الأزهريون يواجهون شيوخ الشوارع بـ"السوشيال"
الدرس الأسبوعى للدكتور على جمعة بمسجد فاضل
وضع علماء الدين الإسلامى وفقهاؤه تعريفاً منضبطاً للقب «عالم»، ووضعوا قواعد للطريق الوحيد المؤهل لنيل هذا اللقب، ومن أهم هذه الشروط هو تلقى العلم من الشيوخ السابقين فى ذات العلم، خصوصاً فى علوم أصول الدين القرآن والسنة، فلا بد من أستاذ (شيخ) تتعلم على يديه أو هيئة جامعة للتعلم، حتى يستقى الطالب العلم والسلوك معاً، فليس الغرض هو الحفظ إنما التفاعل مع ما يتعلمه هذا الطالب، وأن يجرى تقييمه من عالم أو هيئة موثوقة ليكون أهلاً للقب.
وقال العلماء قديماً مقولة شهيرة بالدراسات الشرعية، وهى أن «من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه، ومن دخل فى العلم وحده خرج وحده» أى: من دخل فى طلب العلم بلا شيخ أو هيئة علمية أو معهد علمى يعلمه؛ خرج منه بلا علم.
وأثار حديث أبوإسحاق الحوينى عن خطئه العلمى فى العديد من المسائل حواراً مفتوحاً بين تلاميذ مدرستين، هما السلفية والأزهرية، فقد وقعت اشتباكات علمية بين الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعى، توضح الفروق بين الطريق العلمى المؤسسى وطريق ما وصفه البعض بـ«شيوخ الشوارع»، وامتد الاشتباك إلى المدرستين المختلفتين، أنصار مفتى الجمهورية السابق الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، وأتباع الشيخ أبوإسحاق الحوينى صاحب آخر المراجعات الفكرية من السلفيين.
وسرد كل فريق مميزات شيخه وعيوب الآخر. وذكر أنصار «جمعة» رحلة الشيخ الذى تخرج فى جامعة الأزهر الشريف بعد حصوله على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس فى مايو 1973، وبدأ تلقى العلم على كبار المشايخ، وحفظ كثيراً من المتون المقررة فى الأزهر الشريف، فحفظ «تحفة الأطفال» فى التجويد و«ألفية ابن مالك» فى النحو و«الرحبية» فى المواريث و«متن أبى شجاع» فى الفقه الشافعى و«المنظومة البيقونية» فى علم الحديث، وغيرها من الضوابط والفوائد. وتخرَّج فى جامعة الأزهر سنة 1979م، ثم أكمل مرحلة الدراسات العليا فى تخصص أصول الفقه فى كلية الشريعة والقانون، حتى نال درجة التخصص (الماجستير) فى سنة 1985م بدرجة ممتاز، ثم حصل على درجة العالمية (الدكتوراه) بمرتبة الشرف الأولى سنة 1988م.
وتتلمذ «على جمعة» على يد شيوخ، أبرزهم الشيخ عبدالله بن الصديق الغمارى، المغربى، من أهل طنجة، وهو محدث العصر، كان يحفظ أكثر من خمسين ألف حديث بأسانيدها، وكذلك الشيخ عبدالفتاح أبوغدة، المحقق الكبير، والشيخ محمد أبوالنور زهير، وكيل جامعة الأزهر، وأستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة، وعضو لجنة الفتوى، والشيخ جاد الرب رمضان جمعة، عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، والشيخ الحسينى يوسف الشيخ، أستاذ الشريعة وأصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة بجامعة الأزهر، والشيخ عبدالجليل القرنشاوى المالكى، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، والإمام الأكبر شيخ الأزهر جاد الحق على جاد الحق، لازمه جمعة كثيراً، فعينه الشيخ جاد الحق عضواً فى لجنة الفتوى، وكان أصغر عضو بها، وأرسله مبعوثاً شخصياً فى أنحاء مختلفة من العالم، فكان جمعة واحداً من كبار قيادات الأزهر باختيار الإمام الأكبر، وغيره من الشيوخ.
