أكثر سعادة، ونكون على استعداد دائم لبذل كل الجهد فى سبيل ذلك الشعور القوى الذى يدفعنا للتحقق ويمنحنا الأمل والطاقة الإيجابية، لكن من الضرورى أن تكون تلك الأفعال جزءاً من خطة أهدافنا، وإلا فلا معنى لها، ستتأرجح وتتهاوى وتصبح فى مهب الريح، لأنها متعة مؤقتة ستزول سريعاً بزوال أسبابها، وبدون أهداف رئيسية لدى الإنسان محددة وواضحة المعالم ومقسمة إلى خطوات قصيرة وطويلة المدى لن يكون هناك شغف حقيقى.
الحياة قصيرة ولا تعطينا كل شىء ولا تنتظر أحداً، والشعور بالرضا يحفز الشغف، والشغف هو معول النجاح الذى يعزز الثقة والإبداع، تكرار فعل نفس الأشياء بشكل مبرمج ويومى، يحولها إلى روتين قاتل يجعلنا نعتاد عليها، ونرتاح لأدائها. هذا الشعور الذى يراودنا بالراحة هو ما يسمى بـ«الراحة القاتلة» التى تخنق الإبداع وتقتل الرغبة فى الابتكار والتجديد، وقطعاً ستفقدنا الإحساس بالشغف، لأننا توقفنا عن طرح الأسئلة التى تحفزنا وتخلق التحدى داخلنا لتجربة شىء جديد ومختلف بعيداً عن الروتين والرتابة. فالطريقة التى نقضى بها أوقاتنا هى ما يعَرف حياتنا، لذلك عندما نشعر بالملل والضجر فإنه من الضرورى أن نقوم بالبحث بعمق عن الأسباب الكامنة خلف شعورنا بأن كل ما نفعله يبدو مملاً ولا معنى له. وبالضرورة أن يتعرض المرء فى مرحلة ما من مراحل حياته إلى مواجهات قاسية أو مفارقات قد تخلف لديه كثيراً من الشعور بالإحباط، وربما يؤدى ذلك إلى فقدان الحماسة للبحث عن التغيير أو التجديد وتدريجياً يزداد الشعور بالملل والضجر، لكن أن يكون لديك شغف، لا يعنى أنك لن تواجه التحديات أو العوائق، حتى أكثر الناس شغفاً يمكن أن يصادفوا مشاكل صعبة ومملة وغير سارة.
يقول علماء النفس إن «الإحساس بالشغف لفكرة ما أو لهدف معين قد يكون المفتاح لحل هذه المعضلة»، وتؤكد نتائج العديد من الأبحاث والدراسات أن اتباع بعض العادات اليومية يمكن أن يساعد على تجديد الحماس تجاه الحياة، حتى ولو لم يكن المرء متأكداً من نوع الشغف الذى يريده فى حياته.
فالشغف دوماً مقترن بوجود أهداف، والأهداف تحفز على النجاح، الشغف يسبق النجاح فبعد النجاح لا شىء! لكن بعد الشغف أفعال ونشاط وخطط وحياة مليئة بالمفاجآت والأحداث الجريئة والمغامرات، وفى النهاية أياً ما كان العمل الذى تقوم به وأياً ما كانت أهدافك فى الحياة، لا بد من ملاحقتها لأنها تستحق، لأننا نمنح فرصة للعيش مرة واحدة فى العمر، ويجب أن تكون حافلة بالأحداث المثيرة والمغامرات الجريئة، علينا أن نخوض حياة مفعمة بالشغف حتى لا نفقد الدافع أو الحافز على الاستمرار، فالحياة بغير ذلك ثقيلة الوطأة على النفس، والروتين يجعلنا نعيش بأجساد متحركة بلا روح، والشغف لا يعيش فى أجساد صماء.