خيرية البشلاوى: الكتابة لصغار السن تتطلب بحثاً ودراسة
خيرية البشلاوي
أكدت الناقدة خيرية البشلاوى أن صُناع السينما والدراما التليفزيونية يرتكبون جرائم ضخمة تجاه فئة المراهقين، فى السنوات الأخيرة، كونهم يُصدرون الصورة السلبية لهؤلاء طوال الوقت، مثل فيلمى «عبده موتة» و«الألمانى»، فى ظل غياب القدوة والنماذج الإيجابية، وتُبرر ذلك بأن الأفلام الأخيرة لا تلقى رواجاً من قِبل الجمهور.. وإلى نص الحوار
ناقدة سينمائية مخضرمة: الفن يقدم المراهق في صورة "عبده موتة"
فى اعتقادك، ما مدى تعبير السينما والدراما عن قضايا المراهقين؟
أعتقد أن السينما والدراما التليفزيونية لم تُعبرا بأى حالٍ من الأحوال عن قضايا المراهقين بشكلٍ دقيق ومدروس، سواء على المستوى النفسى أو الاجتماعى، لا سيما أن ذلك يتطلب قدراً كبيراً من الجدية والجهد الشديد فى التناول، فضلاً عن إيمان فريق العمل بالرسالة، وأنه يُعبر عن شريحة مهمة فى المجتمع، وأتذكر أنه لم نكن نرى قديماً على الشاشة نماذج مثل «راجح»، والسبب فى ذلك العولمة والمنظومة التعليمية وكذلك البيئة الاجتماعية.
هل نجح الفن فى رصد نماذج إيجابية من المراهقين؟
- لا، بالتأكيد.. السينما قدّمت نماذج سلبية مثل «الألمانى» و«عبده موتة»، وتأثَّر المراهقون بهذه النوعية من الأعمال بشكلٍ كبير، وللأسف الفن رصد هذه النوعية من النماذج، فى حين أنها تغافلت عن الشخصيات الإيجابية، كونها الأكثر جاذبية بالنسبة للجمهور فى الشوارع والمقاهى، وبات هناك نوع من الاستسهال والاهتمام بالجانب التجارى فقط، فضلاً عن تصدير إحساس بالظلم الاجتماعى، نتيجة الفوارق التعليمية وليست الطبقية، الذى يُقدم نماذج مشوهة فى الوقت الحالى.
فى رأيك.. ما الأسباب التى أدت إلى إحداث حالة تفاوت بين المراهقين قديماً وحديثاً؟
- كل عصر له سمات خاصة، سياسياً واجتماعياً، وكذلك التطور الاجتماعى له صفات مُختلفة، وأعتقد أن «المراهق» فى الوقت الحالى، صار مُعتمداً على التكنولوجيا بشكلٍ ضخم، والعالم لم يُصبح «قرية صغيرة» بل أصبح «أسرة واحدة»، إذ إن هناك تفاوتاً كبيراً جداً، بسبب التطور فى مستوى التعليم، وانقسام بين التعليم الخاص والتعليم المجانى ومراكز الدروس الخصوصية، والنوع الأخير يُصدر للمجتمع نماذج من الطلاب لا تفقه شيئاً وتتأثر بسهولة بما يرونه على الشاشة من أعمال عنف وبلطجة.
ما أسباب عدم تقديم أعمال لنماذج إيجابية من المراهقين؟
- هذه الأعمال تحتاج إلى جهد وبحث ودراسة، والأجيال المُقبلة سوف تُصاب بالدهشة والتعجب من المجتمع فى السنوات الحالية، بسبب الصورة الفنية التى تناولت فئة المراهقين، وفى كل الأحوال أنا لا أعتقد أن الأزمة تكمن فى المؤلفين، لأن هناك كُتّاباً على قدر عالٍ من الاحترافية، بل المسئولية تقع على المنتجين، لأن هناك بعض المنتجين يقدمون أعمالاً سلبية، ليُصبح الخطر فى هذه الحالة مُماثلاً للإرهاب، بشكلٍ قد يؤثر على تفكيك المجتمع.
قديماً لم نكن نرى على الشاشة نماذج مثل "راجح".. والبيئة الاجتماعية السبب في ظهورهاً حالياً
فى رأيك.. ما أبرز عمل فنى تناول صورة المراهقين بإيجابية؟
- لا أعتقد أن السينما أو الدراما استطاعت تناول قضايا المراهقين بشكلٍ قوى وبارز أو تركت أثراً لدى المشاهد، لذلك من الضرورى حال تقديم أى عمل أن يُدرك صُنّاعه فى البداية مدى تأثيره وكذلك أماكن التأثير ونوعها على المُشاهد، وأتذكر أن فيلم «لا مؤاخذة» للمُخرج عمرو سلامة، كان جيداً إلى حدٍّ ما، لاقترابه من الواقع، وبكل الأحوال سنجد ندرة فى الأعمال الإيجابية كونها لا تُحقق انتشاراً واسعاً بين الجمهور ولا تحصد إيرادات ضخمة: «الشر بيجيب فلوس أكتر».
هل يتأثر المراهقون بالسينما العالمية بسهولة؟
- بالتأكيد، وهذا مؤشر خطير، لأنه قد يُشاهد أعمالاً فنية، تُسبب له اضطرابات فكرية وتُصيبه بالشك تجاه التاريخ والنماذج الإيجابية، حيث إن الفن يُعد أسهل طريقة لاختراق العقول، لا سيما فى ظل الاطلاع على الجديد فى الفن عالمياً عبر منصات المُشاهدة الإلكترونية مثل «نتفليكس» وغيرها، ومن الضرورى الانتباه لهذه الأزمة والعمل على تحصين عقول المراهقين من خلال التعليم والإعلام والفن.