وروى أنصار «الحوينى» رحلته حسبما نُشر فى موقعه الإلكترونى، حيث بدأت حينما وجد كتاب «صفةِ صلاةِ النبيِّ منَ التكبير إلى التسليم كأنك تراها» للشيخ الألبانى يُباع على الرصيف فاشتراه، ولما أنهى القراءةَ، وجدَ أنَّ كثيراً مما يفعلُه الناسُ فى الصلاةِ خطأً ويصادم السنة الصحيحة، وقد أُعجب بطريقة الشيخ فى العرض. وعن مشايخ «أبوإسحاق» الذين تلقى عنهم العلوم الشرعية، يقول كاتب السيرة على موقع الحوينى، «ذهبَ الشيخُ لمجالسِ الشيخِ المطيعيِّ فى بيتِ طلبةِ ماليزيا بالعباسية، فأخذَ عليهِ شروحَ كتب الأحاديث، ولزم الشيخ المطيعى نحواً من 4 سنوات، وفى 1976 شرح «أبوإسحاق» كتاب «فصل الخطاب بنقد المغنى عن الحفظ والكتاب»، ويكمل كاتب سيرة أبوإسحاق مسيرته العلمية قائلاً «وذهب الشيخ إلى المملكةِ العربيةِ السعودية، فأخذ عن الشيخ عبدالله بن قاعود، وحضر بعض المجالس فى شرح كتاب الكافية فى الجدل للإمام الجوينى، وحضر للشيخ عبدالعزيز بن باز بعض مجالس فى مسجده المسجد الكبير فى شروح لكتب سنن الإمام النسائى ومجموعِ الفتاوى للإمام ابن تيمية، وكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب.
أمين فتوى بدار الإفتاء: "الحوينى" تطاول على الإمام "النووى" والشيخ على جمعة ولم يعتذر حتى الآن
يقول مختار الأزهرى، أمين فتوى بدار الإفتاء، على حسابه بموقع فيس بوك، إن «الحوينى» الذى ناهز عمره 65 عاماً أعلن رجوعه عن فسقه وجرأته على الدين، وذلك بعد 40 على إضلال الخلق من غير أن يكون مؤهلاً لذلك، مثل كثير من الدعاة. وأضاف أنه كان يسير على خطى الشيطان وفق ما حكاه القرآن عن مقصد الشيطان بسورة البقرة {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، موضحاً أن الحوينى تصدر من غير تأهل.
وتابع أمين فتوى بدار الإفتاء، أن الحوينى تطاول على العلماء من أمثال الإمام النووى ثم ما قاله على سيدنا الإمام العلامة الشيخ على جمعة ولم يعتذر عن ذلك إلى الآن، مشيراً: «الحمد لله على نعمة علماء الأزهر الشريف الذين بقوا على منهجهم ولم يضحكوا على خلق الله يوماً، بل نصحوا الحاكم والمحكوم فى هدوء وثبات لا فى عنجهية وكبر واستعلاء».
باحث فى جامعة الأزهر: "الإسناد والتلقى والمنهج والمدرسة العلمية" شروط العلم الصحيح
وشبه أحمد إبراهيم القاوى، الباحث فى جامعة الأزهر، ما يقوم به بعض شيوخ السلفية، قائلاً: تخيل أن مواطناً عادياً متحمساً ذكياً تخرج من كلية الآداب أجاد لغة القوم فقرر أن يعمل طبيباً فقرأ فى الطب أمهات الكتب وسوّق قراءته للعامة، فذاع صيته، ثم تهافتت عليه وسائل الإعلام وأدوات تزييف الوعى والإجرام وأنشأ عيادة ذاع صيتها، حتى تصوروا أنه عالم بل قدموه على أهل الطب. وأوضح «القاوى» أن شرط العلم الصحيح هو (الإسناد الصحيح والتلقى والمنهج والمدرسة العلمية)، مشيراً إلى أن من تلقى علمه من الكتب بلا إمام لا يُعتمد على علمه ولا يُركَن إلى فهمه.