مسئولو معمل "مارك": التوصل لعلاج "الفيروس الصيني" يحتاج إلى 12 شهرا
المعمل حاصل على لقب أكبر مركز أبحاث دوائية فى شمال أفريقيا
مبنى مكون من أربعة طوابق ومشيد على مساحة 1500 متر مربع، استطاع خلال عامين أن يجذب إليه الأنظار، حاصلاً على لقب أكبر مركز أبحاث دوائية فى شمال أفريقيا، هو مركز منير أرمانيوس للأبحاث الدوائية «مارك»، جلست الدكتورة ليلى جاد الرب، مدير المركز تتابع العمل ومعها آخر الأخبار حول انتشار «فيروس كورونا»، الذى تزاحمت أخباره وكالات الأنباء والصحف العالمية.
تقول «ليلى» لـ«الوطن»: «حتى الآن لم يتم اكتشاف علاج جديد ضد الفيروس، رغم أن بعض الشركات ما زالت تجرى أبحاثها»، لافتة إلى قيام إحدى الشركات الأمريكية صاحبة دواء «السوفالدى» المخصص لعلاج مرضى فيروس سى، بتجريب دواء كانت قد صنعته من قبل لعلاج مرضى فيروسى بى والإيدز، من خلال مادته الفعالة «تينوفوفير الفيناميك»، التى تقوم الشركة الآن بتجريبه ضد فيروس «كورونا المستجد».
تجريب المادة الفعالة للدواء على فيروس كورونا المستجد، أمر تجده «ليلى»، عادياً، خاصة أن «الفيروسات لديها خصائص رئيسية مشتركة»، مؤكدة أن العالم كله ما زال ينتظر النتائج التى ربما تصل إلى عام، خاصة أن الموضوع يحتاج إلى خطوات عدة، من بينها ضرورة إجراء تجارب إكلينيكية للتأكد من فعاليته.
باحث: لدينا دواء مصرى بديل يعالج فيروسى "بى والإيدز" يحتمل أن يكون مضاداً لـ"كورونا" وفقاً لأبحاث تجريها الشركة الأمريكية الأم
خبر سار تحمله مديرة المركز، فالمركز البحثى «مارك»، الذى ترأسه، ويتبع إحدى الشركات الوطنية المصرية فى صناعة الدواء، يعد وكيلاً للشركة الأمريكية صاحبة «السوفالدى» وصاحبة دواء فيروسىّ «بى والإيدز»، الذى تتم إجراء الأبحاث عليه فى المركز البحثى، وبموجب هذا التوكيل، فإن المركز البحثى كان قد استقدم المادة الفعالة للدواء، وأجرى عليها مجموعة من الدراسات لإنتاج الدواء داخل مصر، وأنه حالياً تحت التسجيل، ويتبقى أمامه بعض الإجراءات البسيطة التى قد تستغرق عاماً، وقد يمكن تسجيله قبل ذلك فى حال أرادت وزارة الصحة الانتهاء سريعاً والاستفادة منه إذا ثبت أن هذا العلاج بالفعل له تأثير على فيروس «كورونا المستجد».
"مبنى أرمانيوس": المعمل الأكبر فى مصر وشمال أفريقيا ويضم 92 صيدلياً وكيميائياً من متفوقى كليات الصيدلة.. ومعامل بحثية بأسماء "فليمنج وباستير"
وبانتهاء الحديث عن «كورونا»، اصطحبتنا «ليلى»، داخل المركز البحثى، خاصة الطابق الرابع، الذى ضم عدداً من المعامل البحثية، التى حملت أسماءً متنوعة لعلماء كان لهم أثر وقدموا للمجال الطبى عدداً من الاختراعات، فهذا المعمل البحثى يحمل اسم «إسكندر فليمنج» مخترع الأنسولين، وذاك المعمل يحمل اسم العالم الفرنسى «لويس باستير»، مؤسس علم الأحياء الدقيقة فى الطب.
