استكمالاً لما طرحته فى المقال السابق حول اقتراح حزب التجمع بضرورة قيام الحكومة بوضع تخطيط عاجل لدورة زراعية جديدة، وتركيب محصولى مختلف لموسم الزراعات الصيفية المقبل لمواجهة الأوضاع الطارئة، والتداعيات المتوقعة لأزمة «كورونا» وتأثيرها على قطاعات عديدة ومن بينها الزراعة، تلقيت من لجنة الزراعة بالحزب دراسة جديدة بتركيب محصولى مقترح لصيف ٢٠٢٠.
تنطلق الدراسة من واقع الأرقام والإحصائيات المتاحة عن المساحة الزراعية الإجمالية المقدَّرة بحوالى ٩٫٣ مليون فدان، ٦ ملايين فدان بالأراضى القديمة و٣٫٣ مليون فدان بالأراضى الجديدة، وتبلغ المساحة المحصولية على مدار العام قرابة ١٦ مليون فدان محصولى.
التركيب المحصولى الصيفى المقترح يركز على محاصيل الحبوب والأعلاف، التى تصل مساحتها فى موسمى الصيف والشتاء نحو ١٠٫٦ مليون فدان بنسبة ٦٦٪ من المساحة المحصولية على مدار العام، وهو ما يعنى أننا نتحدث عن ٥٫٣ مليون فدان فى موسم الصيف القادم ٢٠٢٠، بنسبة مئوية ٣٣٪ من المساحة المحصولية على مدار العام، ويتم توزيع تلك المساحة على محاصيل الصيف الرئيسية وهى الأرز والذرة بأنواعها (البيضاء والصفراء والعويجة) بواقع 2.3 مليون فدان أرز، و3 ملايين فدان من أنواع الذرة المختلفة.
مساحة الأرز المقترحة تستهدف إنتاج محصول يكفى لاستهلاك ١٠٠ مليون مصرى لمدة عام، ويضمن حصول كل مواطن على طبق من طعام الأرز يومياً، وهذا يعادل مساحة مليونى فدان، والباقى -3 ملايين فدان- يتم وضعه كاحتياطى لتقديمه إذا لزم الأمر للدول العربية والصديقة، مع ملاحظة أن المساحات المزروعة بالأرز يمكن دعمها بزريعة من أسماك المبروك والبلطى، لتوفير بروتين حيوانى طوال الموسم.
ويبقى سؤالان:
الأول.. هل المنتجون من المزارعين لديهم القدرة على زراعة هذه المساحة الكبيرة من الأرز؟ تقول الدراسة إن الخبرات السابقة عن الأعوام من ١٩٩٨ حتى ٢٠٠٧ كان يتم فيها زراعة مثل تلك المساحة الكبيرة من الأرز، وبالرجوع للمعلومات والإحصاءات الخاصة بالمساحات المنزرعة آنذاك، وكذلك الرجوع إلى أحجام كميات الأرز المصدّرة للخارج لبعض من تلك السنوات، بعد توفير متطلبات السوق المحلية، كلها تؤكد إمكانية تحقيق الهدف.
والسؤال الثانى هو ذلك المتعلق بالموارد المائية اللازمة لزراعة هذه المساحة، وهل هى متوفرة أم لا؟ وهل ستؤثر على الموارد المائية المتاحة والمخزون المائى ببحيرة ناصر؟ الإجابة تشير إلى أن المياه متوفرة لهذه المساحة ولن تؤثر على الموارد المائية المتاحة ولن تؤثر بأية حال على المخزون المائى ببحيرة ناصر، وسيساعدنا استهلاك المياه فى زراعة الأرز على زيادة أمان السد العالى، والاستفادة من مياه فيضان العام الماضى بإعطائها للمزارعين، بدلاً من إلقائها فى منخفضات توشكى، أو البحر المتوسط.
بالنسبة للثلاثة ملايين فدان الباقية يتم زراعتها بأنواع الذرة الثلاثة كالآتى:
الذرة البيضاء، ويمكن خلطها مع القمح لإنتاج الخبز، والذرة الصفراء والعويجة كعليقة للدواجن لإنتاج اللحوم البيضاء والبيض وكغذاء للماشية لإنتاج اللحوم الحمراء.
يبقى أن نؤكد أن هذه الدراسة جديرة بالنظر من قبَل الحكومة، خاصة أنها اعتمدت على بيانات وإحصاءات موثقة من جهات موثوقة مثل قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة، ومركز البحوث الزراعية، وكلية الزراعة بجامعة القاهرة، ووزارة الرى، وتلك المتوافرة لدى خبير مياه عالمى فى وزن الدكتور عبدالفتاح مطاوع.
الوقت يداهمنا، وأعتقد أننا لا نملك ترف الانتظار لاتخاذ القرار.