من "العياط" إلى "ميت غمر": منافذ الفوضى أقصر طريق إلى "الموت المجانى"
المواطنون يسيرون على المعابر العشوائية بالسكة الحديد
فتحات صنعها أصحابها بحثاً عن الموت المجانى على شريط السكة الحديد، عبر مرور القطارات على أجساد المواطنين، الذين اختاروا بأنفسهم نهايتهم واستباحوا المرور إلى نهايتهم المحتومة من خلال العشوائية التى تبدأ بمخالفة القوانين، التى تمنع إقامة مثل هذه الفتحات الخطرة، فى ظل تغافل، وربما فشل، الجهات المعنية فى القضاء على هذه المعابر، وسط مطالبات دائمة عقب كل كارثة بإغلاق هذه المنافذ الفوضوية.
الأهالى: كلنا فلاحين بنروح أرضنا بالمواشى ومفيش نفق ولا كوبرى وأقرب مزلقان على بعد 2 كم.. والفتحة هى الحل
«الوطن» قامت بجولة على شريط السكك الحديدية من مدينة العياط فى الجيزة حتى مركز ميت غمر بالدقهلية لمعرفة المخاطر التى يواجهها الأهالى أثناء عبورهم من أماكن غير مخصصة لذلك.
وقال مراد الجندى، موظف مقيم فى إحدى قرى العياط، إن الفتحات الموجودة فى أسوار السكة الحديد خطر يهدد حياة المواطنين يومياً، مؤكداً أنه لا يوجد أى نفق لعبور شريط السكة الحديد، مضيفاً: «بنوفر وقت وبنعدى منها وربنا بيسترها معانا، لكن فيه ناس مننا بتموت تحت عجل القطر، وطالبنا كتير بعمل مزلقان على السكة الحديد لضمان سلامتنا لكن مفيش اهتمام»، مشيراً إلى أن هناك بعض الأهالى يقومون بتكسير أسوار السكة الحديد لعمل فتحات يعبرون منها بسبب عدم إتاحة نفق مشاة لهم.
وتابع مدحت عبدالمنعم، فلاح من العياط: «كل أهل البلد هنا فلاحين بيروحوا الأرض ومعاهم مواشيهم، هيعدوا منين؟ لا كوبرى ولا نفق ينفع، وأقرب مزلقان على بعد 2 كيلو، بالذمة ده ينفع؟ الناس بتتبهدل ببهايمها ومش معقول هتمشى 4 كيلو، رايح جاى زيادة كل يوم، بنعدى بقى من هنا وربنا يسترها وخلاص لحد ما يتعملنا مزلقان ونعرف نعدى بأمان زى البنى آدمين».
"عبدالرحمن": الأطفال ساعة مايشوفوا القطر بيجروا ويقولوا الموت جاى.. وما حدش بيتحرك إلا لما مصيبة كبيرة تحصل
وأضاف أحمد عبدالرحمن، من العياط: «مشكلتنا فى مصر أن الحكومة مش بتتحرك إلا لما المصيبة تكبر ويموت ناس كتير، بص مثلاً على محطة بشتيل أو محطة بهتيم ماتبناش فوقهم كوبرى إلا بعد ما وقعت حوادث كتير يومياً، ويروح فيها كام روح، وأطفال العياط بيسموا القطر الموت السريع، وساعة مايشوفوه بيجروا ويصوتوا فى المكان ويقولوا الموت جاى، وللأسف لا مسئول بيسأل ولا يوجد نفق ولا كوبرى لحماية أرواحنا».
"عبدالفتاح": اشتكينا فى كل حتة ومفيش فايدة
«الصمت الرهيب يخيم على المواطنين أثناء عبور أحد القطارات، وأهالى العياط أرسلوا 2000 شكوى للمحليات والسكة الحديد لإنشاء مزلقان على شريط السكة الحديد أمام مدخل المدينة، للحد من وقوع الضحايا، اشتكينا فى كل حتة للمحافظة ومجلس المدينة والنواب.. ومفيش جديد غير حاضر ومن عنينا.. ومفيش حد بيسأل فينا أبداً.. كأننا مش موجودين.. وكأن أرواحنا مالهاش تمن.. وعيالنا رايحين جايين على الطريق ده عشان مدارسهم وبيقع منهم كتير تحت القطر ومحدش مننا لحقهم»، هكذا تحدث أحمد عبدالفتاح، فيما تساءل رمضان أبوبكر: «أين كانت الدولة عندما تعدى بعض المواطنين على أسوار وأشرطة السكة الحديد ببناء هذه الفتحات للمرور من خلالها؟ وما خطة الدولة فى توفير البدائل لتسهيل الأمر على المواطنين؟ الدولة تغلق الفتحات أحياناً لكنها لا توفر لهم بدائل للعبور إلى الجانب الآخر بأمان، وبعد كده تقول المواطن هو السبب ويستاهل يموت».
وانتقد عادل ماهر صمت الجهات المعنية بالدولة عن المزلقانات غير الشرعية التى تمثل تعدياً على ممتلكات الدولة، معتبراً أنه من الممكن أن تمتد أيدى العابثين والمعتدين إلى داخل المحطات نفسها والعبث بقطارات الهيئة بأكملها.
"جمال": ما باليد حيلة
وخلال رحلة «الوطن» داخل قطار «العياط - ميت غمر» قال محمود جمال إن معظم أهالى المدن التى بها مزلقانات عشوائية أصبحوا متأقلمين مع الوضع رغم عدم رضاهم، مضيفاً: «ما باليد حيلة»، وأشار إلى أن اعتياد الأهالى على الأمر لم يقلل عدد الضحايا على هذه الفتحات، والدولة تسعى جاهدة للحد منها وتقليلها قدر المستطاع، لكن نظراً لأعدادها الكثيرة والمنتشرة على مستوى الجمهورية فإن جهد الدولة غير ظاهر.
"هناء": التوك توك والكارو أكثر المخالفين
وأكدت هناء حمدى أن الأكثر وقوعاً تحت عجلات القطار «التوك توك» و«الكارو»، لأن سائقى هذه المركبات يعبرون المزلقان دون أدنى درجة من الحذر، وتابعت: «وقعت هذه الكارثة أكثر من مرة على شريط ميت غمر، وآخر حادثة وقعت بسبب الكارو وتم دهس الشخص والحمار والعربة تحت عجلات القطر، ورغم ذلك لم يتعلم أحد، أما التوك توك فحوادثه كثيرة لأنه يمر قبل القطار بثوانٍ، وآخر حادث مات فيه 3 منهم سائق التوك توك نفسه».