مما لا شك فيه أن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى صنعت الفارق بينها وسابقاتها من الحكومات، بقراراتها الاستباقية وإجراءاتها الاحترازية سواء فى مواجهة موجة الطقس السيئ أو مواجهة تفشى فيروس كورونا وهو ما لقى تقدير كل المصريين وتجاوز إلى حد إشادات المنظمات الأممية، واتساقاً مع هذا المنهج الاستباقى، تلقيت من الأستاذ الدكتور عبدالفتاح مطاوع خبير الموارد المائية، ومسئول الموارد المائية والرى بحزب التجمع، اقتراحاً جديراً بالدراسة طرحته لجنة الزراعة بالحزب برئاسة المهندس محمد عبدالحليم.
الاقتراح يتضمن ضرورة قيام الحكومة بالتخطيط العاجل لدورة زراعية جديدة، وتركيب محصولى مختلف لموسم الزراعات الصيفية القادم يواجه الأوضاع الطارئة التى يواجهها العالم، فى إطار التداعيات المتوقعة لأزمة «كورونا» وتأثيرها على قطاعات عديدة ومن بينها الزراعة.
الاقتراح يكتسب أهميته فى ظل احتمالات التقلب فى الأسواق العالمية للمعروض من السلع وأثمانها، التى ستكون عرضة لتغيرات حادة، سلباً أو إيجاباً، فى ظل الظروف الاستثنائية الحالية، وتداعيات هذا الوباء على مدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعى بمصر، الذى يغذى احتياجات المصريين من السلع الاستراتيجية الغذائية الأساسية بنسب مئوية متفاوتة تتراوح ما بين ١٠٠٪ لبعض المنتجات و٥٪ لمنتجات أخرى يتم استيرادها من دول العالم التى تأثرت بالوباء بدرجات كبيرة.
المؤشرات الحالية تتوقع حالة من عدم الاستقرار فى الأسواق العالمية، ولمدة لن تقل عن ستة أشهر لحين عودة العجلة إلى الدوران مرة أخرى، وهذه الفترة تتعدى قدرات الكثيرين على التنبؤ، لعدم التأكد من سيناريوهات كثيرة محتملة، وهو ما يتطلب من الدولة المصرية ضمان إنتاج جزء كبير من الغذاء محلياً للشهور التالية القادمة، وعدم المخاطرة إزاء عدم التيقن مما سيحدث فى أسواق الغذاء العالمية من تقلبات، وكذلك تقليل المخاطر المرتبطة باستيراد الغذاء من مناطق تعانى من مشاكل صحية متعلقة بـ«كورونا»، وكذا حركة الموانئ البحرية فى الداخل والخارج التى قد تعانى هى الأخرى من بطء الحركة، فى وقت لن تهدأ فيه البطون الجائعة، وأيضاً تقليل الضغط على النقد الأجنبى اللازم للشراء من الخارج واستخدامه فى مجالات حيوية أخرى، والاعتماد على النقد المحلى فى الإنتاج، ولو تطلب الأمر تقديم سلف مالية دون فوائد للمزارعين، لتمويل مستلزمات الإنتاج وإعداد الأرض للزراعة بضمان المحاصيل المتوقعة.
مما لا شك فيه أن القيادة السياسية على قناعة الآن بأهمية هذا القطاع الحيوى ودوره المحورى فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر، ولذلك يتضمن الاقتراح ضرورة قيام الحكومة فى أسرع وقت ممكن بتشكيل لجنة وزارية من وزراء الزراعة والرى والموارد المائية والتموين والتجارة الداخلية والتخطيط والبنك المركزى لاقتراح التركيب المحصولى الآمن الذى يضع فى اعتباراته ما هو مرئى وغير المرئى من مخاطر.
أتوقع أن يلقى الاقتراح اهتمام الدكتور مصطفى مدبولى شخصياً اتساقاً مع منهجه الاستباقى ويتقارب مع القرار المحترم لوزيرة الصناعة والتجارة بوقف تصدير البقوليات لمدة ثلاثة أشهر، لضمان تلبية احتياجات السوق المحلية خلال فترة الريبة التى نعيشها الآن.
حان الوقت الذى يجب أن نتحرك فيه بسرعة، لأن الكارثة التى يمر بها العالم -وليست مصر وحدها- مقبلة وفى مواجهتها نحتاج المزيد والمزيد من الإجراءات الصارمة والقرارات الحاسمة.. ولا نملك ترف الانتظار.