مما لا شك فيه أن هناك رضا مجتمعياً كبيراً حول أداء الدولة المصرية فى أكبر أزمة تواجه العالم، وهى مرض كورونا، فقد كان الأداء يعكس رؤية وتخطيطاً وقدرةً على استباق الأحداث وملاحقة الطوارئ.. كما أن التفاعل مع المواطن كان بأعلى قدر من السرعة والمسئولية، لكن كل ذلك لم يكن وليد اللحظة، أو نظراً لقدرات فارقة لأفراد الحكومة، بل إنه نتاج طبيعى لإنجازات حقيقية قام بها الرئيس السيسى منذ تولِّيه المسئولية، واعترض عليها البعض، وقاومها البعض الآخر، بينما تحمَّل الرجل جهد الإنجاز، وصبر تحمّل آراء المستعجلين أحياناً، أو المنساقين وراء حملات إعلام الإخوان فى أحيان أخرى.. والسؤال الذى يفرض نفسه: ماذا لو جاءت هذه الأزمة دون إصلاح اقتصادى أو تحوُّل رقمى أو تطور التعليم ومشروع التأمين الصحى أو تحرير مساجد الله من يد السلفيين والإخوان؟!
تحدى الرجل رفضَ البعض للإصلاح الاقتصادى واستمر غارقاً فى كافة تفاصيله بكل مسئولية، فانتعشت موازنة الدولة المصرية للمرة الأولى وأصبحت قادرة بشكل معقول على الصرف على هذه الأزمة التى هزت العالم كله، واستطاعت مصر أن ترسل مستلزمات طبية لدول كبرى صديقة خلال الأزمة، كما أنه لأول مرة ترسل طائرة لاستقدام أبنائها من مدينة ووهان فى الصين، وتخصيص مستشفى عزل لهم لضمان شفائهم، كما أن الرجل بدأ ولايته الثانية بأكبر مشروع لتطوير التعليم قاومه كثيرون أيضاً، لأن معظمهم ينظرون تحت أقدامهم، لكن لولا هذا المشروع كيف كانت ستواجه الدولة المصرية هذه الظروف القاسية فى ظل التطور العالمى نحو التعليم عن بُعد، وكذلك مشروع التأمين الصحى الذى بدأه الرئيس السيسى وسط إحباط البعض بأنه لن يتم، فهذا المشروع الذى بدأ فى محافظات قليلة، ومعه مشروع «100 مليون صحة»، جعل كل المنظومة الطبية فى مصر على أهبة الاستعداد لأى طارئ، وجعل هذه المنظومة مرتبطة بشكل علمى بمنظمة الصحة العالمية، فجاءت الأزمة لتتعامل معها مصر بكل احترافية فى ظل بروتوكول عالمى، وحظيت بإشادة منظمة الصحة وجميع الدول.
كما لا يستطيع أحد إنكار أن «السيسى» اهتم منذ قدومه إلى قصر الاتحادية بعملية التحول الرقمى فى جميع المجالات الاقتصادية والاتصالات وغيرها، وبالتالى استطاع المصريون تلبية احتياجاتهم فى ظل هذه الظروف القاسية.
لا يمكن أيضاً إنكار الجهد الذى تم فى استرداد مساجد الله من المتطرفين والسياسيين، والذى تم خلال السنوات الماضية، ولولا هذه الجهود لما استطاعت الدولة المصرية تنفيذ فتواها وقرارها بإغلاق المساجد.
أزمة «كورونا» لم تُظهر جهد «السيسى» فقط لكنها عبَّرت بشكل أو بآخر عن احترافية الحكومة المصرية والأداء المرئى من أول الظهور الشعبى اللافت لرئيس الوزراء المحنك والمتواضع د. مصطفى مدبولى، الذى تأخر فى تعريف الناس به، فكانت الأزمة -رغم آلامها- جسر عبور «مدبولى» إلى قلوب المصريين، وظهر معه وزراؤه يعزفون سيمفونية واحدة، بداية من المجتهدة د. هالة زايد وكل فريق عملها، والرائعة نبيلة مكرم التى يعتز بها كل المصريين فى الخارج، والطيار محمد منار وزير الطيران الجديد، الذى قدم نفسه للرأى العام المصرى بقراراته الصائبة، ومبادرته بقيادة طائرة لندن، والصابر د. طارق شوقى الذى يحارب طواحين الهواء حتى تستفيد عقول مصر الصغار ويتعلموا، ولو أحد غيره لاستسلم منذ بداية الأزمة وقرر إلغاء الدراسة وحظى بشعبية زائفة، والمستنير المقاتل د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بالإضافة إلى نيفين القباج وزيرة التضامن، التى أثبتت خلال الأزمة وبسرعة أنها خير خلف لخير سلف، للقديرة د. غادة والى.
كل ذلك بالإضافة إلى السند الحقيقى فى كل الأزمات الجيش المصرى وأيضاً الشرطة فى تحقيق الانضباط والأمن والسلامة، وأيضاً جهد الأطباء والمجتمع المدنى والمبادرات الشعبية.
أزمة «كورونا» واستقدام العالقين فى الخارج جعلت المصريين يشعرون ويفتخرون أنهم أمام دولة حقيقية ومحترمة وليس شبه دولة، بدليل أن كل المغتربين يتمنون العودة إلى الأم والحضن والمحترفة والمحترمة مصر.