أصدر النائب العام مؤخراً القرار رقم 346 لسنة 2020م بإنشاء إدارة التحول الرقمى لإنفاذ القانون. ووفقاً لقرار إنشائها، تستهدف الإدارة المستحدثة وضع منظومة متكاملة للتحول الرقمى لإنفاذ القانون ورسم السياسات والاستراتيجيات والأولويات، والعمل على تعظيم الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى تمكين النيابة العامة من إنفاذ القانون لتحقيق العدالة الناجزة ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى تحقيق الربط المتكامل بين النيابة العامة وكافة قطاعات الدولة بشأن التحول الرقمى لإنفاذ القانون. كما تستهدف الإدارة الجديدة تحقيق التعاون والتنسيق بين النيابة العامة والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة، سواء الجهات الحكومية أو غير الحكومية، لتبادل الخبرات والمعارف واختيار أفضل التطبيقات والبرامج والنظم الإلكترونية التى تساعد على تقديم خدمات ذكية مستدامة وآمنة.
وتحقيقاً للأهداف سالفة الذكر، حدد قرار النائب العام ثلاثة عشر اختصاصاً لإدارة التحول الرقمى، بحيث تتضمن الإشراف على تصميم البرامج والتطبيقات والنظم الإلكترونية ومنافذ تقديم الخدمات الخاصة بالنيابة العامة واعتماد آليات تنفيذها وفق احتياجات العمل، بما يكفل تنفيذ الخطة العامة للدولة بشأن منظومة التحول الرقمى لإنفاذ القانون. كذلك، تختص الإدارة بمتابعة تنفيذ مؤشرات الأداء وآليات قياس وتقييم معدلات الإنجاز وفقاً للتكليفات الصادرة عن النائب العام، وإعداد ومتابعة تنفيذ الخطط التدريبية وتوفير البرامج التدريبية المتطورة واللازمة لتأهيل كافة العناصر التى ستقوم بتشغيل منظومة التحول الرقمى لإنفاذ القانون، وكذا تأهيل وتدريب المستخدمين لتلك المنظومة. وتتولى الإدارة أيضاً إعداد مقترحات التشريعات واللوائح اللازمة لعملية التحول إلى المجتمع الرقمى، ورفع التوصيات الخاصة بالتعديلات التشريعية ذات الصلة إلى النائب العام، وحصر البرامج والتطبيقات والنظم الإلكترونية ومنافذ تقديم الخدمات المفعلة بالنيابة العامة لرسم سياسات استكمالها وتكاملها واعتماد آليات تنفيذها. وحسناً فعل النائب العام المستشار حمادة الصاوى بإصدار هذا القرار، الذى يعد من وجهة نظرى اللبنة الأولى فى بناء وتشييد منظومة العدالة الجنائية الذكية فى النظام القضائى المصرى. ففى ظل الثورة الصناعية الرابعة التى نعيش إرهاصاتها حالياً، لم يعد مقبولاً ولا مستساغاً أن يبقى مرفق القضاء بمنأى عما يحدث من تطور هائل فى كافة المجالات.
لقد بات الذكاء الاصطناعى عنصراً أساسياً ولازماً فى منظومة العدالة الجنائية، ابتداءً من كشف الجرائم وتتبع وملاحقة المجرمين، مروراً بالتحقيقات الجنائية، حتى نصل إلى مرحلة إصدار الأحكام الجنائية وتنفيذها. وللتدليل على ذلك، وفيما يتعلق بدور الذكاء الاصطناعى فى كشف الجرائم، يكفى الإشارة إلى الدور الهائل الذى تلعبه نظم المعلومات الجغرافية والشمول المالى وكاميرات المراقبة الذكية وأجهزة الرادار الذكى وتقنية التعرف على الوجوه. أما فيما يتعلق بدور الذكاء الاصطناعى فى التحقيقات الجنائية، يغدو من الضرورى أن نشير إلى قانون جديد صدر مؤخراً فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية يلغى نظام تكفيل المتهم، وبحيث يحل محل نظام الكفالة المالية والكفالة الشخصية نظام علمى جديد يعتمد على حساب المخاطر الناجمة عن حبس المتهم احتياطياً أو الإفراج عنه والسماح له بالذهاب إلى منزله إلى حين موعد المحاكمة، وهو النظام المعروف باسم «أداة تقييم المخاطر». ولا يفوتنا كذلك الإشارة إلى استخدام الروبوتات فى التحقيقات مع الأطفال، حيث اقترح باحثان فى جامعة ولاية ميسيسبى الأمريكية الاستعانة بالروبوتات فى سؤال الأطفال لتقليل التحيز والتوصل إلى نتائج أكثر دقة وموثوقية. وفيما يتعلق بمرحلة التنفيذ، يتعين أن نذكر المراقبة الإلكترونية للمحكوم عليهم، وبالتالى يمكن أن تتحول فى المستقبل القريب إلى مراقبة ذكية. كذلك، بدأ الحديث عن السجون الذكية، وسداد مخالفات المرور عبر أجهزة ماكس بوكس للدفع الآلى، واستخدام الذكاء الاصطناعى فى مراقبة المفرج عنهم. وهكذا، لا نغالى إذا قلنا إن الروبوت قادمون، فهل نحن مستعدون؟!