صحيح أن الكلام عن عالم ما بعد كورونا بالتفصيل سابق لأوانه.. وصعب الآن، لكن المؤكد أن هناك شواهد تغيير.. التغييرات كبيرة.. والتحولات أكبر.
التغييرات ابنة الظروف الكبرى.. أوروبا قبل طاعون القرن الرابع عشر غير أوروبا بعده.. العالم قبل الحرب العالمية الأولى غير العالم بعدها.
بعد الطاعون، مالت أوروبا إلى العلمانية.. وتلاشت سلطة الكنيسة شيئاً فشيئاً.. كانت التغييرات بعد الطاعون فكرية اجتماعية.. بينما التغييرات بعد الحرب العالمية الأولى كانت سياسية فى الأساس.
العالم ما بعد كورونا يتّجه شرقاً.. لمصر مكانة أكبر.. ولها مكان فى العالم الجديد أوسع، هى فعلاً جديرة به. بعد كورونا ستسقط تحالفات أوروبية، وربما تتغير دول.. وتظهر دول أخرى.
الاتحاد الأوروبى هو الكيان الأكثر تهديداً.. لدى الإيطاليون مشاعر شديدة بالغبن من باقى دول الاتحاد الأوروبى فى أزمة الفيروس.. السؤال على لسان الشارع الإيطالى الآن: لماذا تركونا وحدنا فى مواجهة الموت؟
السؤال نفسه لسان حال الإسبان: لماذا لم تساعدنا أوروبا.. وكيف لم يدعمونا؟
فى ألمانيا عاد مع الأزمة ظهور القوميات القديمة.. الجيرمان (ومواطنى الشمال) يرون أن مواطنى الولايات الجنوبية هم سبب الوبال.. بينما بدأ مواطنو الجنوب فى التساؤل عن أسباب اعتزاز قوميات الشمال بجنسها وقدراتها.. أكثر من اللازم.
تقوم أوروبا فى الأساس على مجموعات شبه عرقية.. وعدة قوميات.. إذا كان هؤلاء قد جمعهم الاتحاد الأوروبى.. فإن كورونا بدأت فى تفريقهم.
قبل كورونا كانت السياسة فى العالم الأساس.. بعد كورونا الاقتصاد هو المعيار.
على مواقع التواصل فيديو ذو دلالة سأل فيه مذيع إنجليزى محللاً اقتصادياً إنجليزياً أيضاً: كم ديون اليونان لأوروبا؟
- 367 مليار دولار.
- وديون أيرلندا؟
- 865 مليار.
- من الدائن لأيرلندا؟
- دول أوروبية أخرى.
- كم ديون إسبانيا وإيطاليا؟
- تريليون دولار على كل منهما.
- من الدائن؟!
- فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
- ما الموقف الاقتصادى لفرنسا وبريطانيا وألمانيا؟
- يعانون أيضاً اقتصادياً.. وبزيادة.
- لماذا؟
- لأنهم أقرضوا دولاً لا تستطيع سداد ديونها.
- ما الذى ستفعله فرنسا وبريطانيا وألمانيا؟
- يحاولون أن يجدوا المال لإنقاذ اقتصادهم.
- طيب.. من أين يأتون بالمال الذى ينقذ اقتصادهم؟
- .....................................
السؤال ببساطة: من أين يمكن لدول تتهاوى اقتصادياً، لأنها منحت قروضاً لدول لا تستطيع السداد، لأن اقتصادها متهاوٍ فى الأساس، أن تأتى بالمال الذى ينقذ اقتصادها؟
عاد المذيع لأسئلته: بكم تدين إسبانيا لإيطاليا؟
- 41 ملياراً.. ولا تستطيع الوفاء أيضاً.
- بكم تدين إيطاليا لإسبانيا؟
- 27 مليار دولار.. ولا يُمكن أن تُسدد.
سأل المذيع السؤال القنبلة: لماذا يبيع الشارع الأوروبى اليورو.. ويشترى الدولار؟
- لأن الدولار يبدو أقوى حالياً.. والسبب أن الصين تملك وتدير أكثر من 60% من الاقتصاد الأمريكى!
الاتجاه شرقاً.. مؤكد بعد كورونا.