فى عام واحد بالتمام والكمال، أكدت مصر جدارتها بثقة الأشقاء الأفارقة، فى 356 يوماً فقط منذ تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى فى ١٠ فبراير 2019، تتويجاً لجهد فائق خلال السنوات الأخيرة، لتعزيز العلاقات مع دول القارة -على المستوى الثنائى أو متعدد الأطراف- استعادت معه مصر دورها المحورى، كإحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية الأم فى ستينات القرن الماضى، بعد قيادتها حركات التحرر الوطنى من الاستعمار، أثبتت مصر فعلاً وليس قولاً، أنها دولة استثنائية يقودها قائد استثنائى يعرف قيمتها تماماً، ويثق فى قدراتها وإمكانياتها، وقدرته أيضاً على تحقيق أحلام وطموحات الشعوب الأفريقية فى التحرّر الاقتصادى أيضاً، فى ظل ظروف دولية وإقليمية دقيقة، يزيد حدتها تنوع التحديات التى تواجه القارة.
لم يترك الرئيس السيسى محفلاً دولياً إلا وشارك فيه حاملاً أحلام قارة -وليست مجرد دولة واحدة- ويطرح على العالم أجمع هموم وآمال شعوب القارة فى الحياة الكريمة. الرئيس السيسى فى عام واحد فقط وضع أفريقيا على بداية طريق التنمية الاقتصادية الحقيقية.
ما أنجزه الرئيس السيسى يتفق تماماً مع ما وضعه الأمريكى «جاك ويلش»، وهو من الشخصيات التى دخلت علم الإدارة من أوسع أبوابه، بتجربته الرائدة فى شركة «جنرال إلكتريك»، كان لـ«ويلش» الفضل فى تحويلها من شركة صغيرة إلى شركة عملاقة للخدمات والمنتجات الثقيلة. وتمكن بفلسفته الإدارية من زيادة قيمتها السوقية من 12 مليار دولار فى عام 1981 إلى 280 مليار دولار، وصنع واحداً من أهم النماذج الإدارية الناجحة فى العالم، التى تدرّس اليوم لكل المهتمين بالإدارة والقيادة.
تجربة تجاوزت العشرين عاماً -من عام 1981 إلى عام 2001- كان عمودها الفقرى ما أطلق عليه فى ما بعد نموذج «4E للقيادة»، الذى تضمّن الصفات الأربع للقائد الاستثنائى ورصدها «ويلش»، وهى:
1 - يتمتع بالطاقة والنشاط المتّقد بشكل يفوق ما لدى الآخرين، وينهض كل صباح بحماسة شديدة لمتابعة أعماله. ويتحرك بسرعة 95 ميلاً فى الساعة، فى عالم سرعته 55 ميلاً فى الساعة.
2 - يعرف كيف يحفّز الآخرين ويدفعهم للإنجاز، ويضع الرؤية ويدفع الأفراد للعمل، بناءً عليها.
3 - يتمتع بروح التحدى والحزم، ويعرف كيف يصنع القرارات الصعبة، ولا يسمح لدرجة الصعوبة مهما بلغت أن تقف حائلاً بينه وبين تحقيق أهدافه، ولا يتردّد فى صناعة ما يطلق عليه قرارات «الحياة والموت».
4 - تنفيذى يفعل ما يقول، ويعرف كيف يحول الطاقة والحماسة إلى أفعال ونتائج، ويعرف جيداً كيف ينفذ ذلك.
مقومات جاك ويلش للقيادة تكفى لتشكل الحد الأدنى المطلوب اللازم توافره للقائد الاستثنائى، لكنها لا تكفى وحدها، وإنما هناك صفات أخرى مثل الاستقامة، والأمانة، وقوة الشخصية، وأخلاقيات العمل، يمكن وصفها بأعمدة المنصة التى يقف عليها القائد الاستثنائى، بدونها لن يتمكن من أداء مهماته القيادية.
فإذا امتلك القائد طاقة عالية جداً وحماسة للعمل منقطعة النظير وفى الوقت نفسه يفتقد للأمانة والاستقامة، عندها سيفتقد صفة الاستثنائية.
فى صحيفة «وول ستريت جورنال» استخدم «ويلش» بصفته منتمياً إلى الحزب الجمهورى نموذجه الذى وضعه للقيادة فى تقييم المتنافسين الديمقراطيين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية. وأضاف صفة جديدة جعلها من مقومات القيادة الأساسية، وهى «العاطفة».
رأى «ويلش» أن نموذجه يحتاج، كى يكتمل، إلى «العاطفة»، وقال إن أفضل القادة هم أولئك الذين يمتلكون عاطفة قوية تجاه عملهم ومن حولهم.
الصفات الأربع التى وضعها «ويلش» تقع فى مكان ما بين الاستقامة والعاطفة، وتسلسلها ليس حتمياً، فقد تأتى إحداها قبل الأخرى، وقد تتراوح فى ما بينها صعوداً وهبوطاً.
القائد العادى قد يؤمن بعبارة «على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح»، لكن القائد الاستثنائى فقط هو من يسعى ويدرك النجاح، وهذا ما عهدناه فى الرئيس السيسى، وننتظر المزيد والمزيد.