جلد وإعدام للتلاميذ والشيوخ.. أحكام الإنجليز ضد ثوار 1919
الاحتلال اتهم الثوار بالإضراب عن العمل ومهاجمة الأوروبيين
تجاوز عدد شهداء ثورة 1919 قرابة 3 آلاف مواطن
"الاستقلال التام أو الموت الزؤام"، شعار رفعه المصريون في ثورة 1919 للمطالبة باستقلال مصر، وإنهاء الاحتلال الإنجليزي، والإفراج عن سعد زغلول ورفاقه الذين اعتقلهم الاحتلال البريطاني آن ذاك، وكما سقط مئات الشهداء في مواجهة جنود الاحتلال، تعرض مئات آخرون للقتل والتعذيب، بموجب محاكمتهم عسكريا أمام ضباط الجيش البريطاني.
لم يقتصر سقوط الشهداء في الثورة على حوادث إطلاق الإنجليز الرصاص عليهم في المظاهرات، بل أن الثوار شهدوا ميدانا آخر للتنكيل، ونصبت لهم المحاكم العسكرية في الميادين، والتي أصدرت أحكاما لمئات المصريين بدأت بالجلد والغرامة، ووصلت إلى الأشغال الشاقة والمؤبد، وكان من بين المحكومين تلاميذ في المدارس وشيوخ.
طالت الأحكام المصريين، لمجرد التظاهر والمشاركة في الحركة الوطنية للمطالبة بحرية بلادهم واستقلالها، وكانت سلطة الاحتلال لا تتورع في اعتقال الناس لمجرد الشبهة أو الوشاية الكاذبة حتى ضاقت بهم المعتقلات والسجون.
وبدأت المحاكمات العسكرية للثوار في 15 مارس، وكان مقرها قسم الأزبكية، برئاسة الكولونيل بلاتهام وكابتن كيتر، وبدأت بمحاكمة 85 مواطنا، بتهمة إحداث اضطرابات والتجمهر في شارع قصر النيل، وكان بينهم 5 تلاميذ، فأرسلت إلى أولياء أمور الصغار لأخذ تعهد عليهم بملاحظة أبنائهم وألا يسمحوا لهم بالتظاهر، وفق ما ورد في كتاب "شهداء ثورة 1919".
وتوالت المحاكمات في القاهرة، التي استمرت أكثر من عام، وكان من بين الخاضعين لها تلاميذ وشيوخ، ومن بين أحكامها في 16 مارس 1919 الغرامة 10 جنيهات على الطلاب محمد حافظ جودت، وعز الدين فهمي، وعبد الحميد مهيب، فيما حكمت على كل من حامد أحمد وبشير محمود وعبده حسنين، بالجلد.
وقضت في اليوم التالي على عبد السلام الحمصاني، ومصطفى محمد، الطالبان بالمدرسة الإلهامية الثانوية بالسجن، أو دفع غرامة بديلة والضرب بالعصي، وعلى حسن الأكيادي، وعثمان أبوالعلا، وحافظ إبراهيم، وأحمد الخضري، بالسجن والجلد والأشغال الشاقة.
وفي 3 أبريل، صدرت أحكام تتراوح بين السجن 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، والسجن 10 سنوات، على بعض المتظاهرين في قليوب، منهم: إبراهيم الأقطس وعبدالفتاح أحمد، وعبدالحميد أبو زهرة، وعبدالرحمن إبراهيم، والسيد أبو العز، وعبدالباقي علي، وإمام الشرشابي.
وقدم البعض للمحاكم العسكرية في 29 أبريل، بتهمة مخالفة الأحكام العرفية، منهم محمد أمين رفعت ورفائيل سليمان، وحكم على علي معوض بالسجن 15 عاما مع الأشغال الشاقة بتهمة مهاجمة الأوروبيين.
وصدرت أحكام أخرى بالسجن على كل من محمد الجزاوي لاتهامه بالتحريض على الثورة، وتدمير خطوط التليفون، ومحمد فؤاد عفت بتهمة الاضراب عن العمل، ونفس هذه التهم وجهت إلى يوسف عبدالغفار الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات مع الأشغال الشاقة، قبل أن يعدل الحكم إلى 7 سنوات.
ولم يكتف الإنجليز بعقد المحاكم العسكرية في القاهرة فقط، بل انتشرت في مختلف عواصم ومراكز القطر المصري، وانعقدت في الإسكندرية، وأماكن أخرى منها أسيوط وملوي والواسطى ومنوف وبنها وطنطا ورفح.