محكِّم في مسابقة القرآن العالمية: دور مصر في خدمة الدين لا يحتاج شهادة أحد
الشيخ توفيق ضمرة: أكابر القراء تتلمذوا في أرض الكنانة
الشيخ توفيق إبراهيم ضمرة
قال الشيخ توفيق إبراهيم ضمرة، أستاذ التلاوة والتجويد بوزارة الأوقاف الأردنية، عضو لجنة فحص المصحف بالمملكة، والمحكِّم الدولى فى مسابقة القرآن العالمية، إن دور مصر فى خدمة القرآن عبر تاريخها كبير وعظيم، وإن أكابر القراء إما خرجوا من مصر أو تتلمذوا فيها.
وأضاف فى حوار لـ«الوطن» أن مسابقة القرآن العالمية التى تقيمها وزارة الأوقاف المصرية يسعى إليها الجميع، نظراً لمكانتها العريقة الراسخة، وهو ما يميزها عن غيرها، مشيراً إلى أن مصر لا يضرها أو يضر مكانتها حديث بعض الكاذبين عن وجود حرب على الدين كما يزعمون، لأن أمثال هؤلاء موجودون عبر التاريخ، وكانوا يتقولون ويكذبون على الأنبياء والرسل والصحابة والعلماء طوال التاريخ، فلكل نبى أتباع ومغرضون ومشوشون على الإنجازات والنجاحات، ولم يقف نبى على دعاوى المغرضين، لأن رسالته أهم من التوقف عند هؤلاء، وهو ما تفعله مصر بتنظيمها واحدة من أكبر مسابقات القرآن فى العالم.
ما مؤهلات المحكِّم فى مسابقة عالمية للقرآن الكريم؟
- لا بد للمحكِّم أن يكون حافظاً، وله إجازة وإسناد، وعالماً بالقراءات وعارفاً بها، وممارساً للتحكيم بصفة دورية، حتى يعرف خفايا الأخطاء واللحن فى القرآن، لأن هذه أمور شديدة الدقة والخصوصية، وتحتاج إلى أذن مدرّبة على اكتشافها.
كيف تم اختيارك لمسابقة الأوقاف المصرية العالمية للقرآن؟
- تم اختيارى وترشيحى من قِبل وزارة الأوقاف الأردنية، بعد مشاركتى فى الكثير من البلدان كمحكم فى مسابقات القرآن، لذا جاء ترشيحى من الأوقاف الأردنية فى هذه المسابقة الكبيرة والمهمة بعد خبرتى فى المسابقات.
ما آليات المحكِّم أثناء اختبار المتسابقين؟
- حينما نختبر المشاركين تكون هناك علامات لدقة الحفظ، وأخرى لدقة التجويد، والوقف والابتداء، فكل أمر من أمور التجويد والقراءة المنضبطة محدّد بعلامات، ومن يحصد أكبر قدر من هذه العلامات يكون الفائز، فالأمر ليس يسيراً، وهناك أيضاً علامات لتفسير القرآن وحسن فهمه وإدراك معانيه الحقيقية، بجانب وجود تقدير للقراءات.
من بين كل المسابقات التى حكمت بها، ما الذى يميز المسابقة المصرية؟
- هناك الكثير من المميزات للمسابقة المصرية، أولها العراقة الكبيرة للمسابقة، فمصر ذات مكانة كبيرة فى العالم الإسلامى فى الماضى والحاضر، وهناك عدد كبير لا مثيل له فى المسابقات الأخرى يحضر لمصر ويشارك فى مسابقتها، فكل حافظ متقن يأمل فى الفوز بالمسابقة المصرية لمكانتها المرموقة، كما أن بها فروعاً مختلفة وكثيرة عن غيرها، بجانب ميزة فتح المجال لصغار الحفاظ دون الـ12 عاماً من حفظة القرآن، وهناك فرع فى المسابقة لحفظ القرآن كاملاً، وآخر مع التفسير، وآخر للحفظ بالقراءات العشر.
