"الصناعات النسجية": تدهور من 2005 إلى 2011.. وتسرب الكوادر من القطاع العام
الصناعة تدهورت على مدار سنوات طويلة
أكدت قيادات معنية بالغزل والنسيج والأقطان أن ملف الغزل والنسيج ومصانعها مات لفترات طويلة، فالصناعة كانت جاذبة للاستثمار قبل عام 2011، موضحة أنه لم يحدث أى تطوير فى الإدارات التسويقية والمالية والفنية لشركات القطاع العام، ولكن الدولة بالخطوات التى تتخذها حالياً تسير على الطريق الصحيح فى الاستثمارات، والخطوات التى تتبعها فى الوقت الحالى، فى إطار خطة محكمة، ستؤدى حتماً إلى إحياء الصناعة.
وقال مجدى طلبة، نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسجية، إن صناعة الغزل والنسيج فى مصر كانت قوية، ولكن مع تراجع زراعة القطن، تراجعت الصناعة إلى أن وصلت لمرحلة الركود، خصوصاً أن مصر كانت تزرع 2 مليون فدان بالقطن طويل التيلة، وكان يجرى استغلاله بشكل كبير فى التصنيع محلياً، فضلاً عن تصديره لكل بلاد العالم، والتوسع فى تلك الزراعة والصناعة التنافسية، تراجع القطن وتراجع معه الحليج، لافتاً إلى أن هناك شبه توقف عن أى تحديث حقيقى فى الصناعة، ومثل هذا النوع من الصناعات إذا لم يتم تحديثه وتطويره سنوياً يخرج من المنافسة.
"طلبة": المصارف أحجمت عن تمويل القطاع وتراجع القطن أدى لتراجع الصناعة
أضاف «طلبة»، لـ«الوطن»، أن ملف الغزل والنسيج ومصانعه مات لفترات طويلة، فالصناعة كانت جاذبة للاستثمار قبل عام 2011، إلا أن غياب التمويل من الجهاز المصرفى، والإحجام عن هذا القطاع، أدى لتدهوره أكثر، حتى إذا كانت هناك فرص للتمويل فقد كانت تكاليفه عالية جداً وضماناته مبالغاً فيها، أضف إلى ذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج غير المسيطر عليها، وأزمة مستحقات المصدرين حيث توقفت المساندة التصديرية والرد الضريبى لسنوات، وكذلك توجد مشكلة غياب الاستثمار فى العنصر البشرى من خلال التدريب والتثقيف.
وأكد «طلبة» أن ملف الغزل والنسيج عانى من سوء الإدارة لفترة طويلة، بدليل أن صادراتنا النسجية لا تتجاوز الـ3 مليارات دولار، فى حين أنها تصل فى دولة مثل بنجلاديش لنحو 42 مليار دولار، مشيراً إلى أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة إحياء الصناعة والاهتمام بالقطاع، هو فى حقيقته إحياء للبلد، ولعل مبادرة BCI من المشروعات المهمة التى بدأت الحكومة فى تنفيذه بالفعل منذ عامين مع منظمة اليونيدو، ويمثل نقطة مهمة فى تطوير صناعة الغزل والنسيج. وأوضح أن مبادرة BCI، أو (القطن الأفضل)، هى مشروع تجريبى أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، بالتعاون مع الحكومة المصرية، لتدريب مزارعى القطن على منهجية إنتاج مستدام للقطن عالى الجودة من أصناف غير معدلة وراثياً، وذات خصائص مميزة؛ لزيادة الاستدامة، وتحسين الظروف لمنتجى القطن المصريين.
وتابع نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسجية: «هناك استراتيجية للمجلس التصديرى تساعد على رفع معدل الصادرات من 3 مليارات إلى 12 ملياراً خلال 4 سنوات، ولكن الخطة تحتاج إلى عدة أشياء وعلى رأسها الاعتماد على القطن قصير التيلة، ولا بد من تذليل العقبات أمام الاستيراد من الخارج، وكذلك فتح المناشئ، ووضع آلية لدمج موظفى الحكومة ومجتمع الأعمال»، مشدداً على ضرورة عدم الالتفاف حول المبادرات التى يطلقها الرئيس السيسى.
