يقولون إن الفشل فى التخطيط للنجاح هو نجاح فى التخطيط للفشل، ولعل أول عناصر ارتقاء الفرد بنفسه هى عملية بناء القدرات، وهى عملية تعزيز وتقوية قدرة الأفراد والمؤسسات والمجتمع على إنجاز الأعمال والأنشطة بمهارة وفاعلية لتحقيق الغايات والأهداف وصولاً للتنظيم والاستفادة المُثلى من الموارد المتاحة.
وبناء القدرات هى عملية مستمرة وتراكمية، ويجب ألا تتوقف، لأن العلوم والمهارات تتجدد بوتيرة يستحيل معها تحصيلها جميعها، ولا يوجد على مستوى العالم أى خبير يظل خبيراً فى أى مجال لأكثر من عامين، بعدها يصبح هذا الخبير متأخراً لأن العلوم تتجدد وتترابط بسرعة، لكن ما لا يُدرك كله، لا يُترك كله.
فى مصر عدد كبير للغاية من مراكز التدريب، كلها تخاطب شغف الإنسان بالتعلم والارتقاء بنفسه.
وبطبيعة الحال، فإن بعض تلك المراكز تستهدف الربح والتربح، وبعضها قد لا يُقدم محتوى علمياً وتدريبياً حديثاً ومفيداً، ولكن بعضها أيضاً مراكز حقيقية تُضيف ولا تأخذ، ومن النوعية الأخيرة «مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات»، وهو مركز تابع لجامعة الإسكندرية، يخدم أعضاء هيئة التدريس والإداريين، والطلاب بجامعة الإسكندرية، والجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة، بما يسمح فى النهاية بتحسين مخرجات التعليم العالى.. كما يوفر المركز كذلك الدعم الفنى والإدارى اللازمين لعقد وتنظيم المؤتمرات وورش العمل والندوات والمناقشات العلمية.
يسعى مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات بجامعة الإسكندرية لأن يكون بيت خبرة رائداً فى مجال التنمية البشرية للأفراد ومؤسسات المجتمع المختلفة، ومركز تميز محلياً وإقليمياً وعالمياً للتنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس والقيادات والكوادر البشرية فى مؤسسات التعليم العالى.
الاستثمار فى البشر هو أغلى وأهم أنواع الاستثمار، وجامعة الإسكندرية مؤسسة مصرية كبيرة ومهمة، وستدخل عالم الجيل الثالث من الكليات خلال هذا العقد، كما فعلت جامعة القاهرة، وفيه يقوم التعليم بالجامعة على المنافسة مع البرامج المناظرة لها بالجامعات العالمية، مع ربط العملية التعليمية بسوق العمل، بما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد القومى.
المركز به كوادر مهمة، يجب الاستفادة منها على مستوى الجمهورية؛ ففكرة أننا دولة مركزية تجعل مَن فى العاصمة منعزلين، ومَن فى الأطراف معزولين، وهذا نمط غير طبيعى، فالعلوم تتكامل وتترابط، وهذا ما يُحدث الطفرات.. من كوادر المركز: د. عبدالعزيز عمارة، الذى يمضى الآن ثانى فترات رئاسته للمركز، بعد الفترة العصيبة التى كانت قبل ثورة يناير بعام واستمرت بعدها بعام آخر. ويقول إنه صاحب حلمين: الأول أن يتحول نصف أعضاء هيئة التدريس على الأقل من محاضرين إلى مدربين، والثانى أن يخرج سنوياً، من جامعة الإسكندرية، ألف مشروع بحثى.
وهناك أيضاً د. أحمد عبدالفتاح، أستاذ الزراعة، صاحب النظرة الموسوعية، والمتخصص فى استخدام قواعد البيانات العالمية، وهو من الشخصيات التى سيكون لها شأن إدارى أكبر فى المستقبل بما سينعكس على جودة مخرجات جامعة الإسكندرية، وترتيبها الدولى.. هناك كذلك د. محمد جمعة، أحد أفضل مدربى نظم إدارة المراجع البحثية.
«مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات» هو نقطة مضيئة يجب تطويرها ودعمها، لأن جامعة الإسكندرية العريقة تستحق الأفضل.