ديوان رئاسة الجمهورية ليس مجرد كيان إدارى ومالى يقوم على تنظيم نشاط مؤسسة الرئاسة، ويقوم على رعاية شئون المراسم والبروتوكول.
وكارثة ديوان الرئاسة فى مصر أنه لم يتحوّل أبداً إلى مؤسسة سياسية مساهمة فى خدمة صناعة القرار.
وتم قصر الدور السياسى على مكتب الرئيس للمعلومات، أو مكتب الرئيس للاتصالات الخارجية، وهى شئون تقوم على تنظيم «البريد والمعلومات والتقارير الواردة للرئيس من مؤسسات الدولة، أو الأجهزة الأمنية والرقابية المختلفة، أو فيما يختص بعلاقات مصر الخارجية».
وظلت الحلقة الضيّقة القريبة من رئيس الجمهورية تتحكم فى 3 أمور رئيسية:
1- ما يصل للرئيس من معلومات، وحجب ما لا يجب أن يصل، حسب تقديرهم أو مصالحهم الشخصية.
2- اختصار العديد من أجهزة الدولة التنفيذية فى تلك الحلقة الضيّقة.
3- الحرص على ثقافة العرض الشفهى لأعقد وأخطر الأمور، والحصول على «التلقين الشفهى» منه على شكل أوامر تقوم تلك الحلقة الضيّقة بنقلها إلى أكبر السلطات والشخصيات تحت منطق «سيادة الرئيس بيقول لك».
ذلك كله أكسب تلك الحلقة الضيّقة «قوة استثنائية» وجعل منها مركزاً للقوة يتعدّى المؤسسات فى ظل نظام عمل تغيب عنه تماماً أى قاعدة من قواعد الشفافية.
ولعل أبرز أخطاء الرئاسة كمؤسسة أنها لم تكن مؤسسة!
المؤسسة هى التى تملك الأدوات، ومراكز البحث، وإدارات المعلومات، وفرق التحليل، والمراكز الاستشارية، وإدارات للأمن القومى، والسياسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
المؤسسة هى التى تحوّل عمل فريق المستشارين من جهود فردية مبعثرة قائمة على مَن يملك الحظ فى لقاء الرئيس كى ينقل إليه فكرة أو ملحوظة أو انطباعاً أو يقدم إليه اقتراحاً بقانون.
المؤسسة هى تنظيم متكامل لعمل جماعى تكون لديه قرون الاستشعار العلمية والمعلوماتية والقدرة على الفهم والتحليل لها لتقديم المعلومة المجردة، ثم تفسيرها، ثم تقديم مقترحات وبدائل متعددة محسوبة بتكاليفها لصانع القرار.
والمتأمل الآن لمشروع تحديث الرئاسة سوف يكتشف أن الدكتور محمد مرسى سوف يتكون أمامه فريق رئاسى من الممكن أن يشكل نواة مؤسسة الرئاسة.
إذا افترضنا أن الرئيس لديه النائب، ثم فريق المساعدين للرئيس، ثم فريق المستشارين، ثم إدارة المعلومات، ثم رئيس الديوان، ثم المتحدث الإعلامى، فإنه على أقل تقدير سوف تتوافر له مجموعة لا تقل عن 20 شخصية من الممكن أن يقودوا فريقاً من 150 إلى 200 شخص مؤهلين؛ كى يوسعوا دائرة دعم ومساندة القرار لدى الرئيس، وعدم قصرها على مجموعة ضيقة لا تزيد على عدد أصابع الكف الواحدة.
توسيع الدائرة، والانفتاح المتوازن على جميع أطياف المجتمع، هى خطوة لا بديل عنها لتحول الرئيس، وهنا أتحدث عن أى رئيس، من حالة الاستحواذ والانفراد بالقرار إلى مرحلة المشاركة الأوسع لعقول وضمائر هذا الشعب الصبور.