وداخل المعامل البحثية، كان وجود الشباب ملفتاً للأنظار، أعمارهم تتراوح ما بين أواخر العقد الثانى ومنتصف العقد الثالث، وهو ما علقت عليه «ليلى»: «يعمل لدينا فى المركز البحثى 92 شاباً ما بين صيدلى وكيميائى، كلهم من متفوقى كليات الصيدلة بالجامعات».
وحول كيفية التواصل مع شباب الصيادلة والكيميائيين، قالت: «أغلبهم كان يتدرب معنا خلال فترة الصيف، حيث يعلن المركز البحثى عن فترة تدريب صيفية لمدة شهرين لأوائل الصيادلة فى الجامعات، يتدرب خلالها الشباب على الأبحاث بطرق عملية، ويتعاملون مع أجهزة ومواد خام صعب توافرها فى الكليات».
وداخل أحد المعامل البحثية، وقف الدكتور طارق رأفت، واحداً من بين الباحثين الذى عمل على إنتاج دواء لمرضى «فيروس سى»، مصرى كبديل لدواء «السوفالدى» الأمريكى، الذى وصل سعره بداية طرحه فى الأسواق إلى 12 ألف جنيه، ثم انخفض إلى 5 آلاف جنيه، قائلاً: «كان هناك توجه من قبل الدولة لضرورة إنتاج دواء مصرى لعلاج مرضى فيروس سى، وبالفعل قمنا كمركز بحثى باستيراد المادة الخام للدواء، وبدأنا رحلة تصنيعه بإجراء الأبحاث عليه وخلطه بباقى المكونات وإخضاع الدواء لعدد من التجارب كتجارب الثبات التى استمرت لمدة 6 أشهر، والتى تزامن معها السير فى إجراءات التسجيل، كما تم العمل على إنتاج تشغيلة تجريبية مصغرة منه»، لافتاً إلى أن هذه العملية استمرت سنة ونصف، وهذا التوقيت يعد قصيراً جداً مقارنة بتسجيل الأدوية الأخرى التى يستمر تسجيلها من 3 إلى 5 سنوات، وهى فترة زمنية طويلة جداً، وتعد أحد التحديات التى تواجه صناعة الأدوية فى مصر.
وطول الفترة الزمنية المتعلقة بتسجيل الأدوية الجديدة، أمر تراه الدكتورة «ليلى»، أيضاً معوقاً أساسياً من معوقات صناعة الأدوية فى مصر، مرجعة السبب إلى كثرة شركات الأدوية وقلة الأجهزة الخاصة بتسجيل الدواء، مرددة: «بالتالى عملية التسجيل تستغرق مدة طويلة، المفروض أننا بنخلص أبحاثنا بسرعة وننتظر عملية التسجيل التى تستغرق من 3 إلى 5 سنوات»، لافتة إلى أن تجربة تصنيع دواء «فيروس سى» السريعة، ساعدت الشركات على سد احتياجات عجز الدواء فى السوق المحلية بل وتصدير الدواء إلى عدة دول عربية وآسيوية، وتوفير عملة أجنبية كان يتم استخدامها فى استيراد الأدوية.
تحديات أخرى تواجهها صناعة الأدوية فى مصر، فى مقدمتها الحصول على المواد الخام، فمصر ليس دولة مبتكرة أو مصنعة للمواد الخام، وبالتالى فإن استيراد المواد الخام وخاصة الجديدة، يتطلب وقتاً، حيث إنها تخضع إلى براءات اختراع قد تمنعك من استخدامها لمدة تصل إلى 10 سنوات.