"المرشدى": قطاع الأعمال ينتج 65% من الغزل و50% من النسيج
وقال محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات، إن مشكلات شركات الغزل والنسيج التابعة للحكومة لا تعد أزمة إدارة، خصوصاً أن لها قيادات محترمة وتمتلك خبرات كبيرة وطويلة، حتى إن عدداً كبيراً من مصانع القطاع الخاص، قائمة على مجهود عدد من العاملين سابقاً بالقطاع العام، لافتاً إلى أن استثمارات شركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام كبيرة، ويمثل إنتاجها حوالى 65% من إنتاج الغزل و50% من إنتاج النسيج فى مصر.
"يوسف": الشركات الخاصة وراء تراجع الجودة والماكينات المستخدمة فى الصناعة تعمل منذ الخمسينات دون تطوير
محمد يوسف، وكيل المجلس التصديرى للغزل والنسيج، قال إن انهيار قطاع الغزل والنسيج بدأ منذ عام 2005، خاصة مع تدهور القطاع العام، بالتزامن مع دخول القطاع الخاص، وزيادة استثماراته فى صناعة الغزل والنسيج، ما تسبب فى تراجع الإنتاج، وكذلك الجودة، لا سيما أن الماكينات المستخدمة قديمة فهى منذ الخمسينات والستينات دون تطوير، إضافة إلى عدم الاستثمار فى البشر حيث تدهورت العمالة، وكبر سنها. وأضاف أنه لم يحدث أى تطوير فى الإدارات التسويقية والمالية والفنية لشركات القطاع العام، لافتاً إلى أنه منذ عام 2000 وحتى الآن انتقلت جميع الخبرات من القطاع العام إلى الخاص.
وأكد وكيل المجلس التصديرى للغزل والنسيج أن ما تحتاجه الصناعة هو وجود كوادر إنتاجية وعمالية وتسويقية ذات خبرة، إضافة إلى إدارات مالية ناجحة على غرار القطاع الخاص، وكذلك تدريب الكوادر والعمالة، مؤكداً أن الدولة بالخطوات التى تتخذها حالياً تسير على الطريق الصحيح فى الاستثمارات، وما يحدث من الدولة فى الوقت الحالى هو التفكير الجيد لإحياء الصناعة.
وطالب «يوسف» وزارة الزراعة بضرورة فتح مناشئ إلى أقطان قصيرة للاستيراد، من أجل تغذية المصانع الجديدة ليس بأقطان طويلة التيلة مصرية فقط، ولكن أيضاً بأقطان قصيرة مثلما يحدث فى الهند والصين. فيما وضعت النقابة العامة للغزل والنسيج روشتة لعلاج الصناعة، لا سيما أن تدهور الصناعة حوّل مسار العديد من الشركات الرابحة التى كانت داعمة لاقتصاد البلاد إلى شركات خاسرة، حيث أكدت أنه لا بد من إعادة النظر مرة أخرى فى كيفية توطين صناعة الغزل والنسيج بالقرى، خاصة داخل القرى ذات الكثافة السكانية العالية، ما يساعد على خلق فرص عمل عديدة موفرة، لأن عمالة الموطن لن تتكلف انتقالات، فضلاً عن أن ذلك يمنع الهجرة الدائمة لأهل الريف إلى الحضر والتى تسببت فى تراجع دور القرية بشكل كبير من منتجة إلى مستهلكة. وتابعت: «تجربة توطين صناعة الغزل والنسيج مطبقة بالفعل فى دول عديدة منها الصين والهند، مع ضرورة وجود سياسة قطنية دائمة تسمح بزراعة مساحة سنوية ثابتة لضمان توفير الكمية المطلوبة للسوق المحلى والخارجى، واستنباط أصناف سلالات جديدة من قطن قصير ومتوسط التيلة كثيفة الإنتاج وقليلة، مع وضع سياسة ثابتة لتفعيل صندوق رعاية موازنة أسعار القطن الذى توقف منذ سنوات عديدة حرصاً على عدم وجود فوارق كبيرة فى الأسعار من عام لآخر، الأمر الذى سيضطر الفلاح إلى الإحجام عن زراعة المحصول وتفقد مصر ميزة تنافسية عالمية، والسعى نحو استعادة أسواقنا الخارجية».