أول فرع دشنه تنظيم القاعدة خارج أفغانستان فرعها فى اليمن ودشنه أسامة بن لادن بنفسه، أما باقى الأفرع فقد أنشئت تلقائياً واستلهمت فكرها دون لقاء أو أمر مباشر من قادة القاعدة.
فقد كان بن لادن يعتبر اليمن هو الملجأ الاستراتيجى للقاعدة والمخزون لتنظيمه الذى سيلجأ إليه عند الشدائد، لأنه من أصل يمنى، كما أن ظروف اليمن الجغرافية والقبلية ووجود السلاح فى كل مكان سيساعد تنظيمه على الوجود والبقاء، فعادة لا تسيطر الحكومة المركزية على كل أطراف اليمن وقبائله التى يتوافق مزاجها تقريباً مع مزاج القاعدة وفكرها.
ومن أشهر القادة الذين تولوا قيادة تنظيم القاعدة فى اليمن أنور العولقى، وناصر الوحيشى وقاسم مهدى الريمى، وكلهم اصطادتهم الطائرات الأمريكية دون طيار، واحداً إثر الآخر، وآخرهم قاسم الريمى الذى حاولت اغتياله من قبل مجموعات كوماندوز ولكنها فشلت ولكن الطائرات الأمريكية دون طيار اصطادته من قرابة شهر.
ومقتل القادة الثلاثة تباعاً فضلاً عن عشرات آخرين من بلاد أخرى، فضلاً عن البغدادى وقاسم سليمانى، وأهم قائد إيرانى صانع ميليشيات الإمبراطورية يؤكد أن عملية اختراق دولية ناجحة تقودها أمريكا لهذه التنظيمات.
وقد تولى الريمى قيادة القاعدة فى جزيرة العرب بعد مقتل «الوحيشى»، الشهير بتأليف كتاب «إدارة التوحش»، وهو صاحب فكرة توحيد تنظيمى القاعدة فى اليمن والسعودية، وقد عمل الريمى مع بن لادن فى أفغانستان ثم أعاده بن لادن مع آخرين إلى اليمن قبل الغزو الأمريكى لأفغانستان.
وعقب عودته إلى اليمن بفترة قبض عليه عام 2006 ثم هرب من السجن مع 23 من قادة القاعدة فى أشهر عملية هروب جماعى، وقد تولى منصب المسئول العسكرى للتنظيم 2009، وارتبط اسمه بقتل السياح الإسبان الثمانية فى هجوم بربرى 2007.
كما ارتبط اسمه بإرسال طرود مفخخة إلى عدد من الشركات الأمريكية على متن طائرة ركاب أمريكية ولكن العملية فشلت، فضلاً عن مسئوليته عن محاولة التفجير الانتحارى الذى قام به النيجيرى عمر فاروق فى طائرة ديترويت الأمريكية، التى كانت تريد استخدام المتفجرات فى صورة سائل أو جيل، فضلاً عن مدحه لعمر ماتين الأمريكى الذى أطلق النار على ملهى ليلى فى فلوريدا وقتل فيه 49 شخصاً، وكذلك حثه للمسلمين الذين يعيشون بالغرب لعمل عمليات إرهابية بأدوات بسيطة.
أما أخطر جريمة ارتكبتها القاعدة فى اليمن فهى اقتحام وتفجير مستشفى وزارة الدفاع اليمنية، وهذه الجريمة هزت اليمن والعالم وأساءت لسمعة القاعدة وألحقت بها ضرراً كبيراً بين اليمنيين الذين كانوا يتعايشون نسبياً مع التنظيم دون نكير.
لقد كان الهجوم فاجعة حقيقية نشرت بالصوت والصورة، فقد تم قتل المرضى والممرضات والطبيبات والأطباء، حتى وصل مجموع الضحايا إلى 56 شخصاً، الأطباء والممرضات جاءوا للإحياء فإذا بالقاعدة تبذل لهم الموت، كيف تلقى قنبلة على مرضى وممرضات دون خجل فى مجتمع يأنف ذلك.
هؤلاء يفحصون المرضى ويخففون آلامهم ويمسحون جراحهم، وهؤلاء يقتلونهم بدم بارد، هؤلاء يجرون جراحة فيدخل عليه مسلحو القاعدة فيقتلونهم، حتى الجرحى أطلقوا عليهم الرصاص بعد سقوطهم على الأرض.
شعرت القاعدة بعدها بحرج كبير بعد نشر صور الفاجعة فأنكرت ضلوعها فى البداية ثم اضطرت للاعتذار وأنها لم تقصد هؤلاء ولم تكن تريدهم ولا تستحل دماءهم.
الكل يرجح إبراهيم محمد صالح البنا المصرى الأصل من شبين الكوم قائداً جديداً للتنظيم فى جزيرة العرب، ومعروفاً بإجادته للتزوير والاستخبارات والتخفى، وقد استبقت أمريكا الأمر وأعلنت عن مكافأة مالية تقارب خمسة ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات عنه.
اليمن ليس فيها اليوم سوى قوتين، الحوثيين، والقاعدة، وكلاهما يضمر ويتآكل، خاصة القاعدة التى ولى أيام مجدها فى اليمن بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربى، فقد بدأت الحرب الحقيقية من الجميع على التنظيم منذ عام 2015 واليوم هى أشد شراسة وضراوة، فهل يصمد التنظيم أمام هذه الضربات أم ينهار كما انهار من قبل فى أفغانستان وباكستان.