نقيب "البيطريين": نحتاج وزارة للثروة الحيوانية والصحة البيطرية للسيطرة على الأمن الغذائي
خالد العامري
ثمّن الدكتور خالد العامرى، نقيب الأطباء البيطريين، دور الدولة فى إنشاء المشروعات الضخمة فى مجال الثروة الحيوانية، مؤكداً أن الطب البيطرى يمر بحالة سيئة جداً، فى ظل عدم الاهتمام بمنظومته، وطالب «العامرى»، فى حوار لـ«الوطن»، بضرورة إنشاء وزارة دولة للصحة البيطرية والثروة الحيوانية، لوضع سياسات واضحة لنظم الوقاية، وإصلاح ملف الطب البيطرى ككل، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية أصبحت ضعيفة وخسرت الكثير من قوتها، نظراً لسوء حال الوحدات البيطرية والأطباء أنفسهم، نتيجة العجز فى عددهم وعدم الاهتمام برفع كفاءتهم وتدريبهم.
د. خالد العامرى: "الزراعة" أغلقت 51 مزرعة لنقص البيطريين وغذاء الحيوانات وخلل نظم الوقاية والعلاج
كيف ترى حال الطب البيطرى؟
- أثمن دور الدولة فى المشروعات الضخمة والعملاقة فى مجال الثروة الحيوانية التى تم إنشاؤها مؤخراً، وهو جهد غير مسبوق، وأرى أن التوسع فى إنشاء المشروعات يساهم فى زيادة الإنتاج الحيوانى، والوفاء بالاستهلاك المحلى، وإذا استمرت مصر فى زيادة الاستثمارات الموجودة بقطاع الثروة الحيوانية بكل أنواعها، فإنها ستتخطى فكرة توفير الإنتاج للبلاد، إلى تحقيق فائض عن احتياجاتنا والتحول نحو التصدير، لكن فى المقابل لا أستطيع مع هذه التوسعات أن أغمض الطرف عن الحالة الوبائية التى تمثل خطراً حقيقياً على الثروة الحيوانية فى مصر، فهذه المشروعات العملاقة، سواء كانت إنتاج ماشية أو سمكى أو داجن، قد تواجه مخاطر كثيرة للغاية، فى حالة تدهور الصحة البيطرية، وأرى أن سياسات الطب البيطرى الحالية غير واعدة.
وما دليلك على هذا الرأى؟
- الدليل على كلامى أن وزارة الزراعة كان لديها 51 مزرعة وأغلقتها، إما لنقص الأطباء البيطريين، أو عدم توفير الغذاء اللازم للحيوانات، أو لوجود خلل فى نظم الوقاية والعلاج، فضلاً عن عدم كفاءة تدريب الأطباء البيطريين وانتظامه بشكل دورى، وهو ما أثر بالسلب على المشروعات فأغلقت أبوابها، وإضافة لما سبق، فإن أمراض الطب البيطرى ليس من السهولة السيطرة عليها، لأنها عابرة للحدود، أو متوطنة فى البيئة، وتتسبب فى نفوق عدد كبير من الحيوانات.
نحتاج لتخريج كوادر شابة متخصصة فى العلوم المتقدمة.. والكليات والعباسية للقاحات وبحوث الدقى دوائر مغلقة.. والوحدات البيطرية "منهارة"
وما الحل من وجهة نظرك؟
- لا بد من وجود وزارة دولة للصحة البيطرية والثروة الحيوانية، ما دامت الدولة قد بدأت نهجاً قوياً لاستعادة زمام الأمور والسيطرة على الأمن الغذائى، فالاستثمارات الجديدة بالمليارات، وتتطلب قرارات قوية لتطوير نظم الوقاية، وأن تكون الجهة المسئولة عنها على الأرض قوية إدارياً ومالياً.
هل انتهت أزمة اللقاحات البيطرية منتهية الصلاحية؟
- لن أتحدث عن قضايا منظورة أمام النائب العام، لكن سياسات اللقاحات البيطرية بها الكثير من المشكلات بعد خروج الكثيرين إلى المعاش، فرغم التقدم العلمى والتكنولوجى المذهل فى العشرين سنة الأخيرة هناك علامة استفهام حول عدم قدرتنا على تخريج كوادر فى الطب البيطرى متخصصة فى البيولوجية الجزئية والتكنولوجيا الحيوية بشكل متقدم، ونحن بحاجة إلى كوادر شابة متخصصة فى العلوم المتقدمة حتى تحدث نقلة فى اللقاحات والأمصال البيطرية، لأننا حالياً أمام طاقات مهدرة لا ترقى إلى ما تنشده الدولة، فالكليات تعمل «بدماغها»، وكذلك معهد العباسية للقاحات والأمصال، وبحوث الدقى، كلها تسير بنفس النظام، وتعمل فى دوائر مغلقة، دون تواصل فيما بينها، وعلى الدولة أن تدرك خطورة الموقف، وأنا لا أعرف كيف لنا أن نستثمر المليارات فى الإنتاج الحيوانى دون وقاية من المخاطر التى قد تتسبب فى تدميرها، وأنا أقول هذا الكلام انطلاقاً من كونى أستاذ ميكروبات فى طب بيطرى القاهرة، فالميكروب كائن دقيق غاية فى الخطورة، ويصعب السيطرة عليه، خاصة إذا كانت أمراضاً فيروسية، ونحن الآن نستثمر بأرقام كبيرة جداً، إلا أن ملف الصحة البيطرية فى أسوأ حالاته، وعلى الدولة أن تنتبه لمعنى كلمة الصحة البيطرية، لأنه لن ينصلح حال الإنتاج الحيوانى مهما استثمروا إلا بالاهتمام به.
ماذا عن دور وحدات ومديريات الطب البيطرى فى الحفاظ على الثروة الحيوانية؟
- معظم الوحدات البيطرية منهارة وبلا فائدة لعدم توافر الكهرباء والماء ببعضها، وهى عبارة عن حجرة ليس بها أجهزة ومعدات للطبيب البيطرى حتى يستطيع تقديم الخدمات المطلوبة منه، بينما الهدف منها هو العلاج والوقاية، وهناك وحدات بلا بيطريين نتيجة العجز الشديد فى أعدادهم، والدولة لم تكن منتبهة لمشكلاتهم، ومن هنا ضعف دور الطب البيطرى وزادت الأمراض البيطرية، لأنها مع ضعف الوقاية تنتشر وتنتقل عبر الهواء والرياح، ومعظمها عابر للحدود، وتصيب إصابات موجعة.
ما دور هيئة سلامة الغذاء لضمان أمان السلع الغذائية، خصوصاً منتجات الحيوانات؟
- الهيئة منوط بها المراقبة والحفاظ على سلامة الغذاء وتوفيره للمواطن، إلا أن هناك خللاً فى قانون إنشائها، فالطبيعى فى مثل هذه الهيئات حول العالم أن تكون مسئولة عن وضع ضوابط واشتراطات مع دور رقابى فقط، ولم نجد لها دوراً إدارياً إلا فى مصر، فقانونها صدر فى غفلة وأعطاها حق إدارة المجازر من الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وهو ما يعتبر خللاً واضحاً، فالهيئة التى تضع ضوابط لعمل المجازر وتراقب عليها، أصبحت تدير مجازر بل وتتعامل بمنطق «التكويش» على كل ما هو غذاء، وأحذر من خطورة هذا الأمر، ويجب أن تبقى إدارة المجازر تابعة للهيئة العامة للخدمات البيطرية، وتعديل المواد القانونية اللازمة لذلك.