مدير المركز: صنعنا بديلاً مصرياً لـ"السوفالدى" فى عام ونصف.. واستطعنا تصديره لدول عربية وآسيوية.. وصنعنا لاصقة طبية لمرضى ألزهايمر
بالحديث عن تحديات صناعة الأدوية فى مصر، انتهت جولتنا فى المعامل البحثية، وانتقلنا إلى الطابق الأول من المبنى، الذى يضم نماذج مصغرة من ماكينات تصنيع الأدوية فى المصانع الكبيرة، والتى يتم استخدامها فى مركز الأبحاث لغرضين: الأول تدريب الشباب على كيفية استخدام هذه النماذج المصغرة والمطابقة لماكينات المصنع، والثانى إنتاج تشغيلة مصغرة من الأدوية بعد إجراء الأبحاث عليها.
أما الطابق الأرضى للمركز البحثى، فكان مخصصاً لتحضير المنتجات العقيمة، وهو المصطلح الذى يطلق على إنتاج القطرات والحقن، بحسب الدكتور مايكل نبيل، المسئول عن فرق التطوير البحثية فى المركز، قائلاً: «هذا المبنى مخصص فقط لإنتاج المواد العقيمة والتى يحتاج العمل عليها وإنتاجها إلى مواصفات خاصة ويتطلب درجة كبيرة جداً من التعقيم».
5 فرق تطوير تغطى الأشكال الدوائية المختلفة، يرأسها «مايكل» منذ تدشين المركز البحثى قبل عامين وهى تطوير التحضيرات الدوائية الصلبة والمستحضرات العقيمة كالحقن والقطرات والمستحضرات البيطرية والمكملات الغذائية على اختلاف أنواعها والمستحضرات التكنولوجية الحديثة، كاللاصقات الطبية ومستحضرات القائمة على الاستنشاق.
المستحضرات التكنولوجية الحديثة، كانت واحداً من بين الأبحاث الأخيرة، التى عكف المركز على دراستها، خاصة مجال اللاصقات الطبية، بحسب الدكتورة «جاد الرب»، التى أكدت أن المركز صنع لاصقات جلدية محملة بمواد فعالة، بمجرد لصقها على الجلد تقوم بإخراج مواد مسكنة على فترات، فضلاً عن تصنيع لاصقات خاصة بمرضى ألزهايمر، يقوم المريض بوضعها على الجلد كبديل للأقراص التى يتناولها كل 6 أو 12 ساعة، تخرج هذه اللاصقات مواد فعالة تحسن من عمل الدماغ لمدة 48 ساعة، وهو أمر عملى للغاية لمرضى ألزهايمر الذى قد ينسى تناول دوائه فى المواعيد المخصصة له، لافتة إلى أن هذه اللاصقات حالياً تحت التسجيل فى وزارة الصحة وسيتم إطلاقها فى الأسواق خلال الستة أشهر.
وحول الخطوات التى يأخذها المركز البحثى بخصوص العمل على أبحاث خاصة بدواء معين، توضح «ليلى» أن المكتب العلمى وممثلين من مركز الأبحاث يعقدون لقاءات شهرية مع مجموعة من الأطباء، لاستطلاع آرائهم حول أدوية معينة حديثة يريدون إدخالها فى مصر، ووفقاً لاقتراحاتهم نقوم بدراسة هذه الأدوية المستوردة ومحاولة تصنيع بديل مصرى لها يكون على مستوى عال من الكفاءة والجودة، مستشهدة بأنه سبق أن اقترح عليهم الدكتور مجدى يعقوب، جراح القلب العالمى، أن يقوموا بتصنيع دواء يعالج جزءاً صغيراً من أمراض القلب، لعدم توافره فى مصر، ورغم أن هذا الدواء لم يكن تصنيعه يدر دخلاً كبيراً فإننا قمنا بتصنيعه ويعتبر هو الدواء المصرى الوحيد الذى يعالج هذا الداء، فضلاً عن أن المركز البحثى يركز فى أبحاثه على الصناعات الدوائية المتعلقة بالأمراض المزمنة أو الأمراض التى تنقذ الأرواح فى حال عدم توافرها، كما سبق وتم إنتاج دواء يعالج ارتفاع ضغط الرئة عند الأطفال حديثى الولادة.