«نعيق» البوم الذى تدمنه منابر جماعة «البنا» الإعلامية، أو قلة «شاذة» للأسف لا ترتقى حتى إلى شرف الانتماء لدولها العربية الشقيقة لوثت شرف الكلمة حين حولت أقلامها إلى سموم تنفث الكره بدلاً من الحقائق، اصطدم برهان خاسر آخر فى محاولته التشكيك بالوعى العام للشعب المصرى. رغم الاهتمام الدولى بمواجهة كارثة وباء عالمى وتغليب قيم الإنسانية على كل حالات العداء السياسى لم يتوان معتنقو «المراهقة السياسية» عن نشر الأكاذيب حول تعامل مصر مع إصابات فيروس «كوفيد 19» والتشكيك فى جدية استجابة الوعى العام المصرى للإجراءات التى فرضتها الحكومة، رغم أن الإشادة بإدارة القيادة السياسية للأزمة جاءت من كل الأطراف بعيداً عن أى مواقف «تحفز» سابقة تجاه مصر بعدما أصبح فشل تكرار هذه «الأسطوانة المشروخة» محسوماً أمام العالم نتيجة افتقادها إلى الحقائق والأدلة.
المؤكد أن قياس الوعى العام لا يخضع للأحكام المرسلة أو الأهواء الشخصية قدر ارتباطه بالأداء العام للشعوب خلال لحظات مصيرية عبر تاريخها المعاصر. يتعمد معتنقو مذهب «الأوطان هى مجرد حفنة تراب رخيصة» طمس حقائق ظهرت بالأرقام فى أوقات الأزمات حين بلغ وعى المصريين خلال حرب أكتوبر 1973 قمة درجات الرقى، بل أظهر أفضل صورة دفاعاً عن الوطن، حتى إن أقسام الشرطة لم تُسجل حادث سرقة واحد. الأجيال التالية بدورها خضعت لاختبار مصيرى أخطر عام 2011 لم يستهدف فقط أمن مصر القومى، بل امتد تهديده ليطال تماسك كيان الدولة واستقرارها السياسى. خاب رهان الأطراف «الراعية» لهذا المخطط الكارثى على استسلام الوعى العام وإمكانية الخضوع لما يُحاك له كأمر واقع. لم يستغرق توحد الشارع المصرى أكثر من أشهر ليتحول وعيه إلى كتلة دفاع صلبة عن شخصية مصر الراسخة منذ آلاف السنين وإنقاذها من بؤرة ظلام كادت تقود المنطقة العربية بأكملها إلى انهيار سياسى وأمنى.
اختبار ثالث استطاع الوعى العام استيعاب ضرورته، رغم كل المصاعب لينجح هذه المرة أيضاً فى اختبار القدرة على التحمل.. إصلاح اقتصادى كان لا بد من تجرع مرارته إنقاذاً للاقتصاد المصرى بعد تعرض مقوماته للاضطراب نتيجة تتابع أحداث سياسية ألقت بظلالها على كل الموارد الاقتصادية. إدراك الوعى العام المصرى ضرورة اجتياز مرحلة اقتصادية صعبة ظهرت دلائله مع إشادة جميع المؤسسات الدولية واعترافها بنجاح سياسة الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته مصر ونقل موقعها بين اقتصاد دول العالم إلى مراكز أفضل، بالإضافة إلى استثمار نتائجه مؤخراً فى تجاوز توابع الأزمة الاقتصادية التى واكبت كارثة اجتياح وباء «كوفيد 19»
لا أحد يزعم أن الصورة مثالية فى المطلق.. «اليوتوبيا» - المدينة الفاضلة - هى من خيال الفلاسفة فقط.. هناك تجاوزات عديدة ما زالت للأسف تخدش الصورة الرائعة التى تعودنا أن يستدعيها الوعى العام المصرى فى الأزمات. الثغرات التى ظهرت فى جدية تعامل الشارع مع كارثة الوباء العالمى قد تعود إلى اختلاف طبيعة التحدى من ملحمة مشاركة الجبهة الداخلية للجيش فى مهمة رد اعتبار الكرامة العربية عام 1973، إلى اصطفاف شعبى غير مسبوق لإنقاذ مصر من ميليشيا توهمت قدرتها على اختطاف الوطن على طريقة العصابات. طبيعة التحدى الحالى ترتبط بتهديد صحى فرضه انتشار وباء عالمى لم يحظ بدرجة الالتزام المطلوبة من شرائح مختلفة فى المراحل الأولى. الأمر المؤكد أن هذا الاستثناء رغم نماذجه السلبية التى تناقض حسابات التجارب السابقة لا يشكل قاعدة تتشبث بها منابر «الغربان» الإخوانية قياساً على مواقف أبهر خلالها الوعى المصرى العالم.