المتشدّدون فيروس موجود عبر التاريخ.. ونحن قادرون على الانتصار عليهم.. والفوز بالمسابقة المصرية أمل جميع الحافظين
لماذا تهتم مسابقة مصر بفهم القرآن؟
- الفهم الصحيح للقرآن يعطى الإنسان علماً حقيقياً، ويقوده إلى تطبيقه بشكل صحيح فى حياته، وهذا المقصد الرئيسى لنزول القرآن، ولضمان أن الحافظ يكون مدركاً للمعانى الصحيحة للقرآن ولا يحمل الآيات ما لا تحتمله من معانٍ، وذلك ما يقضى على أى فهم متشدّد.
القرآن لاقى رعاية بالغة من العلماء والأمة، لكن هناك من يسخّرون آياته للعنف والتشدّد، كيف تفسر ذلك؟
- الفكر المتشدّد أمر طارئ على الأمة، وهو قليل جداً، مقارنة بعدد العلماء الكبار فى تاريخ الأمة، الذين رسخوا فى العلم وأناروا العقل المسلم، والأفكار المتشدّدة التى دخلت على المسلمين مثلها مثل الفيروسات والبكتيريا، التى تصيب الجسد، فيواجهها بقناعات متجدّدة ضد هذه الأفكار، ويصبح قوياً ضدها، وهذه الأفكار تسبّب الإزعاج، مثل الإنفلونزا، لكننا قادرون على تجاوزها ولانتصار عليهم.
مسابقة القرآن فى مصر يرعاها رئيس الجمهورية، وتجد من يدّعون أن هناك حرباً على الدين فى مصر، فكيف ترى ذلك؟
- هذه الأقاويل أمور صغيرة، ولو انتبهنا إليها، فسوف نُتعب أنفسنا، ومثل هؤلاء موجودون عبر التاريخ، وكانوا يتقولون ويكذبون على الأنبياء والرسل والصحابة والعلماء طوال التاريخ، فلكل نبى أتباع ومغرضون ومشوشون على الإنجازات والنجاحات، ولم يقف نبى على دعاوى المغرضين، لأن رسالته أهم من التوقف عند هؤلاء، فلندع القافلة تسير إلى الله بمثل هذه المسابقات الكبرى، ولا يستوقفنا نباح الكلاب، فدور مصر فى خدمة الدين والقرآن لا يحتاج شهادة من أحد.
كيف ترى دور مصر فى خدمة القرآن؟
- دور مصر لا يمكن لفرد أو مجموعة أياً كانت أن تقيّمه، فهى عبر التاريخ تلهم الجميع وتمنح الكل، فهى من قبل الإسلام إحدى أعظم الحضارات الإنسانية عطاءً، وبعد الفتح الإسلامى لها فى عهد عمر بن الخطاب، استمر عطاؤها، وكانت قاعدة نشر الإسلام فى أفريقيا وأوروبا، وكل العلماء والمقرئين تركزوا فى مصر أو مروا وأقاموا بها، وتركز بها اتصال السند القرآنى عن النبى، والسبب أن جميع البلدان احتُلت فى العصر الوسيط للإسلام، فاحتلت العراق من قبل التتار، والشام من قبل الصليبيين، والأندلس ضاعت، والخليج تعرّض لهجمات شيعية كبيرة، وأدى ذلك إلى أن يهاجر القراء والعلماء من بلدانهم، ليستقروا فى مصر، فلا تجد عالماً كبيراً إلا ولمصر فيه أثر، فالشاطبى الذى لا يعرف أغلب المسلمين القرآن إلا عن طريقه استقر فى مصر وكذلك ابن الجزرى، وغيرهم من القراء وكبار المقرئين، لا يوجد بينهم إلا تلميذ لمصرى أو شيخ مصرى.