سبحان الله وتعالى.. له فى ذلك حِكم.. لو توقعنا قبل شهر واحد ما قد يحدث فى العالم بعد ظهور فيروس كورونا فى الصين نهاية ديسمبر 2019م استطاع أكثر المحللين خيالاً أن يتصور ما يعيشه العالم الآن! توقعوا أن الوباء سينحصر بالصين فإذا به يقفز فى متوالية هندسية عجيبة لينتشر غرباً وشمالاً وشرقاً و«عرباً»، حتى أصبحت الدول المصابة اليوم 197 دولة!! واعتقدوا أن الترياق موجود، وأن الفيروس سريعاً ما سنجد له علاجات عند عقول وخبرات الدول العظمى، فإذا بنا نراهم مرتبكين فاشلين محاصرين يبحثون عن وسائل وقاية وعزل للمصابين ولهاث وراء تقليل الأضرار أمام طوفان المصابين الذين تزايدت أعدادهم إلى ما يزيد على نصف مليون، والمؤشر مستمر فى الصعود!
وأصبحت البشرية كلها محبوسة بإرادتها الكاملة فى غرفة واحدة فى هذا الكون الواسع، وجل ما تفعله البشرية بحضارتها وقوتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية أن تنظر من ثقب الباب مترقبة الفيروس المميت الذى ما إن يصل إلى رئة إنسان إلا ويتحول إلى وحش كاسر يقتل بلا رحمة كل البشر دون تمييز على أساس اللون أو العِرق أو الدين أو المستوى الاجتماعى.. وأصيبت البشرية بالهلع إلا من رحم ربى.
وفى خضم المأساة الإنسانية تتفتح نوافذ الأمل فوجدنا انخفاضاً فى نسبة التلوث البيئى فى كل المناطق المصنفة ملوثة.. ورأينا توقفاً شاملاً للقتال فى المناطق المشتعلة بالحروب طوال السنوات الطويلة الماضية.. وتراجعت معدلات الجرائم البشعة المنظمة كالاتجار فى المخدرات وغسيل الأموال والاتجار فى البشر وغيرها.. بل إن كبار عصابات المافيا فى العالم سارعوا للتبرع للمستشفيات لعلاج المصابين.. ووجدنا غالبية قادة العالم يتخذون قرارات إنسانية برفع الظلم ومساندة الشعوب للمرور من أزمة توقف الغالبية العظمى من النشاط البشرى اليومى والتزام البشر بمساكنهم لوقف العدوى.. والتسامح مع الشعائر الدينية لكل الأديان والسماح للبشر باللجوء إلى الله لرفع الوباء والبلاء.
وما زالت بالطبع سلوكيات مزعجة تطاردنا، ومنها الحروب الاقتصادية والتنافس السياسى والأنانية فى البحث عن وسائل حماية لكل دولة بعيداً عن الآخرين، مع تضخم ذوات بعض قادة الدول الذين ما زالوا يتعالون عن الخطر ويصرون على سلوكياتهم القديمة..
لنا الله.. والله غالب.